رفيق علي احمد :"أعود إلى المسرح عندما يعود لبنان …"


 عبير قيس - 17 - 3- 2023

رفيق علي أحمد بمساحة وطن

 سمعته يتحدّث في مقابلة تلفزيونيّة على إحدى المحطّات الأرضيّة في برنامج مميز. شدّني صوته الجهوريّ الثابث ثبات الأرز، وأحسست أنّي أسيرة  تفكيره الذي  يدخلك الى عالم من القيم الجوهريّة تزداد أصالة كلما عتقت. وجه مشرق يعلوه غبار السّنين، غبار أبيض طاهر يشعّ هالة  حول وجهه! عيناه تتّقدان فطنة ، رجل أكل الدّهر عليه وشرب، حركات يده تشعرك وكأنّك أمام خشبة العرض تترقّبه بلفتاته وسكناته ترقّب العاشق لطيف المحبوبة. فما أشدّ إحساسي به وبمعاناته التي بدت كأشعة شمس في آب!!!  

هامته بحجم وطن تعيش فيه كلّ الفئات المتناقضة في محبّة لقدسيّة هذا التراب الذي جبلهم وللقيم  الانسانيّة والاجتماعيّة التي صهرتهم في بوتقة واحدة لا تتجزأ لتشدّ من عزمهم وتقوّي أواصر المحبّة فيما بينهم. 

بدا حاملً همّ الوطن في فؤاده، الوطن الجريح على مدار ربع قرن... رغب أن  يعبّر عن جرح المواطن الصامت الذي آثر ان يسمع معاناته بصوت غيره!! اغرورقت عيناه بالدّمع، وغصّ فمه بالنّطق حين  سئل:" من أهمّ ممثّل أو ممثّلة وقفت  في وجهها؟ وهنا أجاب بعد صمت حسبْته دهرا .الشّخصيّة التي أعبّر عنها بكلّ جوانبها المفرح منها والمحزن هي البطل الحقيقيّ التي لأجلها يسهر، يضحي ب ارحته ويتحمّل لأجلها القدح وال نّقد وأحيا نا الذّم.  إنّها بصدقٍ صورة تعكس ما يرغب بشغف في تجسيده على خشبة مسرح الحياة ليأخذ المتفرج منه العبرة والمثل الحسن، وصو لا الى تقييم ذاته  ومواجهة أخطائه لتصحيح مساره ، ثمّ  الى بناء وطن ، الوطن الحلم!! 

 ها هو يعترف صراحة وبالفم الملآن انّه  هزم في معركة التغيير وبناء الوطن الجامع انطلًاقا من عمله في الدّراما التي وجدت لخدمة الانسان. انصرف وفي قلبه غصّة محرقة التمسها الآن. انصرف وصو ته مذبو ح  في جوفه، نعم أحسّ بالهزيمة متى؟ ! عندما بدأ الجمهور ينظر إليه، ويأتي لسماعه وكأنّه يشاهد مهرّجا هزليا مضحكا!!! هو بقي على حاله من الرفعة والسّموّ لكن هم من تغيروا... انقلبوا على ذاتهم على لبنانهم، وماتت ضمائرهم ! فما عادت الصّرخة تنفع أو الكلمة تداوي وتهدّىء ما أفسدته الطائفيّة والغوغائيّة  وباتت قهقهات الألم هي المدوّية في المكان. فما أقبح هذا المشهد ان نهزأ بمعاناة الذات !!!

    فلا تحزن أو تجزع رفيق علي أحمد، فما نسجته من أعمال ومواقف ستبقى محفورة في ضمير هذا الوطن الذي أحببْته، وأحبّك بصدق دون رياء أو تملق. هنيئا لك فعلك! نحن جيل اليوم والمستقبل الواعي نخاف خوض غمار التجربة التي خضْتها. ربّما يلزمنا ان نتسلح بالايمان بلبنان ونتحدّى متّحدين هجمة فئات طفيلية تسعى الى زعزعة ثقة اللبناني وحقّه في أرضه.  

كفانا استكانة لننهض ونكمل درب من سبقنا الى الجهاد لاعلاء اسم لبنان عالياً لنستحقّ شرف الانتماء إليه وطنا للجميع…