المستشارة أنديرا الزهيري
L.A.P. / رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات
8 /5/ 2022
تعتبر أزمة السكن من أبرز القضايا التي يعاني منها المواطن اللبناني ، في ظل غياب الخطة الاسكانية والحوافزالمشجعة والداعمة .
إن هذه المشكلة تفاقمت منذ بدء الازمة الاقتصادية وتزامنت مع فقدان الثقة في القطاع المصرفي . ولا يخفى على أحد حاجة الشباب اللبناني إلى وحدات سكنية للاستقرار، وبالتالي فإن تدهورالوضع الراهن مع الوقت سيؤدي حمتاً إلى تحول هذه المشاكل إلى إحدى أهم القضايا الاجتماعية الأشد إلحاحاً التي تقلق العائلات اللبنانية، اليوم، وعلى مدى السنوات المقبلة.
في حديث أجرته مجلة " Opine Digest" الالكترونية مع رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات المستشارة أنديرا الزهيري عن أزمة السكن وتداعياتها على القطاع العقاري والاقتصادي.
Opine Digest: هل تجدين أن عودة " قروض الإسكان" سيخفف من أزمة السكن في لبنان؟
الزهيري : لا شك أن لدور قروض الإسكان أهمية في تحريك الدورة الاقتصادية وتسهيل تملك الشباب اللبناني في بلدهم إلا أن هذا غير كافٍ لعدة أسباب .
Opine Digest : لماذا هو غير كافٍ برأيكِ ؟
الزهيري : هناك عدة أسباب مباشرة وغير مباشرة ومهمة ولا يمكن أن نغض النظر عنها أو حتى نتجاهلها ، أهمها نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر :عدم إستقراروثبات سعر صرف الدولار ، غياب الرقابة الجدية ، فقدان الثقة في القطاع المصرفي ، تضارب القوانين وتأخير البت في القضايا العالقة أمام القضاء والتقصيرفي إنجاز المعاملات الإدارية والمالية بسبب خلل في نظام الحاسوب او إنقطاع الكهرباء أو بسبب نقص و فقدان الأوراق والمستندات لإنجاز المعاملات وغيرها من الأمور التي سردها قد يطول .
ولهذا إن " منح قروض الإسكان" في هذه الظروف قد يساعد ولكن هو محصور ضمن فئة محددة من المواطنين وضمن أماكن ومناطق محددة حصراً مما يشكل تضيقاً لخانة المستفدين من هذا القرض سواء كان الهدف منه شراء منزلاً أو لغاية الترميم، وهذا قد يخلق نوع من اللاعدالة وعدم المساواة بين المواطنين.
Opine Digest : هل يمكن أن توضحي لنا أكثر إلى ما تفضلتِ به في إجابتك السابقة ؟
الزهيري : بكل سرور ، إن هذه القروض لا نعلم مدى فعاليتها وخصوصاً انها ستمنح بالليرة اللبنانية في حين أن تقلب سعر صرف الدولارفي السوق الموازي وعدم ثباته يخفض من قيمة القرض الممنوح للمستفيد الذي يرغب شراء منزل في حدود 100 – 120 متر مربع في المناطق النائية والريفية بحدها الأقصى مليار ليرة وتقسط خلال 30 سنة بمعدل فائدة 5% ، ولمن أراد الحصول على قرض الترميم فقد حدد سقف القرض بمعدل 400 مليون ليرة تقسط على 10 سنوات.
Opine Digest : هل إنخفاض أسعار الشقق سوف يخفف من أزمة السكن ؟
الزهيري : لا يغرنا إنخفاض أسعار الشقق، بالرغم من هذا الانخفاض الملحوظ ، بقيت أسعار تلك الشقق لا تتناسب مع القدرة الشرائية والحالة الاقتصادية للبلد وهذا يعني ، عدم قدرة المواطن وبالاخص الفئة الشبابية حتى على الاستئجار، إلا ما هو ملفت إن أكثر من يقدمون على شراء الشقق في ظل هذه الازمة هو المغترب اللبناني، وبالتالي نحن مقبولون على أزمة سكنية غير مسبوقة.
