اجرت اللقاء المحررة: نرجس عبيد -4-8-2021 


هل لكَ أن تذكُر لنا نبّذة تعريفية عن بداياتِكَ؟

 حمدَ سعيد نوفل مِن بلدةَ الكُفير إِحدى قُرى منطِقة حاصبيا، بعدَ إِنهائي الدِراسة التكميلية في مدرسة القرية، انتقلتُ إلى مدرسة الصنائع والفنون في بيروت لِأُكمِلَ اختصاص ميكانيك الطيران فتخرجتُ في سنة 1972 بعدَ إِنهاء 4 سنوات دِراسة وبدأتُ العملَ في شرِكة طيرانَ الشرق الأوسط في السنة نفسها وكانتَ شركة طيران الشرق الأوسط من أوائل الشركات في مجال الطيران خدمة وصيانة على مستوى العالم والتي حققت لاحِقاً بصمة لُبنانية عالمية يُحتذَى بِهَا وعِندما بدأتَ الحرب الأهلية في لُبنان اضطررت لِإنهاء خِدمتي في هذهِ الشركة سنة 1976 وهاجرتُ الى الولايات المتحدة الأميركية لِمُتابعة دراستي مع رفيق الدراسة في الصنائع  (بشارة شربل) ولقد لاقينا كُل التشجيع والتِرحاب من صديقنا المُشترك الذي كانَ قد سبقنا إلى كاليفورنيا (خليل السيد)، فكُنا نحنُ الثلاثة مِثال العيشَ المُشترك الذي يُمثل التآلُف والانسجام الطائفي الديني لِكُل من عرفنا في شركة طيران الشرق الأوسط والذي كانَ سائِداً بين كُل أطياف المُجتمع اللبناني قبلَ الحرب الاهلية، وبعد عِدة سنوات أنهيتُ دِراستي الجامعية في جامعة نرورثروب في مجال صيانة الطائرات وعمِلتُ لِمُدة 32 سنة في إحدى شركات صناعة الطائرات إلى أن تقاعدتُ في أواخِر سنة 2010 وهذا من حيثُ سيرتي العلّمية والمِهنية، أما مِن حيثُ حياتي العائلية فقد تزوجتُ من السيدة الفاضِلة حسيبة الحلبي ابنة قرية الكفير سنة1981 ورزُقِنا ثلاث أولاد ليال وإسماعيل وريان والحمد الله. 


  • كيف كانت حياتك العائِلية والدينية في أُسرتِك؟ وماذا عن بداياتك في اِتباع مسلك التوحيد؟

