المهندس المستشار زكريا الزعبي، رئيس مجموعة استشاريون بلا حدود
24 - 8- 2021
لا شك ان القيادة مفهوم واسع يشمل كافة مناحي الادارة والمسؤوليات في شتى المجالات مهما صغر أو كبر حجمها وتبدأ من فرد واحد لتصل الى عشرات وربما الاف الافراد وصولا للملايين في الدول او الشركات الشبكية العملاقة، وبكل الاختصاصات من التجارة والصناعة والزراعة والخدمات وصولا للادارة والفنون والتعليم...
وليس اخرها القيادة في السياسة والتنمية البشرية و الشؤون الدولية.وصحيح ايضا ان القيادة هي الحلقة الاهم في منظومة اي كيان، ولكن ليست هي الحلقة الوحيدة، في عملها ونجاحها و منافستها وفي بحثها عن الجودة والمنافسة والبقاء، مثل حلقة الموارد البشرية والمعدات والتشغيل والتطوير وصولا للمستهلكين وحتى المنافسين ..
ولكن بالتاكيد ان القيادة هي الحلقة الاهم كونها تضع الخطط والاستراتيجيا وتراقب تنفيذها وتحدث برامجها بما يتناسب مع المتغيرات والحاجات والتحديات المتوقعة والطارئة.
انواع القيادات في العالم وخصائصها:
اولا: القيادات المنتخبة السياسية والاجتماعية والنقابية..
يتم اختيار هذه القيادات طبقا لمعايير مختلفة تضعها الدول والقوانين الانتخابية والانظمة الداخلية للجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام وتنتهي مدتها بزمن محدد حسب الانظمة المعتمدة،
وتنتخب وتعين هذه القيادات حسب شروط محددة وتطرح برامج وافكار قيادية لانجاح المركز الذي يتم الترشيح له، فيفوز من ينتخب ب كوتا محددة ويتم تعيين نسبة معينة لتصحيح اي خلل انتخابي في الفئات المجتمعية المتعددة او المهمشة بالنسبة للقيادات البرلمانية والشورى والتمثيل الاجتماعي لكافة الفئات والمجموعات.
اما القائد الاعلى او الرئيس او الحاكم او الامير او الملك.. فيخضع ايضا لمعايير وشروط مشددة وينتخب بطرق وقوانين مختلفة ومسؤوليات تكبر وتصغر حسب نظام الحكم والصلاحيات مع او بدون مشاركة مع مؤسسات حاكمة مثل المجالس التشريعية او القضائية والعسكرية ملكية فردية كانت او جماعية مشتركة، بفترات زمنية مختلفة. وهناك انظمة للمحاسبة والعزل وانتقال السلطة لكل نظام على حدة.
ثانيا :القيادات الادارية للمؤسسات العامة واجهزة الدولة :
وهي قيادات باغلبها وظيفية لها اصول في التوظيف والتوصيف الوظيفي ولها انظمة خاصة ( مالية وموظفين واستثمار وغيرها..) وهنا تكمن اهمية تطوير هذه الانظمة والقوانين بحيث تجعل من هذه الادارة موئلا للتنافس وافراز قيادات جريئة مثقفة متمرنة ومدربة ومواكبة للتطور العالمي كل في مجاله وموقعه.
وهذه الادارة في القطاع العام تحديدا يلزمها شرط اساسي لضمان نجاحها وتطورها، الا وهو الاستثمار و التمنية المستدامة في ادارة الموارد البشرية اولا، من خلال :
- الشفافية في اختيار الموظفين من الكفاءات وافساح المجال امام الجميع لاثبات جدارته للقيادة، تحت التجربة والتثبيت او الاقصاء المعلل.
- اعتماد نظام رواتب مكافئ وعادل، ورفده بالحوافز والمكافآت، وتسجيل براءات الاختراع والملكية الفكرية..
- العمل بروح الفريق المتعاون، بعيدا عن النكايات وترك الخلافات، والمنافسة غير المشروعة بين الفريق جانبا، وهنا يمكن للقائد ان يكون حاسما في ادارة الفريق، وبث روح المودة والتعاون والمنافسة الشريفة.
