ندى فرحات سيدة الاعمال الخيرية بامتياز

 


نرجس عبيد - 13 - 5 - 2022

 بعد أكثر من أربعين عاماً من الاغتراب في الولايات المتحدة الأميركية واكتساب الكثير من المهارات الحياتية وتعلُّم الكثير في سوق العمل وتحقيق أهم الاعمال الاجتماعية الخيرية ووصم هذهِ البصمة في الجمعيات الدرزية في الولايات المتحدة الأميركية تعود اليوم السيدة ندى فرحات وزوجها الفاضل الشيخ وليد فرحات الى حضن الوطن لبنان لتعوضه وتعوض الكثير من أبنائه عما فاتهُم وتقول أنهُ مهما حققنا أنا وزوجي مِن نجاحات وانجازات في أميركا إلا أنها لا تساوي شيئاً مقابل دعاء من شيخة فاضلة موحدة او شيخ فاضل يدعو لنا بالخير والتوفيق فما الفائدة مِن وراءَ كل هذِهِ النجاحات والإِنجازات إِن لمْ نُسخِرها لِمصلحة بلدي ونُفيدُ بِها أبناء شعبنا وهذا ما دعانا لِلعودة لِلوطن وتقديم كُلّ الدعم والمُساعدة لأهل بلدنا غيرةً عليهم وعلى مصالحهم المعيشية لإني أُريدُ لِمجتمعي اللُبناني ولأهلي أن يعيشوا عيشة مُرفهة وكريمة كما يعيشُ الناس في الخارج. 

وراء كُلِ رجُلٍ عظيم إمرأة وحضرتك سيدة فاضلة كُنت دوماً الى جانب زوجك الشيخ وليد فرحات ما هو الدافع الداخلي لديكِ الذي يجعلُكِ تندفعين نحو العمل الإنساني وعمل الخير؟ 

 تكون لديّ هذا الدافِع مِن خِلال أسئلة طرحتُها على نفسي عبر مسيرتي بالحياة كنت اسأل نفسي ما هو سبب وجودي وما هو دوري كانسان وهل يتوقف دوري كربة بيت تربي أولادها تربية صالحة وتعتني بأسرتها فكان الجواب لا، فلا بُد أن يتعدى دوري كمربية حدود البيت ويمتد باتجاه مجتمعي وكُل من حولي فأنا أنتمي لِهذا المُجتمع ولا أستطيع العيش وحيدة وأي شيء يحصل فيه يُؤثِر بي، وبالنسبة لي فأنا لا أستطيع العيش بِسلام وراحة واطمئنان إن كان غيري يُعاني، وما يُسبِب الحُزن والالم لغيري يُسبِبُ ذلك لي أيضا، ولِذا علينا أن ننهض بِمُجتمعنا ونُساعِد قدر الامكان لإن فرحهُم يُفرِحنا.

غيرتي على أبناء وطني وعلى مصلحة بلدي جعلني اطرح عدة أسئلة لماذا يعيش المُجتمع في الغرب بِأفضل حال؟ ونُحن في بلدنا نعيشُ في أسوأ الأحوال؟ لماذا لا نُواكِبهُم ونعيشُ بأفضل حال؟ ونُحنُ قادرين على ذلِك وفي مجتمعنا شباب نفتخِر بِهِم كُلهُم مُتعلِمين ومُثقفين ويمتلكون مِن القُدرات الفكرية والعلمية ما يكفي لِلنهوض بِأمتِهِم.

مِن خلِال مسيرتكَ الإنسانية والاجتماعية في الاغتراب في الولايات المُتحِدة الأميركية، كيف تُسخرين تِلك المسيرة خِدمةً لِلوطن؟

مُنذُ بداياتي كُنت أشعُر بِمسؤولية إنسانية تجاه الانسان وأتخيل أنهُ لن تكتمِل رِسالتي الإنسانية إلا بِإنِجاز مشاريع خيرية لِخدمة الانسان كمشروع إنارة مؤسسة الشيخ أبوحسن عارف حلاوى بالطاقة الشمسية وفي هذِهِ المُناسبة نُقدم تحية شكر وتقدير واحترام كبيرين لإدارة هذهِ المؤسسة الجليلة لِشفافيتِهِم ومِصداقيتهِم في التعامُل وحُسن إِدارتهُم لكل تفاصيل المشروع.