 وُلِدتُ في منزل قروي مُتواضِع و والداي رحِمَهُم الله كانا شيخانِ تقيان مُلتزِمان بِالعبادة وبِاتباع مسلكِ التوحيد في كُل محاوِرَهُ وكانوا يُواظِبون على حضور جلساتَ الخُلوة الدينية في ليالي الاثنين والجمعة، وعلى الرُّغم من أنني أنتمي إلى عائِلَةَ مُتدينة ولِكنهُ يُمكِنُني القول أن معرِفتهُم التوحيدية كانتَ مُتوارثة ودرجَة معرِفتَهُم بِها مُتواضِعة غير مُتعمقة وهذا بِسببَ عملهُم المُتواصِل والشاق في تِلك الأيام العصيبة فلم يكونوا مُرتاحين ولمْ يتسنى لهُم الوقت الكافي لِيُعطونني أنا وإخوتي دورس في معرِفةَ مسلكَ التوحيد، إضافةً إلى أنهُم لمْ يُجبِرونني على التعمُّق في الدين والاهتمام بهِ اِحتِراماً لإرادتي أولاً، وتوافُقاً مع مُستوى وعيي الروحي آن ذاك ثانياً، حين كُنت شاباً صغيراً في مُقتبل العمر، إلا أنهُم قاموا بِواجبهُم بِشكل كامِلَ في مجَال التربية الاجتماعية وتنمية الاخلاق الكريمة وتعليمنا الِالتِزام بتطبيقَ عاداتَ وتقاليد دين التوحيد وهذا يُعتبرَ كمُستوى أول لتلقي مراتِبَ أرقى لاحِقاً. لِذلِك أستطيع القول أن معلوماتي في دين التوحيد التي حصلتُ عليها في لُبنان وخِلالَ السنوات الأولى مِن وجُودي في الولايات المتحدة الاميركية كانت على درجة بسيطة جداً من المعرفة التوحيدية، لِذلك كُنت كسائِر أبناء الطائِفة مُنهمِك في تأدية الواجبات العائلية والاجتماعية ومُنهمِك أيضاً في بعض مباهِج الدُنيا، ولِذلِك لم أُعطِ نفسي الوقت الكافي لِلتعرُف على دين التوحيد في تِلك الفترة، وقد قالَ أحد الأتقياء كُل شيء ليسَ على زيادة فهو على نُقصان، ولكن بعد تِلك المُدة قُمتُ بتغيير وِجهة السير وقررتُ أن ألتزِم بِدراسة دين التوحيد وبتعديل بِرنامجي وتنظيم وقتي لإجلهِ فأعطيتُ نفسي وروحي وقتاً إِضافياً لِلتعرُف على مسلك التوحيد الشريفَ ولازِلتُ في شوقٍ ورغبة عارِمة لِتعلُم واكتساب المزيد من هذهِ الحِكمةَ الشريفة التي لا تنْضب وأطلُبُ مِن الباري سبحانَهُ وتعالى أنّ يشُد أزري ويُعيننَي على ذلك.

مُفاجأة الوالِد المُغترِبَ في أسئلة أولادهِ عن الدين والأصولَ والجُذور بعيداً عن الوطن 


  • إذاً ما السبب الرئيسي الذي دفعكَ لِلتعمُّق في دين التوحيد؟

 في إِحدى أيام الاثنين عِندما عادَ أولادي مِن المدرسة الابتدائية في مدينة سيريتوس إلى المنزل، طرحوا علي سؤالاً مُفاجِئاً وصادِماً حفر أثراً عميقاً في نفسي وغير فيما بعد مسارَ حياتي وطريقة تفكيري بِشكل جذري، حيث قالوا: أصدِقاؤنا في المدرسة ذهبوا مع أهلَهُم يوم الاحد إلى الكنيسة فلِماذا لا نذهبُ نحنُ أيضاً إلى الكنيسة؟  وهلّ عِندنا كنيسة خاصة بِنا؟ هذا السؤال جعلَني أقِفُ مع نفسي لِبُرهةٍ مِنَ الزمن لِلإجابة عليه، وقُلت لهُم الجمّعية الدرزية هي موقِع اِجتماعنَا ومكاننا لِلعبادة وسنذهبُ إليها في أقربِ وقتٍ مُمكِن، وفِعلاً قُمتُ بِمراجعة بَرنامجَ نشاطات الجمعيّة الخيرية الدرزية فرع كاليفورنيا وكان على جدول الاعمال لقاءَ عائِلي في الأسبوع القادم من تاريخهِ وهكذا فقد ذهبنَا إِلى مركز الجمعية الدرزية الأمريكية وكان يومَ عائِلي بِامتياز وعاد أبنائِي إلى المنزِل وعلى وُجوهِهِم ملامِح الغِبطة والسعادة، وبعدها قررتُ الانضِمام إلى مجلس إدارة الجمعية مع الأُخوة والاخوات مِن أبناءِ الجالية الكريمة، وطلبتُ مِن رئيس الجمعية المرحوم عجاج العنداري استلام مهام اليوم العائِلي الذي كان يُقام كُل أول أحدَ مِن كُل شهر بِالإضافة إلى مهامَ اللجّنة الدينية وقد استمريتُ على هذا النحو لِمدة سنتين عمِلتُ خِلالهَا كُل ما باستطاعتي بالتعاون مع الأخوة والاخوات للتعريف بدين التوحيد وشرح الحكمة لكل أبنائنا وبناتنا ولجميع أفراد مجتمع التوحيد آنذاك وهذهِ كانت بداية الطريق للتعرف عى معتقدنا الشريف. 

