9- 2- 2023
عمل الجمعيات
في ضوء تطور مفهوم الجمعيات/المنظمات الاهلية الذي تقدم دورها لتصبح جزء أساسي في التنمية والتطوير، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أهمية ودور تلك المنظمات الإيجابي البنّاء، كونها منظمات غير حكومية لها طابع وطني او دولي في مجال الدفاع عن قضايا حقوق الانسان والحريات الاساسية وقضايا التنمية.
في محور يتعلق بموضوع ودور الجمعيات في التنمية المستدامة، مجلة الرأي الآخر الالكترونية " Opine Digest" تجري حديثاً مع رئيس جمعية متطوعون بلا حدود المستشار "رياض عيسى "، عضو مجلس إدارة إتحاد المدربين العرب وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد العربي للعمل التطوري ولا يمكن أن ننسى دوره المجتمعي بصفته ناشط وباحث وخبير بقضايا المجتمع المدني والنقابات العمالية كما هو مستشار معتمد.
نتيجة عجز الدولة وتقصيرها في القيام بواجباتها وعجزها عن سد حاجات المواطنين منذ الحرب الاهلية حتى يومنا هذا ، ونتيجة وجود مناطق نائية مهمشة، وبوجود عدد كبير من العاطلين عن العمل، الاسر المحتاجة والفقيرة ، الحروب الدائمة والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان، ناهيك عن النزوح الداخلي والتهجير وغيرها من المسائل الإنسانية الملحة، لذلك كان هناك دائماً احتياجات ضرورية لتأسيس عدد كبير من الجمعيات الانسانية والأهلية والمؤسسات الخيرية لتسد الفراغ الحاصل لتلبية المطالب الانسانية والتي جاءت نتيجة لغياب الدولة ومؤسساتها وضعفها وتقصيرها و هذا الشيء أدى الى فوضى كبيرة في عمل الجمعيات لانه هناك غياب للاطر الديمقراطية للرقابة والمحاسبة والشفافية .
في هيكلية عمل الجمعيات ، تتألف من هيئات عامة إذ تعتبر هي السلطة الرقابية والتشريعية كما لديها هيئتها التنفيذية. من أحد مظاهر الجمعيات ، عندما كان هناك حاجة لتأسيس جمعية كبيرة وضخمة لجهة ما ، أُسست الجمعيات بطريقة محتكرة وجُعلت محصورة ضمن عائلتهم ولم يسمح بفتح باب الانتساب لأحد وإنحصرت ضمن العائلة لسنوات طويلة ولم يعرف أحد ماذا تفعل هذه الجمعية وما يأتيها من دعم مادي و مساعدات .
لذلك نجد سهولة تأسيس الجمعيات إذ يتم تقديم علم وخبر ولا نجد رقابة مالية وإن ما تقدمه من مستندات كل سنة من موازنة وميزانية هي فقط شكلية لا تخضع لاي رقابة بظل غياب الهيئات الرقابية داخل الجمعية نفسها .
إن لدور الجمعيات رقابة إداء الحكومات وإنها تقوم بتقديم التقارير وأن تطالب بالشفافية، ولكن للأسف أصبحت الجمعيات تشبه في ممارستها إداء الحكومات وتتبع نفس سياساتها، بحيث ساد فيها الفساد . علماً أن العديد من الجمعيات لا زالت تقوم بإداء دورها بشكل أساسي و ممتاز .
عندما وجدت الأحزاب في تراجع دورها و تواصلها مع الناس عمدت إلى تأسيس جمعيات لذلك إننا نجد حتى السياسيين من النواب والوزراء أصبح لكل منهم جمعية وكذلك زوجاتهم، والهدف من ذلك الوصول الى المواطنين الناخبين والحصول على رضاهم وكسب أصواتهم وكل ذلك من خلال تقديم خدمات ومنافع. وأحياناً تكون تلك الخدمات حق لهم لأنها تكون عن طريق الدولة ويتم استغلال وجودهم في السلطة من أجل تقديم تلك الخدمات .
وهنا يصبح عمل الجمعيات في ظل غياب الرقابة دون حسيب ، وهذه الجمعيات لديها حسابات مصرفية وعادت وانتبهت البنوك أن تلك الحسابات يدخل اليها أموال ويخرج منها أموال دون رقابة أو تدقيق ، بحيث خلال فترة معينة تم إقفال حسابات مصرفية لكثير من الجمعيات بحجة أن التمويل مشبوه او ممول لجهات إرهابية ، كما عمدوا فيما بعد بالامتناع عن فتح حسابات مصرفية للجمعيات ، وأصبحت الجمعيات دون حسابات مصرفية وبحيث أصبح الوضع أخطر حيث تحولت تلك الأموال من اسم الجمعية إلى اسم افراد في الجمعية وهنا الخطورة إذ عندما تكون هذه الحسابات بأسماء اشخاص وأفراد فلا يكون عليها رقابة ولا يوجد إمكانية لمحاسبتهم ومساءلتهم .
عن كارثة بيروت هناك جمعيات إستغلت الوضع القائم لكي تحصل على مساعدات عينية وأدوية لتقديمها من المفترض للمتضررين ، وإن أغلب تلك المساعدات لا تخضع لحسيب ولرقيب ، إذ أن هناك أموال أتت كمساعدات تتجاوز ملايين الدولارات ولم يعرف اين ذهبت وأين صُرِفت.
كما أن هناك الكثير من الجمعيات التي كانت تستفيد من تمويل سابق قبل الاحداث السورية 2011 لكن بعد الاحداث خفت المساعدات لان معظم التمويل تحول الى مساعدة الى موضوع النازحين السوريين ، فقامت تلك الجمعيات بتحويل أهدافها ووجهة عملها من عمل مدني إنساني تمكيني يدافع في حقوق الانسان الى عمل يقدم خدمات على مستوى النازحين السورين ، اليوم هناك شح بهذه الأموال ، لان بعض الجهات المانحة وبعض السفارات أو بعض الجمعيات أصبحت تمارس بنفسها نشاطها بشكل مباشر بمعنى تأتي إلى لبنان وتفتح مكاتبها ومن دون أن يكون لديها شريك محلي ، لديها موظفيها ومستشاريها وهنا نجد ً أن المصاريف والنفقات تكون باهظة لانهم يقومون باستئجار مراكز وسيارات وليس لديهم بنية تحتية وبالتالي إن هذه الامول تصرف تؤخذ من حساب التمويل وعلى حساب أصحاب المصلحة والمتضررين.
علينا أن نشجع الجمعيات التي تمارس الشفافية التي تضع موازنتها على مواقعها الالكترونية ولديها جهات تدقيق محلفة ، هذه هي الجمعيات التي يجب القاء الضوء عليها و دعمها، أما بالنسبة للجمعيات التي تستغل وجع الناس والفرص وتمارس الفساد يجب فضحها وكشفها كي تصل المساعدات الى أصحابها.