70% من اللبنانيين لن يتمكّنوا من شراء هواتف خلوية: أرخص هاتف يوازي 3 أضعاف الحد الأدنى للأجور

نوال الاشقر  13-7-2021


يبلغ سعر أرخص هاتف خلوي في لبنان 95 دولارًا تقريبًا، أي ما يوازي ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور، وفق سعر صرف الدولار في السوق الموازية، والذي لامس العشرين ألف ليرة. أسعار الهواتف الخلوية تترواح بين 95 و1500 $. بالتالي بات تبديل الهاتف القديم بهاتف جديد، بمثابة رفاهية، ليست بمتناول 70% من اللبنانيين، الذين تدنّت قدراتهم الشرائية، ولم تعد تسمح بأكثر من ضروريات الأكل والشرب والدواء إن وُجد. 

وفق أرقام الدولية للمعلومات، تراجع استيراد الهواتف الخليوية في لبنان، من 171 مليون دولار في العام 2019 إلى 93 مليون دولار في العام 2020،وهو رقم يعكس تراجعًا كبيرًا في الإقبال على شراء الهواتف الخلوية، بعدما باتت أسعارها باهضة جدًا، بفعل ارتفاع سعر الصرف.
في السابق وقبل النكبة المالية، كانت شريحة كبرى من اللبنانيين، تفضّل شراء هاتف جديد على إصلاح أي عطل أو كسر في الهاتف القديم، وهناك شريحة تلجأ بشكل دوري إلى تبديل الهاتف القديم بجهاز أحدث. كانت هواتف Samsung وApple الأكثر رواجاً في السوق اللبناني. اليوم تبدّل الحال، وباتت اللبناني يحرص على هاتفه من أي "زحطة" قد تكلّفه خروجه نهائيًا من عالم الهواتف الذكية، لاستحالة إقتناء هاتف آخر، وكثرت أعداد الهواتف ذات الشاشات المكسورة بين أيدي عدد كبير من اللبنانيين. كما تقدّمت طلبات إصلاح الهواتف على طلبات الشراء، وفق ما أكّد أكثر من صاحب محل لبيع الهواتف، وتوجّه عدد من المستهلكين إلى شراء الهواتف الصينيّة نظرًا لأسعارها الزهيدة.

 الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لفت في حديث لـ "لبنان 24" إلى شريحة كبيرة من اللبنانيين تُقدّر بحوالي 70%، لم تعد قادرة على تبديل أجهزة الخلوي " تتراوح رواتب هذه الشريحة بين مليون ونصف ومليوني ونصف مليون ليرة. سعر الهاتف الخلوي يبدأ بمليوني ليرة، أي بما يوازي راتبًا كاملًا وأكثر. بالمقابل هناك شريحة أخرى تقدّر بحوالي مليون لبناني، هؤلاء لديهم قدرة شرائية عالية جدّا، إمّا لأنّهم يتقاضون رواتب بالدولار، أو يتلقّون تحويلات من الخارج، أو لديهم شركات وأعمال تحقّق أرباحًا، أو ممن حوّلوا أموالهم إلى دولار، بالنسبة لهم الأسعار باتت أرخص من السابق، لذلك هم قادرون على ارتياد المطاعم وشراء السلع كالهواتف وغيرها".
صاحب شركة لبيع الأجهزة الإلكترونية أكد لـ "لبنان 24" أنّ مبيع الهواتف الخلوية تراجع بحدود 70%، لافتًا إلى أنّ أسعارها لم ترتفع، بل على العكس انخفضت، ولكن كونها بالدولار أصبحت أسعارها باهضة بالنسبة للذين يتقاضون بالليرة. كذلك حال قطع الهواتف، مثلًا شاشة الهاتف الخلوي كانت تُستورد بحوالي 30$، تُباع بـ 50$، اليوم لا زال المستورد يشتريها بنفس القيمة، ولكن قلّص من هامش الربح، وعمد إلى يبيعها بـ 35 $.
تراجع المبيعات ينسحب على الكومبيوتر واللابتوب والتابلت "tablet "، والطلب شبه الوحيد من قبل NGOs الذين يشترون من شركات في السوق المحلي للتبرع للمدارس والمعاهد، ويدفعون بالدولار، يقول صاحب الشركة نفسه "مبيعات اللابتوب للأفراد تراجعت إلى حدودها الدنيا، كذلك طلب الشركات اللبنانية كالمصارف وغيرها تراجع أكثر من 60%، ومعظم مبيعاتنا للـ NGOs، ولكن آلية البيع تختلف هنا، بحيث تُجرى مناقصات تشترك فيها أعداد كبيرة من الشركات، ونلجأ لتقليل هامش الربح إلى حدود كبيرة لنتمكّن من الفوز بالمناقصة. أمّا الشركات التي تعمل مع جهات وشركات محلية فقط، تأثرت مبيعاتها بشكل كبير، وتراجعت إلى حدود 70 و80 %".
نمط الإستهلاك تبدّل على وقع استفحال الأزمة المالية، وشهدت مبيعات الألبسة والأحذية والسيارات تراجعًا كبيرًا وفق شمس الدين "هناك سلع تخلّى اللبناني عنها، ومنها عدد من المأكولات. فاتورة الإستيراد تراجعت من 19.3 مليار دولار عام 2019 إلى 11.3 عام 2020، أي بحدود 8 مليار، مع الأخذ بالإعتبار ارتفاع استيراد الحبوب نتيجة الدعم".
مقولة "انتهى زمن الرفاهية" مستفزّة بعض الشيء، فأن يعمل الموظف طيلة عام كامل ليتقاضى ما لا يكفي لشراء المأكل والمشرب، فيه عقاب جماعي على ذنب لم يرتكبه، فلا هو أنفق 45 مليار دولار على كهرباء غير موجودة، ولا شرّع حدود لبنان لتهريب السلع إلى سوريا وغيرها من البلدان، ولا أخذ العمولات على مشاريع وهمية وسدود مائية فاشلة.والأخطر من كل ذلك أنّ التقشّف الحالي لا يترافق مع خطّة اقتصادية، تضع جدولًا زمنيًا للتعافي، بل يستمر مسار السقوط إلى قعر الهاوية، ويأتيك أحدهم ليتحدّث عن وزيرين مسيحيين، وآخر ليرهن البلد بمصيره السياسي.
المصدر:https://www.lebanon24.com/news/842277/leb