  • ما هُو منصِبكَ بِالجمعية الدِرزية الأميركية؟ وما هي أهدافَكُم التي تريدون تحقيقها مِن خِلالهَا؟


 خِلالَ وجودي في مدينة لوس انجلوس في ولاية كاليفورنيا عمِلتُ في الجمعية الدرزية الأميركية بدايةً كعُضو مجلس إدارة عندما كان المرحوم عجاج العنداري رئيساً لها واستلمت نائب رئيس مع السيدة ريما جنبلاط  حيث كانت الرئيس وكان لي شرف العمل مع كُل الاخوة والاخوات من أبناء الجالية الدرزية في هذهِ الولاية، وفي الوقت الحاضر أنا وزوجتي أعضاء في هذه الجمعية بصفة (عضو مدى الحياة). هدف الجمعية الدرزية الأميركية في الولايات المتحدة عامة وفي كاليفورنيا خاصة هو لمّ شمل أبناء جالية المُوحِدين الدروز مِن كُلّ ولايات أميركا والعملّ على تكاتُف الايادي لِمُساعدة بعضنَا البعض، ولنا أملَ كبير في أن الجيل الجديد مِن أبناء هذهِ الجالية سيكونُ قادِراً على توصيل مركبَ المعرِفة التوحيدية الى شاطِئ الامان ولهُمْ مِنّا كُل شُكرِ وتقدير. 

  • كيف تُعرِّف دين التوحيد مِن منظورك الشخصي؟

 يُمكِنُني أن أُعرِف دين التوحيد لأقول أنهُ نِظام المنطِق وقد بدأَ مُنذ ألف سنة ونيف لِيجمع ما بين مفاهيم الديانات القائِمة آن ذاك كمفاهيم التنزيل والتأويل فكانَ التوحيد هُو الحلّ الوسط بينهُما، وتسعى فلسفَة التوحيد بِالمُوحِد حتى يسمو لِأعلى درجات الشوق لِمعرِفةَ المزيد بِكُلّ محبة وشغف فتحرِرُّهُ مِن براثِم الجُهل والضياع وتنزعَ عنهُ غُبار الانا الخبيثة فينجذِب بِكُليتهِ إلى باريهِ، وأودُ هُنا أن أستشهِدَ بِما طرحَهُ الفيلسوف سُقراط حيثُ قال: إِذا أردتَ الغِنى فما عليكَ إلا بِالزهد وإذا أردتَ العِلم والمعرفة فما عليكَ إِلّا بِالتوحيد، وإذا أردتَ الأمان فهُو غير موجود في هذهِ الدُنيا، وقال جلّ من قال: (بِالتوحيد تُعرفُ الأشياء وليس بِالأشياء يُعرفُ التوحيد)، لذلك فالتوحيد نِظام اِجتماعي يُنظِم العلاقات ويُديرها بين أفراد المُجتمع ولِنستشهِد بِما علّمهُ النبي شُعيب صلى الله عليهِ، وهو الذي ينظُرُ إليهِ الموحدين بِكُل إجلال وتعظيم وقد كان أول من علّم إِدارة الأعمال والتي يُنشِدُها اليوم الكثير من أبنائِنا وبناتِنا حيثُ علّمهَا لِلنبي موسى عليهِ السلام حين كان بِحاجة إلى إِدارةَ أعمالَ عشيرتهِ وأتباعهِ في ذلك الوقت. وهو نظام اجتماعي عائلي نظم العلاقات بين الأزواج فمن أكثر مِن ألفَ سنة مضت كانَ أول من نادى بِالمُناصفة بين الرجُل والمرأة فقدَ أُمِرَ المُوحِد بِالمُناصفة مع زوجتهِ في كُل ما يملُك من دينهِ ودنياه

  • ذكرت كما قال سقراط أن الأمان غير مُوجود في هذهِ الدُنيا؟ فهل ترَ أن جميع البشر يعيشون بِحالةِ قلقٍ وخوفٍ دائِم وهُم على وجه البسيطة؟ وأين يوجد الأمان إذاً؟


