عمر الطويل
يشكل غاز الرادون المكتشف أوائل القرن العشرين حوالي نصف الجرعة الإشعاعية المؤثرة التي يتعرض لها عموم الناس من المصادر الطبيعية مجتمعة بعد أن كان الاعتقاد سائدا أنه آمن بل ونافع وذلك بحسب مدير البيئة بالسويداء المهندس رفعت خضر .
والرادون كما ذكر المهندس خضر عديم اللون والطعم والرائحة و ذو منشأ طبيعي ينتج عن تفكك عنصر الراديوم المشع ولا يمكن كشفة بالحواس البشرية لعدة أسباب منها عدم وجود أدلة مادية على وجوده بل يعتمد في ذلك على كشف الأشعة المرافقة لتفككه .
وبحسب المهندس خضر فإن الرادون المنبعث داخل الأبنية السكنية يشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان و يجهل الكثيرون حقيقته وتأثيراته خاصة ًمع وجود ملايين المساكن والمباني في العالم تحتوي على تركيزات مرتفعة منه لا يعلم أصحابها عنها شيئاً .
وتشمل مصادر هذا الغاز وفقا للمهندس خضر أولا التربة فحوالي /80/ بالمئة منه ينتج عن الطبقة العليا للأرض وينبثق للوسط الخارجي و ثانياً الماء لكن يُعَد متوسط الانحلالية فيه وتزداد انحلاليته بنقصان درجة حرارة و يعتبر مشكلة في الأبنية التي تستخدم مياه الآبار بشكل مباشر بينما لا يعد مشكلة ضمن المنازل المعتمدة على شبكة المياه العامة المعالجة والمخزنة والموزعة كونه يمر بوقت لتفككه قبيل وصوله للأبنية إضافة لوجود الرادون ضمن مواد البناء المصنوعة من التربة والصخور مثل الإسمنت و البلوك و السيراميك وغيرها والتي تحوي على مواد مشعة ذات منشأ طبيعي مثل اليورانيوم والراديوم بحيث يكون لديها نفوذية كافية لينطلق منها إلى الوسط الخارجي.
وتركيز الرادون وفقا للمهندس خضر يعتمد بشكل عام داخل الأبنية على عادات وسلوكيات القاطنين فيها وطرائق تهويتها إضافة لعوامل أخرى تؤثر في ذلك منها الرطوبة ودرجة الحرارة مبيناً أن تركيزه يتغير من فصل إلى آخر و من شهر إلى آخر و من يوم إلى أخر حتى بين النهار والليل كما ينخفض في الهواء الخارجي نتيجة الخلط الهوائي وكلما كان منخفضاً انخفضت مخاطر التعرض لآثاره .
وتكمن الآثار الصحية للرادون بحسب المهندس خضر في جسيمات ألفا الصادرة عنه وعن نواتج تفككه والتي تمتلك الطاقة الكافية وتصل إلى القسم الداخلي للخلايا وتخرّب نسجها مبيناً أنه يدخل جسم الإنسان عبر التنفس أولاً والهضم بدرجة أقل خطورة لأن وجود الطعام في المعدة ولو بسماكة لا تتجاوز 1.5 ميليمتر يمكنه إيقاف معظم جسيمات ألفا الصادرة عن تفككه .
وأوضح المهندس خضر أن التعرض الطويل للتركيزات المرتفعة من غاز الرادون يمكن أن يؤدي إلى سرطان الرئة مع وجود عدد من الدراسات تعزي أسباب بعض أنواع السرطانات مثل اللوكيميا وسرطان الكلية و البروستات إلى التعرض لهذا الغاز.
وينصح المهندس خضر بالتهوية الجيدة للمنازل لخفض تركيز هذا الغاز كطريقة تستخدم أيضا بشكل رئيسي في مناجم اليورانيوم بحيث يتم شفط الهواء بمعدلات عالية تتيح استبدال الهواء الموجود داخل المنجم بهواء نقي مما يبقي تركيز الرادون في أدنى مستوى ممكن مؤكداً بالوقت نفسه أهمية إزالة مصدر هذا الغاز عبر التخلص من المواد المحتوية على اليورانيوم في البيئة السكنية التي عادة ما تكون إما في الطبقة العليا من التربة أو في المياه الجوفية أو في مواد البناء نفسها وكذلك الوقاية من الرادون المنبعث من مصدر لا يمكن إزالته عن طريق وضع عوازل غير نفاذة أو تحويل تدفق الغاز إلى خارج المبنى إضافة لتنقية الهواء حيث تم تطوير عدد كبير من الوسائل التي يمكن عن طريقها امتصاص غاز الرادون من الهواء الموجود في حيز صغير نسبياً.
و حول قياس تركيز الرادون في المنزل بين خضر أنه يمكن إما مباشرة باستخدام كواشف مرتبطة بأجهزة كهربائية أو بشكل غير مباشرة بعد معالجة الكواشف بطريقة ما قبل التمكن من قياسها ناصحاً باستخدام الطريقة غير المباشرة كونه يمكن عبرها إبقاء الكواشف لعدة أشهر في الأماكن المراد قياس تركيزات الرادون فيها.
ورغم مخاطر الرادون فإن هناك استخدامات مفيدة له وفقا للمهندس خضر فقد سجل قياسه نجاحات كبيرة في استكشاف وتقدير خامات اليورانيوم والثوريوم مع وجود دراسات ما يزال بعضها مستمراً لتحري إمكانية استخدام قياس هذا الغاز في توقع حدوث الزلازل والأنشطة البركانية.
يذكر أن غاز الرادون ينتمي إلى الغازات النبيلة أو الخاملة فذرته كباقي الغازات النادرة نادراً ما تتفاعل لذلك يمكنها أن تنتشر بحرية عبر كل المواد النفوذة للغازات كونها خاملة كيميائياً و يتفرد بكونه المعدن الوحيد الذي يوجد في حالة غازية وهو أثقل من الهواء بسبعة أضعاف ونصف ويوجد في كل مكان وفي جميع الأوقات .