فيلم " الفزعة 25 " ...نقطة سوداء في سجل السينما السورية

عهد أسد النبواني - 11-9-2021

ما إن انتشر خبر هجوم داعش على جبل العرب في سوريا ، في تاريخ 25 يوليو / تموز عام 2018 حتى بدأت الفزعات من جميع مناطق و قرى الجبل لصد هذا الهجوم ، آلاف الشباب والرجال والشيوخ بعضهم كان مسلحاً بالعصي وآخرون بأسلحة خفيفة وصلوا إلى أرض المعركة ، واستطاعوا كسر شوكة التنظيم واستعادوا القرى التي دخل عليها التنظيم بعد خسارة مئات الشهداء . 

فقد حُفر هذا اليوم في ذاكرة جميع أبناء جبل العرب  فالبرغم من الانتصار الكبير على التنظيم فقد قدمت المحافظة عدداً كبيراً من أبنائها  شهداءً في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض ، وتحدثت عن هذه المعركة جميع دول العالم وجميع الفضائيات والقنوات العالمية .

 وقد حاول كثير من الجهات إنكار وتشويه ما قام به أبناء السويداء وتشويه البطولات التي قاموا بها في ذلك اليوم ، ومن أبرز المساهمين في هذا التشويه المخرج قصي العيسمي من مواليد محافظة السويداء في 15/5/1991 الذي قام بإخراج فيلم توثيقي يتحدث عن ما حدث في هذه المعركة تحت اسم " الفزعة 25 " . 

وللأسف أن هذا الفيلم افتقد لجميع معايير المصداقية ولم يستطع إيصال الحقيقة كما حدثت فعلاً ، بل كان عبارة عن عمل بدائي ساهم في طمس الهوية البطولية لأبناء المحافظة  ، ومن المؤسف والمعيب أن يتم الموافقة على عرض هكذا عمل يشوه تاريخ مشرف لمعركة 25 تموز . 

وبحديث منقول للمخرج العيسمي  صاحب الإنتاج والتوزيع الفني للعمل وبسؤاله عن الفيلم قال : " إن الفيلم يتناول العديد من الأحداث والقصص الحقيقية التي شهدتها أرض المعركة ، منها الطفل سلمان ذو السبعة أعوام وهو يقوم بسقاية المقاتلين ، والمرأة التي قاتلت لحماية أطفالها وعرضها ، وكيف أن المقاتلين لم يقتلوا أي أسير من داعش وغيرها من الأحداث " .

 

وأضاف قائلاً : " إن الفيلم يرصد الأحداث في جبل العرب قبل نحو 11 يوم من وقوع هجوم داعش ، وهو تعريف بهوية المجتمع في جبل العرب "  وفي الحقيقة أن هذا الكلام غير دقيق بل مبالغ فيه إذ أن الفيلم لم يصور سوا بعض الأحداث التي حدثت آنذاك ونسي العيسمي أن فيلم يحمل اسم الفزعة 25 يجب أن يكون حقيقياً صادقاً وأميناً في نقل الصورة للمشاهد ، فلم يكن المخرج على قدر المسؤولية في حمل هكذا اسم يخفي خلفه ملاحم بطولية من الصعب وصفها .

 الفيلم الذي بدأنا نشاهد الإعلان عنه منذ قرابة العامين وأخذ ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي كان مخيباً للآمال بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، ولا يجب اعتباره عملاً سينمائياً فهو جريمة في حق السينما السورية .

لا ننطلق برأينا من المجهول، ومن نظرة شخصية بحتة، بل من استطلاع أجرته مجلة " OPINE DIGEST " مع أبناء المحافظة بعد العرض الأول للفيلم وعن آراءهم حول هذا العمل، حيث كانت النتيجة مطابقة لما ذكرناه وهذه عينات منها .

الشاب خالد قال : " لقد كنت من بين الأشخاص اللذين قاتلوا تنظيم داعش في ذلك اليوم وكنت أنتظر هذا العمل ليوصل صورة عن البطولات التي قمنا بها حينها ولكن كان العمل فخيب للآمال ، ولم يستطع المخرج إيصال ولو 1 % من الأحداث الحقيقة " .  

الشيخ فؤاد أوضح رأيه بالفيلم بقوله : " لو لم أكن أنا من محافظة السويداء وأعرف جيداً ماذا حدث في ذلك اليوم لما استطعت معرفة الأحداث كاملة من الفيلم ، فإذا جاء شخص من خارج المحافظة لن يقدر على فهم ماذا حدث بسبب الضعف الإخراجي وعدم تسلسل الأحداث " .

 الآنسة رغد وهي معلمة في إحدى المدارس الثانوية في المحافظة قالت : " لقد تابعنا الإعلان عن الفيلم بشغف كبير وكنا منتظرين عمل يبقى راسخاً في أذهاننا مدى الحياة ، ولكن النتيجة كانت غير ذلك تماماً فقد شاهدنا عملاً أقل ما يقال عنه انه بدائي من مخرج مازال يشق طريقه في عالم الإخراج " . وأضافت " كلمة فيلم سينمائي كبيرة جداً على هكذا عمل " .

  فلو قارنا بين فيلم " الرحلة 17 " للمخرج الشاب علي الماغوط الذي روى قصة حصار الفرقة 17 في محافظة الرقة والذي صُورت أحداثه خلال ستة أيام فقط ، وفيلم " الفزعة 25 " الذي أخذ ما يقارب عامين من العمل فلوجدنا أن تسمية هذا العمل بالفيلم السينمائي هي نقطة سوداء في سجل السينما ، وإن الموافقة على عرض هكذا عمل يعد تشويه لتاريخ السينما السورية أولاً وللملاحم البطولية لأبناء جبل العرب ثانياً . 

ويذكر أن الفيلم قد عُرض في محافظة السويداء لمدة أسبوع كامل في المركز الثقافي وفي سينما البازلت ، وانتقل العرض إلى محافظة دمشق ، ومن المقرر أن يتم عرض الفيلم في عدد من الدول أبرزها دولة الإمارات والسعودية وألمانيا .