نعمَ هذا مَا قالهُ سيّدنا سُقراط سيّد المعرِفة ونحنُ كُلّنا طُلابُ معرِفة، وهُنا نقِفُ قليلاً لِنُعرِّف الأمان كما قصدهُ سُقراط وهو الأمان الروحي والأمان الفكري والنفسي للإنسان وهو الأمان الكُلي الذي لا تشوبه شائِبة وهذا الأمان لا يوجد إلا في دار الأمان وهي دار التوحيد أي دار المُوحِدون المقبولين أي المقبولة أعمالهُم عِند الله ولذلك يدعي الموحِد لأخيهِ المُوحِد ويقول: الله يجمعنا بدار الأمان وهي دار الآخرة الحق، ولِذلِك قالَ إن هذا الأمان الروحي غير موجود في هذهِ الدُنيا وهذا ما لا يُدرِكهُ الكثيرين الذين ينشُدون في حياتِهِم الأمان المادي والمعيشي ويظنون أن بتحقيقهِم هذهِ المكاسِب سيشعرون بِالسعادة ويحققون الأمان، إِلاّ أنهُم مُخطِئون في ذلِك لِإن هذا لا يُحقق الأمان النفسي والروحي للفرد وللمجتمع فهو أمانٌ زائِل يزولُ بِزوال مسبابتهِ الدُنيوية، فتراهُم يتسابقون لإمتِلاكِ مُتع هذِهِ الدُنيا ويتمسكون بِها كأنها دائِمةٌ لهم لا تزول فيقعون في أمرين فُضولُ الحلال وفضولُ المال.


  • كيف تر وضع الموحد (الدرزي) في بلاد الغرب، وبما أننا من دين التوحيد ألا يجب أن نكون أقوياء ومتحدين؟


إجابتي على هذا السؤال لهي من الصُعوبةِ بِمكان، ولِكي نكُون صادقين مع أنفُسنَا يجبَ أن تُقال الحقيقة كما هي ولو كانت مُؤلِمة فنحنُ في المهجرْ وهذا رأييَ الخاص واعتذِر مِن الأُخوة والاخوات لِمن لهُم رأيٌ آخر، حيثُ أننا في المهجرْ في حالةٍ مِن الذوبان والضياع، والاكثريّة مِنا يسيرُ بِالرأي والقياس، وأنا أتضرعُ إليهِ تعالى حتى يُعطينا البصيرة ويُهدينا الصِراط المُستقيم لإننا ضللنَا الطريق وغير قادرين على هدايةَ أنفُسنا ومِن هُنَا أودُ أن أتقدم من القيمين على الامور الروحية التوحيدية أينما وُجِدوا أن يستدرِكوا الامر قبلَ فواتِ الأوان حتى لا نصل فيما بعد إلى وقتٍ ومكانٍ لا تُحمدُ عقباه، وحيثُ لا ينفعُ الندم عِندمَا يقِفُ العبدُ أمام الله يوم الحشر ويُسألُ عمّا أُؤتُمِرَ بِهِ بِأمرِ حفظِ الأخوان فمن وضعَ تعاليمَ التوحيد يعلمُ جيداً أن المُوحِد ليسَ بِاستطاعتهِ أن يُعلِّمَ نفسهُ بِنفسِهِ وإلاّ لا لزوم لنا بِالذهابِ إلى المدرسة والجامعة، وهنا وَجِب على المُوحِد وهو المُستفيد مِن المعرِفة ان يتبع مفيدٌ أعلى مِنهُ في درجات المعرِفة لِيمُد لهُ يدَ المُساعدة في المسار التوحيدي الشريف فيُجنِبهُ الوقوع في التفسير الظاهري لِلكلِمة ويُنبِهَهُ إلى ضرورة الغوص في جوهر المعنى، وهُنا يُجب أن لا يكون لِلمُوحِد أكثر مِن مُفيدٍ واحد في نفس الوقت، ويجبَ أن نعلمَ أن المُفيد الاكبر هو النبي صلى الله عليهِ أشرفُ الخلق والانبياء أُخوتهُ الكِرامَ.

