حملة "حقي" وحقوق المعوق- الناشط عماد الدين رائف

الكاتب والصحافي عماد الدين رائف

الناشط في حملة " حقي"

16/ 5 / 2022


"كان من حقّي الطابق الأرضي... تيطلع صوتي"

عبارة  تختصر معاناة فئة من المواطنين اللبنانيين، ظُلموا وهُمش دورهم صدور قانون يعنى بحماية حقوقهم - 220/2000 (المتعلق بحقوق الأشخاص المعوقين )الذي مرعلى صدوره أكثرمن إثنين وعشرين سنة مع مراسيمه التطبيقية المبتورة، إختلفت التسميات وتعددت المصطلحات التي تعرف عن هذه الفئة من المواطنين كذوي الاحتياجات الخاصة أو ذوي الإرادة الصلبة أو ذوي الهمم، ولكن المصطلح التي يحبذها أصحاب هذه الفئة ، ما قد ورد في القانون وفي الاتفاقية الدولية " الأشخاص المعوقين" .

في حوار أجرته مجلة " Opine Digest"  الالكترونية مع االكاتب والصحافي عماد الدين رائف والناشط في حملة " حقي" الحملة الوطنية لإقرار الحقوق السياسية للأشخاص المعوقين في لبنان والتي ينفذها الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركيًا (LUPD). 

والملفت  للذكر أنه  رغم  الصعوبات التي يعاني منها " الاشخاص المعوقين على كافة  الصعد الاجتماعية والإنسانية والحقوقية والسياسية ،  إلا أن حملة " حقي"  اقتصرت  مطالبها في  هذه المرحلة في الدورة الحالية للانتخابات البرلمانية 2022 ، على إستخدام غرف الطبقات الأرضية في المراكز الانتخابية كأقلام اقتراع وتشغيل المصاعد حيث توجد، بالإضافة إلى استحداث أقلام اقتراع في باحات المراكز التي لا تحتوي طبقاتها الأرضية على غرف لتحويلها إلى أقلام.

Opine Digest  : ما هو دور حملة "حقي" في تعزيز حقوق الأشخاص المعوقين؟   

رائف : حملة حقي – الحملة الوطنية لإقرار الحقوق السياسية للأشخاص المعوقين في لبنان انطلقت عام 2005، لضمان وصول الناخبين المعوقين إلى المراكز الانتخابية وإتمام عملية اقتراعهم بكرامة واستقلالية. وذلك تطبيقًا للمادة الـ98 من القانون 220/2000 التي تضمن هذا الحق. فكان عليها أن تخوض مسارًا طويلًا خلال السنوات الـ17 الماضية: من إدراج هذا الحق في مشروع القانون الانتخابي الذي قدمته لجنة الرئيس فؤاد بطرس (2006) إلى إدراج هذا الحق في قانوني الانتخابات 25/2009 و44/2017، كما ساهمت في صدور المرسوم 2214/2009 بشأن تسهيل عملية اقتراع الأشخاص المعوقين. عمليًا، رصدت فرق المراقبين التابعين للحملة الانتخابات النيابية والبلدية خلال السنوات الماضية، وقدمت مقترحات عملية للوزارات المتعاقبة لضمان عملية اقتراع دامجة، كما زودت الوزارات بالدراسات الهندسية والبحوث والمسح الميداني لمراكز الاقتراع (2009، 2015، 2022) للكشف على مدى أهليتها لاقتراع الناخبين المعوقين. وأصدرت ونشرت العديد من المواد التوعوية ذات الصلة.   

Opine Digest : تتدوال مصطلحات عدة عن الأشخاص المعوقين ، أي  منها الأصلح ولماذا؟ 

رائف  : بما أننا في عصر الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوقين (2006)، والتي تتبنى النموذج الاجتماعي الذي يرى أن المشكلة ليست في الشخص المعوق بل في المجتمع الذي يضع أمامه حواجز مادية وثقافية ويحد من وصوله إلى الأماكن والمعلومات، وهذا النموذج ينظر إلى الشخص المعوق تحت مظلة حقوق الإنسان، فالأفضل إستخدام مصطلح "الشخص المعوق" أو كما في الترجمة العربية للاتفاقية "الشخص ذو الإعاقة". إلا أن البعض لا يزال ينظر إلى الشخص المعوق وفق النموذجين الطبي أو الخيري، وهما يريان أن المشكلة في الشخص المعوق نفسه الذي يحتاج إلى رعاية وإهتمام بل حتى البعض يظهره في مظهر البطل، فتخرج مصطلحات مثل "ذوو الاحتياجات الخاصة"، "ذوو الهمم" أو "الإرادة الصلبة" وما شاكل. نلتزم بالنموذج الاجتماعي الذي ينظر إلى الشخص المعوق كإنسان قبل أن ينظر إلى الإعاقة نفسها، أو يصف الشخص بأوصاف مختلفة لا تنفعه أصلا في الوصول إلى أي حق من حقوقه.  