Opine Digest : ما علاقة حق السكن بحق الملكية الفردية ؟
الزهيري :هناك خطأ فادح ممن يعتبر أن حق السكن يسمو على حق الملكية الفردية المكرّس في الفقرة "و" من مقدمة الدستور والمادة 15 منه. إن حق السكن متفرّع عن حقّ الملكية، لذلك إن محاولة تصوير البعض أن حق السكن يسمو على حق الملكية غير وارد وغير صحيح. وهو واجب على الدولة تأمينه وليس تحميل عبء هذا الحق من حساب مواطن على حساب مواطن آخر دون حتى ان تعوض عليه خسارته.
Opine Digest : ما هو وضع قانون الإيجارات القديم ؟
الزهيري: حدث ولا حرج، إنه المعضلة أو " قصة إبريق الزيت" لجهة تمديده ولجهة الظلم الذي لحق بفئة كبيرة جداً من المالكين القدامى ، و قضم حقوقهم ومنعهم بالتصرف بملكيتهم وفقاً للشرعات الدولية والدستور، وقد زاد من هذا الظلم تدهور الوضع الاقتصادي وإرتفاع سعر الدولار في السوق الموازي رغم أن معظم تلك الإيجارات معقودة بالعملة الوطنية ، ناهيك أن هناك قانون يعنى بأماكن الإيجارات السكنية صدر منذ عام 2014 وتعدلت بعض مواده عام 2017 وهذا قانون يمهد بتحرير تدريجي لتلك الاماكن تتراوح مدته بين 9 سنوات و12 سنة ومازالت هناك عراقيل وبعض العوائق هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان يجب أن يصدر لاحقاً قانون إيجارات يتعلق بأماكن الإيجارات غير السكينة ( أي التجارية والمهن الحرة وغيرها...) إلا أنه مازال يخضع للتمديد الغير دستوري وهو يسبب تعدياً صارخاً على حق الملكية الفردية وبالتالي إنّ أيّ تشريع يمسّ بسمة من سمات حق الملكيّة، لا سيما بحق صاحب الملك في الانتفاع من ملكه، من دون تعويض عادل، يكون تشريعًا غير دستوري و كان على المجلس الدستوري إلغاؤه لانه جاء على حساب فئة وسبب ضربة صارخة لحق الملكية الفردية وعاملاً مساهماً في تشجيع الفساد والهدر على حساب خزينة الدولة أيضاً.
Opine Digest : ختاماً ، ما هي الحلول التي تقترحينها للحد من أزمة السكن؟
الزهيري: لاشك أن حق السكن هو واجب على الدولة تأمينه وإيجاد حلول حاسمة وغير مؤقتة من خلال إعادة دور وزارة التخطيط ، وضرورة تفعيل القوانين كالايجار التملكي ، تحرير عقود الإيجارات القديمة التي لها دورأساسي في تحريك الدورة الاقتصادية المرتبطة بآلية العرض والطلب والتي ستساهم بإنخفاض لبدلات الايجار للشقق المعدة للايجار عند تعذر المواطن أن يتملك مسكناً ، بالاضافة توفير حوافز من خلال وضع الخطط الاسكانية المنظمة تتيح بدراسة المشاريع التي تساهم في الانماء المناطقي والبنى التحتية والتي تشجع العودة الى الأراضي المهملة لزراعتها والسكن فيها وطبعاً تخصيص دعم للمالكين وخصوصاً القدامى منهم من خلال الاعفاء الضرائبي تشكيل لجان لمساعدتهم في عملية الترميم والتدعيم وإستجلاب العروض التي تعيد إنعاش تلك الأبنية لتصبح أبنية صالحة للسكن تتوافر فيها معايير شروط السلامة العامة وذلك من خلال الهبات والمساعدات المقدمة من الجهات غير الحكومية والمنظمات الدولية .