  • ما هي رسالتك التي تود إِرسالها مِن خِلال تعلُّمُكَ وبحثكَ في دين التوحيد؟

 مهما بحثتُ وتعمقتُ في التوحيد إلا أنني أعتبِر نفسي مازِلتُ طفلٌ صغيرٌ في مرحلة الحبو يسعى وراء المعرفة التوحيدية وعليّ أن أُعطي الفضل في علمي لِأصحاب الفضل وكان أولهُم المرحوم الشيخ محمد ابوشقرا وكِتابهُ (لُباب العلوم) وللدكتور سامي مكارم وكِتابَهُ مسلك التوحيد وإلى جميع إخوتي وأخواتي في أميركا الشمالية وعددهم يزيد عن 40 أخت وأخ وذلك من خلال الحوارات والمذاكرات معهم لاكثر من عشر سنوات خلت، ورسالتي لِكُل أخواني وأخواتي ولِجميعَ أبنائنَا أن يُجاهِدو بِكُلّ محبة وشغف لِلتعرُّف على دين التوحيد لِإنهُ الحقيقة الوحيدة الصافية التي نستقي مِن خِلالهَا على مصدرٌ الراحة والسعادة والأمان ... إعلموا أنكُم تنتمون إلى دين المنطِق والعقلانية، وأيُّ شيءٍ أشرفُ مِن هذا أمامكُم جوهرةٌ ليس لها ثمن تنتظِرُ مِنكُم الولوجَ إلى عُمقِ حقيقتها لتنعمُوا بِالمعرفةِ الحقّة والسعادة السرمدية 


يقولون إِن التوحيد صعبٌ ومُستصعب، حقاً إِنهُ صعبٌ على من لمْ يتقرب مِنَ الله تعالى بِكُلِ إِخلاصٍ ومحبة ولكِنهُ سهلٌ كثيراً على منْ يتشوق لِلتقرُّب مِن الله والشوقُ هنا أسمى وأعلى درجات المحبة 


ما هي وصيتك لِشباب وشابات طائِفة التوحيد في بِلاد المُغترب اليوم؟

 - إلى الشابات والشُبان المُؤمنين في دين التوحيد في بِلادَ الِاغتِراب .. أبنائي وإخوتي لقد أنعمَ اللهُ علينا بأنبياءَ ورُسلٌ كِرام لِيدلونا إلى حقيقة الجوهر، وسمُّوا بِالحدود فكانوا الدالين على صِدق الِلسان في جميع الأمور والمُحافظة على الإخوان في كُلّ الاوقات، وهل هُناك أشرفُ من هذهِ الخِصال فافتخِروا بِما أُوتيتُم بهِ مِن المعرفة التوحيدية واعلموا أنها كما قال الشيخ الدكتور سامي مكارم في إحدى مُحاضراتِهِ هي كغرفة مغلقة ولها بابٌ واحد ولكن يدُ المفتاح مِن الخارِج فقط فما على طالب المعرفة التوحيدية إلا فتح هذا الباب بيدهِ لِلوصول إلى المعرِفة الحق .. فهلِموا وشمِروا عن سواعِدكُم وابدؤا مسيرة السعادة الحقيقية والطمأنينة النفسية مسيرة التوحيد وأعملوا بِما ستتعلمون لِأن التوحيد هُو عِلمٌ وعملَ فلقدَ حملَ آباؤُنا وأجدادُنا هذهِ الشُعلة المُضيئة على مدار الف سنة ونيف وتحملوا لإجلها الكثير ووفاءاً لهم عليكُم أيضاً أن تمْضوا في حَملِ هذهِ الشُعلة، وتتحلوا بِالمعرفة التوحيدية الحق أينما كُنتُم وفي أي بُقعة مِن العالم حللتُم بِها، وأن تكونوا شُجعاناً بإيمانِكُم وتوحيدكُم وعليكم ان تكونوا المثال الذي يُحتذى بِهِ في أي مُجتمعٍ قدّر لكُم الله أن تكونُوا بِهِ فلا تتخلوا عن الفضائل والعادات التي ورثتموها عن الاهل أمام أي مُغريات وألتزِموا بِالأوامِر والنواهي التوحيدية لِإن التوحيد هو أمرٌ ونهي وخاصةً في أمور الزواج فإِلتِقاءَ المُوحِد بِالمُوحِدة وزواجَهُ مِنها هو مِن أهم الاوامر وبهذا يمكنهم أن يكملوا طريقهم في استحقاق دين التوحيد والتعرف على المعرِفة الحق. 