-اعتماد نظام الترقية والترفيع ووضع شروطها بحيث تؤول القيادة في اي منصب فقط للاجدر المتميز، بعيدا عن تعبئة الشواغر التوظيفية الجامدة.
- صحيح ان البعض يعتبر ان الحظ احد اسباب النجاح في اي موقع او وظيفة، لكن الحقيقة انه لا يوجد حظ مطلق، انما هناك من تتوافر فيهم الذكاء في اختيار الوقت والمكان والظرف المناسب وربما الاشخاص المحيطين، بالاضافة لتوفيق الله وهذا ما يسمى القدر الذي يومن به كثيرون، وهذا ما يعتبره البعض حظاً محضاً.
-اعداد وتنمية قيادات المستقبل في المنظمات الحكومية وذلك من خلال معاهد الادارة والتدريب المستمر والمتخصص، والانتقال من ادارة التنمية الكلاسيكية الى ادارة التغيير المستمر نحو الافضل، من خلال التعليم والتدريب المتواصل في :
١- اكتساب المعرفة والمهارات السلوكية والاخلاقية..
٢- ادارة المكتسبات المعرفية والسلوكية وتنميتها وتطويرها
٣ التحول من الادارة التقليدية، الى الادارة القيادية المرنة
٤- تراكم الخبرات يؤدي لتراكم النجاح ومن ثم المشاركة في الغنائم المعنوية والمادية، وبالتالي تنمية الحس الوطني.
امثلة عن دول استطاعات ان تنهض من فقرها وتخلفها لتصبح دولا متقدمة في عدة سنوات نتيجة الحوكمة الرشيدة والحاكم الوطني الحريص على تقيم بلاده ونجاحها من خلال المشاركة وايجاد مؤسسات ديموقراطية وقضاء نزيه بعيدا عن الفساد ، استثمار كافة الطاقات البشرية والثروات الطبيعية البسيطة والمهمة على حد سواء من خلال برامج التعليم والتدريب وربطها بسوق العمل والمنافسة المحلية والعالمية..وانشاء خطط قصيرة وطويلة الاجل مع صندوق سيادي للاجيال القادمة.. مثال ماليزيا وسنغافورة واليابان ودول اوروبية بعد الحرب العالمية، وحاليا الصين ودول من الخليج العربي وبعض الدول في افريقيا واميركا..
ثالثا: قيادات الشركات الصغيرة والكبيرة في القطاع الخاص
اما العمل في الشركات الصغيرة والكبيرة في القطاع الخاص اسهل وفرص النجاح فيه اكبر وحتى نسبة المخاطر اقل بعكس ما يظن البعض.
واهم شروط النجاح والتقدم والتميز هي البعد عن البيروقراطية وحرية وضع الخطط وسرعتها ومرونتها، وامكانية تحديث هذه الخطط وتغييرها عند اللزوم بالنسبة للتغيرات الطارئة في الاسواق وتحديات التسويق والمنافسة، بالاضافة لسهولة التوظيف والشفافية للكفاءات بعيدا عن التوظيف بالواسطة والمحسوبيات.
وهناك امثلة كثيرة لشركات بدأت صغيرة ربما بشخص واحد وكبرت حتى اصبحت شركات كبيرة وعملاقة، ناجحة ورائدة بسبب حسن القيادة وتعاون الفريق ومشاركة النجاح، تحت سقف خطة متجددة تستفيد من الاخطاء وتستثمر في النجاح بكافة جوانبه.
واخيرا، هكذا هي الحياة، بين صراع الوجود، واستمرار الحياة، وبين البقاء للاقوى، والقيم الاخلاقية، تستمر الحياة بين قيادات رشيدة تبحث عن النجاح النظيف. وقيادات متحكمة محدودة مغلقة او متسلطة، لا تستمر الا لفترة زمنية محدودة ما تلبث ان تنهار، في زمن، البقاد فيه للاقوى،واكبر تحدي للمستقبل المليء بالمفاجآت والتحديات المناخية والبيئية وتزايد عدد السكان وقلة الموارد .. احوج ما يحتاجه العالم، قيادات شبابية متوثبة ورشيدة في ظل انظمة عادلة ورؤية نحو مستقبل مشرق ليس للشركة او الحكومات والبلدان فحسب، بل نحو قيادة عالمية حديثة لعالم جديد.