بات شراء «سيارة قديمة» في سورية أمراً مستحيلاً، فالأسعار ترتفع باستمرار من دون أي اعتبارات، ومن يريد شراء سيارة اليوم، فإنه يتحتّم عليه البحث لمدة أشهر بين صفحات “فيس بوك” و مكاتب السيارات، حيث سعر السيارة ومن نفس الموديل، يختلف بمقدار 5 ملايين ليرة للسيارة الواحدة ، ناهيك بأن شراء السيارة هو للحاجة ولحفظ قيمة المال، ولكن حتى هذا غير ممكن مع أسعار السيارات التي أقلها 60 مليوناً.
وأكد بعض أصحاب مكاتب السيارات، أن الأسعار المطروحة للسيارات القديمة منطقية وواقعية، إذا قورنت مع ارتفاع الأسعار المتلاحق لبقية السلع والمواد، وكذلك قطع تغيير السيارات، مشيرين إلى أن السيارات القديمة، ورغم قلة بيعها، إلّا أنها أكثر تداولاً من السيارات الجديدة التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، حيث يبدأ سعرها من 200 مليون وما فوق.
ولفت أصحاب المكاتب، إلى أن أسعار السيارات ترتفع بين شهر و آخر حسب الطلب، مشيرين إلى أن عمليات البيع ليست بالجيدة مقابل العروض، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرة المواطن العادي على اقتناء سيارة قديمة، كما أن اقتناء السيارة لم يعد رفاهية، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وقطع تبديل السيارات، حيث أصبح الزبون يدخل بدوامة عملية حسابية صعبة قبل أن يفكر بشراء السيارة.
ووصف الباحث الاقتصادي الدكتور فادي عياش، واقع سوق السيارات الحالي بضعف العرض المتاح مقابل زيادة كبيرة في الطلب مع مرونة عالية للطلب، وبالتالي يقابله ارتفاع كبير ومطرد بالأسعار، مشيرا إلى أن معظم السيارات المتاحة في السوق هي سيارات مستعملة وقديمة بسبب منع الاستيراد منذ قرابة 10 سنوات.
و أرجع عياش سبب زيادة الطلب الكبيرة إلى الحاجة الملحة لوسيلة نقل، في ظل النقص الكبير في الوقود والتراجع الكبير في خدمات النقل العام وارتفاع تكاليفها الكبير من جهة، وكذلك الحاجة إلى استثمار يحافظ على قيمة النقود نتيجة الارتفاع المستمر لمعدلات التضخم وتغيرات سعر الصرف من جهة ثانية، وبالتالي تتحول السيارات إلى المضاربة، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها باطراد مع متغيرات التضخم وسعر الصرف.
وأوضح عياش، لصحيفة تشرين، أنه في ظل استمرار الظروف الراهنة، ستبقى أسعار السيارات ترتفع مع ملاحظة هامة، هي أنها في الواقع ورغم ارتفاع أسعارها المستمر، لا تحافظ فعلياً على قيمة السعر، لأن معدل زيادة الأسعار عموماً أقل من معدلات التضخم التي تزداد وبقفزات كبيرة وبشكل شبه يومي للأسف، وبالتالي لا تشكّل السيارات سلعة حافظة للقيمة إلّا على المدى القصير والقصير جداً، ما يؤدي إلى تآكل القيمة مع الزمن.
وأضاف: تتأثر الأسعار أيضاً بحسب نوع السيارة المرغوب ومدى توفر قطع تبديلها وحاجتها للصيانة ومصروفها من الوقود، وكذلك تتأثر بالقرارات الحكومية، فعند منع ترخيص سيارات العمومي، ترتفع أسعارها، وعند رفع الدعم عن السيارات من سنة صنع محددة ذات المحركات الكبيرة، يزداد سعر السيارات من سنة الصنع الأقل والمحركات الأصغر، وطبعاً يؤثر السماسرة أيضاً على سعر السوق بطرق مختلفة.
وأكد عياش، أنه واقعياً لا يمكن للحكومة ضبط أسعار سوق السيارات، فهي تخضع لقوانين السوق من حيث العرض والطلب.