  • ألا تُوافِقُني الرأي بِأن الإيمان يمنحُ الشجاعة؟ فماذا تقصد بأن تكونوا شجعاناً يإيمانكم؟

 دائِماً تجري على مسامِعنا الجُملة التي تقول: أن المُوحِد شجاعٌ غيرُ جبان وهذهِ الجُملة يتداولها الاخوة والاخوات في مواقِفٍ عِدّة إلا أنها لا تعني أنهُ شجاعٌ في القِتال، وهذا الكلاَم منقولٌ وقد حُذِفَ القسم المُهِم مِنهُ سهواً ويَجِبُ أن يُتداول القول كمَا كُتِب، فالمُوحِد بِتوحيدِ باريهِ شُجاعٌ غيرُ جبان بِأن لا يُشرِكَ مع عِبادة باريه أي مخلوق على وجه الكون بِقولِهِ على الملأ وأمامَ كُلّ المخلوقات (الله لا إِله إلاّ هُو وحدهُ لا شريكَ لهُ)وهذهِ هي  القوة التوحيدية الكُبرى 

  • ما هي أوامر ونواهي دين التوحيد؟

  ونحنُ في التوحيد أُمِرنا بِأنهُ لا يجِبُ أن يكون هُناكَ مُوحِدٌ بِحاجة، ويجب على الجميع مساعدة بعضهم بعضاً مادياً ومعيشياً ولا يجِبُ على المُوحِد استغلال أُخوتهِ و هذا رمزُ القُوة والاتحاد. الامر بِحفظِ الاخوان بِمساعدتِهِم بِكُل ما يحتاجُونهُ مِن رعاية وهِداية على طريق الحق، وعدم اِستغابتهُم أو الطعن بِهِم أو إيقاع الفِتنة فيما بينهُم بأي شكلٍ مِن الأشكال وعلى الموحد أن يستمر بالسعي والسفر طلباً للمعرفة الروحية وأيضاً أن يُوسِع  دائرة علاقاتهُ الِاجتماعية بين إخوته وأخواتهُ. والعمل على الِلقاء والزواج بين المُوحِد والمُوحِدة هُو مِن أهم الأوامِر التوحيدية وبِهذا يُمكِنكُم البقَاء على طريق المعرِفة الحقّ والاستِمرار في المُحافظة على دينكم وإلاّ سرتم في الِاتجاه المُعاكِس لا سمح الله وهذا أمرٌ لا يليق بالتوحيد التوحيد أمر بالمُناصفة بين الرجل والمرأة وبِذلِك أُمِرَ المُوحِد بِالمُناصفة مع زوجتهِ في كُل ما يملُك من دينهِ ودنياه 

الدُنيا لم تكُن في يومٍ مِن الايام هدفٌ يسعى لِامتِلاكِها المُوحِد التقي الديان لإنها دارُ شقاءَ وليست دارُ بقاءَ ولِهذا يُشبهُ التوحيد بِالشمعة التي تحترِق لُتضيء ماحولها والتي يعملُ جميعُ أعضائِها مع بعضِهِم البعض ليتم النور التوحيدي الحقيقي. 