Opine Digest  : هل تم تطبيق كافة المراسيم التطبيقية لقانون 220/2000  أم تأخير تنفيذها تقتضي تعديلها وتطويرها؟

رائف : صدر القانون 220/2000 الخاص بحقوق الأشخاص المعوقين في لبنان قبل 22 سنة، من دون تطبيقات فعلية تذكر. أما المراسيم التطبيقية التي صدرت ربطًا بهذا القانون فيهي قليلة، ومنها المرسوم 2214/2009 المشار إليه والمرسوم 7194/2011 المتضمن معايير البيئة الهندسية الدامجة، إلا أنه لم يلمس أي إرادة جدية من قبل الحكومات المتعاقبة لتطبيق القانون. والآن يتجه البرلمان اللبناني للمصادقة على الاتفاقية الدولية فمن الطبيعي أن يعمل المشرع اللبناني على تطوير التشريعات ربطًا بهذه الاتفاقية وأن يصدر قانون جديد يضمن حقوق الأشخاص المعوقين وفق النموذج الاجتماعي. 

Opine Digest : هل تمكن الأشخاص المعوقون من التصويت بسهولة وخصوصًا في مرحلة الانقطاع الكلي للكهرباء ووضع مراكز الاقتراع في الطوابق العليا؟  

 رائف : إستناداً إلى ما ذكر في  التقرير الأولي لانتهاء عمليات المراقبة – حملة حقي 2022  حول الصعوبات التي واجهها الناخب المعوق فقد رصدت فرق الحملة 138 مركز اقتراع من أصل 177 (ما نسبته 78%) تضمنت طوابقها الأرضية غرفًا تصلح كأقلام اقتراع. ورصدت بنتيجة المراقبة الأولية 465 انتهاكًا في المراكز المختارة، توزعت على 26 انتهاكا في بيروت، 142 في البقاع، 95 في جبل لبنان، 101 في الشمال، و101 في الجنوب. وفي التفاصيل أن هناك 9% من المراكز الانتخابية لا يوجد بالقرب منها موقف لسيارات الأشخاص المعوقين ، و كما أننا  نجد أن هناك 10% من المداخل الرئيسية للمراكز الانتخابية غير مناسبة، ضيقة جداً ويوجد عوائق تحول دون الدخول، وهناك 4% من مداخل بديلة تسهل الدخول منها ولكنها لم تستخدم، بالإضافة  الى 7%  من المراكز  التي توجد  فيها عوائق أمام الوصول للمصعد أو الدرج، وقد عانت بعض المراكز من انقطاع التيار الكهربائي على المصعد، او كانت  مقفلة  او معطلة، كما عانى بعض الناخبين المعوقين بفقدان بعد الإشارات التوجيهية لبعض المراكز الانتخابية بلغت 9% وغيرها من الصعوبات لتنقلاتهم  لتسهيل عملية الاقتراع، بطبيعة الحال  فقد كان نوع من التعامل مع الناخبين المعوقين، وممارسات شكلت نوع  من الانتهاكات تتعلق بعدم تسهيل قوى الأمن مرور سيارات الأشخاص المعوقين، أو ركن سيارتهم بالقرب  من المركز الانتخابي، أو عدم السماح للشخص المعوق باصطحاب مساعد له. تعاطي البعض معهم بطريقة غير إنسانية وغير لائقة . 

Opine Digest : ما هي الصعوبات التي ما زال يعاني منها الشخص المعوق؟ 

رائف : لا يزال الأشخاص المعوقين محرومين من الوصول إلى معظم حقوقهم. ويصدر ذلك في تقرير دوري يسمى الاستعراض الدوري الشامل حول حقوق الأشخاص المعوقين في لبنان (2010، 2013، 2015، 2018، 2020) ويرفع إلى المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة. وهو عبارة عن تقرير ظل تنتجه منظمات الاشخاص المعوقين، يبين الوضع المزري لهذه الفئة (نحو 15 في المئة من المجتمع اللبناني) في الوصول إلى حقوقهم في العمل اللائق، والصحة، والتربية والتعليم، والبيئة الهندسية الدامجة والحقوق السياسية ترشحًا واقتراعًا.  نذكر على سبيل المثال، عندما نطالب بتجهيز مراكز الاقتراع، فهذا المبنى يستخدم كمركز إقتراع مرة كل أربع أو ست سنوات، لكنه معظم أيام السنة مدرسة أو مؤسسة تعليمية. وبالتالي فقد أنتج عدم تطبيق القانون تجهيل مباشر للأشخاص المعوقين طيلة العقدين الماضيين. 

الممرالحر ذلك المصطلح الذي يسهل عملية دمج " أشخاص ذوي الإعاقة"  في مجتمعهم ويساعد في عملية  تحركاتهم وتنقلاتهم من خلال تجهيزالابنية و البنى التحتية والممرات الخاصة والمجهزة مما  يسهل في إعطاء حقوقهم المشروعة على كافة الصعد.

 ولكي نصبح دولة متحضرة بمعناها الحقيق علينا أن  نحترم  فعلاً حقوق الانسان ونصون كرامته   وعلينا  أن  نجتازهذا الممر الحر الذي  يسخر الحق  الدستوري والعدالة  الاجتماعية والمساواة بين جميع أبناء الوطن لجهة الحقوق والواجبات.

ملاحظة : صور التقطتها  عدسة حملة " حقي"