نيتنا مصروفة على الخير ونتعامل بإيجابية مع كل الإدارات في كل المؤسسات والمزارات الدينية من أجل تأمين مشاريع مُجدية وبنّاءة

كيف يعمل هكذا مشروع على تشجيع الآخرين على ثقافة العطاء؟

 من خلال تحقيق التنمية البشرية في استثمار المال ضمن مشاريع واضِحة يتم تسخيرها في المكان المناسب، وبكل مصداقية وشفافية فكم من الأموال تُدفع في المزارات ولكن للأسف لا نُلاحظ أي أثر لها برأيكِ ما هو السبب وراء عدم قُدرة مُجتمعنا على مُواكبة التطوُّر والحضارة والرفاهية التي يعيشها الغرب في الخارج؟ 

 لِسبب هام جداً لإن المجتمعات في الخارج مبنية على أساسات صحيحة وقواعدها قائمة على طريق واحد واهداف مشتركة بين جميع المواطنين وهي الانتماء للوطن الواحد وفي اميركا كلنا متساويين في الحقوق والواجبات ونحن كلنا لهذا البلد وولاؤنا نحوهُ دونَ سِواه، وعندما يُقسِم المُواطن قسم اليمين يُقسِم على أن يكون ولاءهُ فقط اتجاه اميركا ويقسم ان يكون مواطناً صالحاً ويجمعهُ مع الآخرين هدف واحد دون سواه هو الانتماء فقط لهذا البلد والولاء نحوهُ، بينما في بلد كبلدنا هذا البلد الصغير الذي لا تتجاوز مساحتهُ مساحة مدينة في احدى ولايات اميركا نهشتهُ الطائفية وقسمتهُ وبات ولاء الفرد نحو الطائفية ونحو الزعيم الحاكم والولاء للضيعة وللمناطقية وحتى في بعض الأحيان نرى الانقسامات ضِمن الطائِفة الواحِدة وهذا ما يخلقُ الانحيازات المناطقية وكُل فرد انتماؤهُ بِاتجاه طائِفتهُ ثُم منطِقتهُ وضيعتهُ ولِهذا فإن هذهِ الِانقِسامات تُفتِتُنا وتُضيعنا وتُضيّع ولائنا باتجاه الوطن وهذا خطأ كبير.


 وما هو الحلّ؟ 

إذا اردنا النهوض بِمُجتمعنا العربي هُنا علينا  اِستِئِصال هذهِ الخلفية من التفكير وتغيير العقلية المريضة التي يُفكِر بها والقائمة على الحكم المُسبق على الأشخاص كالحكم على انتماءه وعلى خطهُ السياسي هل يشبهنا او لا يشبهنا هل يخدم مصالحنا او هو عدوٌ لها، وهذهِ الطريقة مِن التفكير لا تخدِم الوطن ولا المُواطِن وهي طريقةَ تفكير هدامة مُحطِمة مُقسِّمة ونتيجة لذلك نشهد التقصير في الكثير مِن المجالات الصحية والتعليمية والمعمارية في الوطن. 

أنا مُؤمِنة أنهُ ربنا سبحانهُ تعالى وسِعَ ملكهُ السمواتَ والأرض عندما يرى أن أي إنسان نوى نية حقيقة نحو الخير فسيفتح لهُ الطريق بإذن الله 

السيدة ندى تخصُّص علم نفس وتاريخ لم تتخلي عن حلمك بإكمال تعليمك الجامعي بِتخصُّص علم النفس وبِهذا العُمر، فما تعليقك؟ 