  • ما رِسالتكَ ووصيتك أيضاً لِلموحدين في البِلاد العربية وخاصةً في هذهِ الظروف الصعبة؟

 - أخوتي وأخواتي أبناء التوحيد في جميع الدُول العربية ماذكرتهُ إلى أبنائِنا وبناتِنا في الاغتراب هُو مُوجهٌ لكُم أيضاً، ولكن هُناك فارِقٌ هام بينكُم وبينهُم لِأنكُم أقربَ إلى وطنكُم الأم من إخوانكم في عالم الاغتراب، وهذهِ نعمةٌ أفاضهَا اللهُ عليكُم، لِهذا أودُ مِنكُم أن تتذكروا أن المُوحِد عليهِ مُحاسبةَ نفسهِ في كُل خطوةٍ يُخطيها وفي كُلٍ نفَسٍ يتنفسَهُ وأن يتعاملَ مع الافراد الآخرين في المُجتمع بالتي هي أحسن، وأن يُبقي نفسهُ مُحصنةً ضِد السُلوكيات التي لا تؤُول إلى التوحيد بِصِلة، وأن يصبُر على البلاءَ والمِحن ويتمسك بدينهِ فالتوحيد كالجمرة المُلتهِبة في يد الموحد لا بُد لهُ من التمسُّك بِها مهما أحرقتهُ، وهذا هو الطريق الوحيد لتطهيرِ نفسهِ وتوحيد باريهِ فكونوا لِبعضِكم البعض مُتعاضدين، فنحنُ نعيشُ في هذهِ الحياة لإيفاءِ الآخرين مِن الأخوة والاخوات ديونهم التي نحمِلُها لهُم مِن قبل 

  • ما الذي تقصِدهُ بِأَننا في عقيدة التوحيد نعيشُ لإيفاء الآخرين دُيونهم التي نحمِلها لهُم مِن قبل؟

  - نحنُ في دين التوحيد نُؤمِنُ بِانتِقال النفوس ولِذلِك النفس التي تنتقل مِن جسد الى آخر تنقُل معها الاعمال ونتائج الاعمال من الحيوات السابقة إن كانت خيراً وإن كانت شراً، فإن كانت خيراً تُجزى بالخير في الحياة القادمة وإن كانت شراً تُكفِرُ عن ذنوبها ببعض العذاب والتعب والمشقة في الحياة لِتُنقي نفسها وتُطهِرُ نفسها قبل مُلاقاة الله يومَ الحِساب، فكُلُنا لنَا ودائِع لِدى بعضِنا البعض علينا أن نُسلِمها، وعلينا ديون يجبَ أن نوفيها في كُل جيلٍ على حدى.    

  • لِم تُصِرُّ على توصيف الدُنيا وحصرهَا بِأنها دارُ شقاء؟

 - سُميت الدُنيا دارُ شقاء لِما فيها مِن مُغريات كثيرة يسعى العبدُ لاِمتِلاكِها والتمتُع بِها إلى ان تقودهُ إلى المعصية والظلام وهذهِ المُغريات الكثيرة تُبعِدَهُ عن مذهب التوحيد فتتراكمُ عليهِ الذُنوب والديون، وهكذا يبقى العبدُ يدورُ في حلقة مُفرغة ويتعذب قي بقائهِ في هذهِ الدُنيا ويشقى كثيراً عن طريق بذل التعب وبذل جهاد النفس ضد المغريات ليتخلص من ذنوبهِ ويتحرر مِنها مُقاوِماً كُل ملذاتِها، ولطالمَا هو موجودٌ فيها سيستمرَ بِشقائهِ في الغوص في ملذاتِها ومُغرياتها ولن ينعُم بِالراحة إلاّ إذا تمكن من أن يُسيطر على على هذهِ المُغريات ويبتعد عن هذهِ الاِتجاهات الغير مُناسِبة، وأن يستغل الدنيا في محبة الله وعبادتهِ وهكذا تطمئِنُ نفسهُ ويحصل على الراحة الابدية لاحقاً 

  • ما المقصود بِأن التوحيد يُشبِهُ الشمعة؟ وماعلاقة الشمع والحسكة والنور والنار 

 تتألف الشمعة من العناصر الخمسة الشمع والحسكة أي القاعدة التي تستند إليها الشمعة وخيط القُطن الذي يحترِق بِالنار ويُعطي النور لِكُل ما حولهُ وهذهِ المُكوِنات الخمسة لا يُمكِن أن تُعطي هذا النور إلا متحدة سوياً عندما تعملُ مع بعضِها بعضاً وهكذا فإن المُوحِد يتألف من نفس هذه العناصر ولا يُعطي النور إِلا بِتعاون هذهِ المُكوِنات مع بعضها البعض، ولِذلِك شُبِه التوحيد بِالشمعة التي يجب أن تكون مُتماسِكة كُلياً حتى تصِل بِالمُوحِد إلى الهدف السامي وهو التقرُّب مِن الباري تعالى. 

  • ما الذي تود أن تقولهُ للموحدين الدروز في اِلجمعية الدرزية في أميركا؟

 - أقولُ لهُم كمَا يقولُ المثلَ العام أِسعى يا عبدي لأسعى معك وأقول لهُم أن الجمعية لا يُمكِنها أن تقوم بأمور كثيرة دون مساعدة أعضاءها وأفرادها بعضهُم لِبعض وأقولُ لهُم كما قال الرئيس الراحل كندي: إسأل ماذا يُمكِنك أن تُقدِّم ولا تسأل ماذا سيُقدم لك وطنك والآخرون، لِذلِك دائِما كُنتُ وما زِلتُ أطلُب مِن الأخوان أن يتعاونوا جميعاً ويتماسكوا يداً بيد حتى يستطيعوا أن يُحقِقوا الجهود الجبارة التي تنتظِرها مِنهُم الجمعية دون التعاطي في السياسات القديمة غيرَ المُجدية. 

  • كيف مِن المُمكِن أن تُساهِم جمعيتكُم الكريمة بتقديم يد العون ومُساعدة الموحِدون في سوريا ولُبنان ضِمن هذهِ الظروف القاهِرة؟

 بِالتأكيد هذا واجِبنا اِتجاههُم وحقهُم علينا وإنشالله لنْ نُقصِر بتقديم يد العون على الصعيد المادي والاجتماعي والاقتصادي إنطلاقاً من إيماننا بالمعرفة التوحيدية بأننا نعيشُ في هذهِ الحيوات كُلها وتتراكمُ علينا ديون، علينا إيفائَها لِبعضِنا وأتمنى من الجميع في أميركا ودول الاغتراب أن يفهمُوا هذِهِ المُعادلة حق الفهم ليقوموا بِواجِبهُم التوحيدي اِتجاه إخوانِهِم في سوريا ولُبنان. 

  • ما هي نشاطاتك وأعمالك خارِج إِطار الجمعية؟

بعد أن قُمت بواجبي ولو بِجُزأ صغير اتجاه أبناء الجالية الدرزية من خلال الجمعية الدرزية في كاليفورنيا بِتقديم المُحاضرات المعنية بالتعريف عن دين التوحيد واستضافة المشايخ وتنظيم الندوات حول حياة الموحد الحقيقي من حيثُ الحياة الروحية ومن حيثُ سُلوكهُ اليومي، وبعد أن انتقلتُ مِن مرحلة العمل المُتواصِل إلى حياة المُتقاعِد، كان نشاطي الأول و هوايتي أيضاً هي لعبة الغولف وهي كنشاط رياضي كنت أمارسه بالمشاركة مع الكثير من الاخوة وأيضاً الاعتناء الزهور والأشجار لأني احب هذا العمل منذ ان كنت صغيرا وكذلك أقومُ بِرِفقة زوجتي بِبعض الزيارات إلى دُول مُتعدِدة حول العالم لِلتعرُّف على دين التوحيد، والبحث في جِذورِهِ وأصولِهِ ولِلتعرُّف على عادات وتقاليد الدروز مِن كُل الجنسيات المُختلِفة وطبيعة سلوكهم وحياتهم، لإن الدين هوعِلم وعمل أي مُمارسة وسلوك يومي.