بعد فترة طويلة من احتضاني لِأسرتِي وقيامي بواجبي نحو ِأولادَي على أكمل وجه  أشعُر اليوم أني أصبحتُ جاهِزة لِمُتابعة تحصيلي الاكاديمي وأنا في هذا العُمر فالإنسان الطموح لا تحُدهُ أي نهايات، وأُفقَهُ ليس لهُ حدود وعليهِ ألاّ يتوقف عند محطة مُعينة بل يُكمِل طريقهُ بِاتجاه تحقيق طموحاتهُ وأهدافهُ دوماً، والانسان هو الذي يخلق حدود لِطموحاتهِ، وهو الذي يرسِمُ لِنفسه النهاية، وعليه ألا يتقوقع بِمكانٍ واحِد ولا يُقفِل على نفسهِ الطريق ومهما مرّ بِمُعوِقات عليه التصدي لها ولا يسمح لليأس أو لِلإحباط بِالتسلُّل الى قلبه 

مهما مر على المرأ مِن صعوبات ومعوقات عليه ألا يستسِلم لها وعليه أن يستمر وأن يخلِق لِنفسهِ مئة سبب لِيُكمِل الطريق ويُشكِل عُنصر فعّال بأي مكان وأنا مُؤمِنة أنهُ مِن واجبي ترك أثر لِلمجتمع وللأجيال القادِمة مِن بعدنا.

حضرتك سيّدة مُجتمع وسيدة أعمال لامِعة ما هي أحدث نشاطاتك الاجتماعية في أميركا؟

 مُنذً حوالي السنة والنصف تقريبا أنضممتُ أنا وزوجي لِمجموعة مِن فاعلي الخير في جمعية (u help) وهي جمعية مُؤلفة مِن عِدة جمعيات للجالية هدفها المُحافظة على بقاءَ الطاقم الطبي في مشافي لبنان من خلال تقديم جميع أنواع المساعدة لهم هؤلاء الدكاترة الذين ما زالوا في أرض الوطن رُغم كُل الأزمات الصحية والمعيشية الحاصلة ككورونا والغلاء فهُم خط الدِفاع الأول على الصعيد الصحي ومعاناتهم كبيرة جداً، وقد تحملوا كُل المراحل الصعبة التي مرت بها البلاد مما اضطر الكثيرين مِنهُم لِمُغادرة البلاد بحثاً عن فُرص أفضل مِما ساهم بِانخِفاض عددَ أفراد الطاقم الطبي بِكُل مشافي لُبنان بشكل كبير جداً وسبّب هذا التردي الحاصِل في مُؤسساتنا الصحية والطبية، ولِذلِك كان مِن واجِبنا الوقوف الى جانب هؤلاء الأطباء ودعم المُستشفيات ومنها مستشفى عين وزين ومشفى الايمان ومشفى الجبل ومشفى العرفان في السمقانية ويترأس هذهِ الجمّعية الدكتور هايل سعيد والدكتور آصف ذُبيان. 

ومن أين تحصلون على ريعكم المالي؟

 نُحنُ جميعنا مُتبرِعون في هذهِ الجمعية نُساهِم من مالنا الخاص وجميع الخيرين والمعطاءين من الجالية الكريمة من كل ولايات أميركا يساهموا معنا في هذا الدعم المالي والحمدُلِلله حصدت جمعيتنا سُمعة طيبة وصلت أصدائها للجميع. 

ما هي الآلية التي تتبِعونها لِضمان وصول هذهِ الاموال بكل شفافية للشخص المُحتاج حصراً دون سواه؟ وتوعية الافراد المانحين؟ 

بدايةً المُهم أن تكون النيّة مصروفة على الخير وأنا مُؤمِنة جِداً بأن النيّة سابِقة لِلعمل ويجب ان تلحق النية الصادقة العمل الصالح، وعلى الانسان أن يؤمن بالإنسانية وتكون نيتهُ صافية اِتجاه المؤسسات المُستقبِلة لِلأموال، فهُناك الكثير من الأشخاص الشفافين الصادقين رُعاة هذهِ المؤسسات جزاهُم الله كُل خير، والحمدلله ربنا حبانا بعدد من الأشخاص من حولنا صادقون وشفافون وهم أهل كبير للثقة لان نيتنا كانت صافية وأنا و زوجي نُؤمِنُ بِوجود الخير في كُل مكان ونُؤمِنُ بِوجود اشخاص يستحقوا ثقتنا، ومِن جِهة أُخرى كُل إنسان مُعطي يجب أن يطلُب الشفافية والمُحاسبة. 

ما هي رسالتك لِإخواننا المُغتربين في اميركا وفي كل مكان لترفعي من حماسهم وتشجعينهُم على عمل الخير؟ 

أدعوهم أن يُبدِدوا شُعورهُم بِالشك ويزرعوا الثِقة مِن جديد ويتعاونوا معنا لِدعم ومُساعدة أهالينا في الوطن وليس من الضروري ان يبذلوا المبالغ الكبيرة، فقط بِإمكان أي مُتبرِع أن يبدأ بِمبلغ زهيد ويلتزم به شهرياً، ولو بمقدار 10 دولار فقط فالمُهم أن يُحافِظ على الاستمرارية لأن القصد مِن وراء الاستمرارية ولو بِمبلغ بسيط هُو التعوُّد على ثقافة العطاء وتعميم هذه الفكرة على الجميع لِما فيها الخير والبركة للجميع.

 واستناداً لِمقولة داني توماس (Danny Thomas) الأميركي من أصل لُبناني مُؤسس سانت جود ((St.Jude العالمية التي تُعني بِعلاج أطفال مرضى السرطان عن استمرارية العطاء، حيثُ قال: "أنا أُفضل أن يتبرع مليون شخص بقدر دولار واحد فقط من كل واحد منهم وبشكل دائِم أفضل مِن أن يتبرع شخص واحد مليون دولار مرة واحدة" والهدف أن يكون عدد المتبرعين أكبر ولِمُدة زمنية طويلة مما يضمن الاستمرارية، وهذا ما نُؤيدهُ مِن جِهتِنا لِإن هدفنا اِنتِشار فِكرة العطاء والتبرُّع بين أكبر شريحة مِن الافراد في المجتمع وهذا ما يضمن اِستمرارية دعم وبقاء أي مُؤسسة ومن جهة أخرى أي مُتبرِع يُبذُل مبلغ بسيط لا يشعُر بِالغُبن أو الظلم ويسهُل عليه دفع هذا المبلغ الصغير بالتزام شهري وهذا الالتزام ما نريدهُ.

 اقترح أن تعمل مؤسساتنا على تعميم ونشر ثقافة العطاء في مجتمعنا الدرزي ولو كان بمبلغ بسيط لن يُؤثر سلباً على الدافع بل هي سيُؤثِر إيجاباً على الجِهة الممنوحة

 لإن ديننا دين الجوهر ودين المضمون فأنا فخورةُ بانتمائي للتوحيد وهو ينطلِق مِن نفس الانسان ولا يحتاج لاستدعاء مِن الخارج أو فرض مِن جهة روحية أعلى ولا يفرِض على احد تطبيق الطقوس المادية بالعبادات لِإن السلوك الديني يجب أن ينطلِق مِن ذات المؤمن بِغض النظر عن مكان الصلاة أو وقتها ونحنُ نُصلي بأي وقت وبأي مكان والصلاة شيء خاص بينك وبين ربك، ولكِننا في هذهِ المرحلة الدقيقة علينا أن نتبع مبدأ حفظ الاخوان والعطاء. 

ومِن جِهة أُخرى على أي جمعية او مؤسسة تستقبِل التبرُعات القيام بِعمل اجتماع دوري لِكُل المانحين لها لِتُطلِعهُم على أعمالها ونشاطاتهم ومواقِع استثمار الأموال فيها وهذا ما يُشعِرهُم بِالطُمأنينة والفخر ويُحسِسهُم بِإنجازهُم وبِأنهُم شُركاء حقيقيين في بناء هذهِ المؤسسة ونجاحها ويوم وراء يوم تبنى الثقة وحجرة تسند حجرة

 (النيّة الصادِقة الصافية والتعامل بإيجابية مع الآخرين وتوقُع الخير مِنهُم أساس تحقيق النتائج الطيبة ولِهذا يجب أن نكون إيجابين ونتحمل بعضنا بعضاً ونتطلع نحو مستقبل مشرق بِتفاؤُل ونحو خيرٍ قادِم)