هايل شرف الدين - 16 -5 -2022
على أهميته الكبرى كأحد الطُرق المُذهلة في العلاج النفسيّ، والمقصود هنا العلاج بالحوار، تبقى القيمة الأسمى التي نُحققها من خلال العلاج النفسيّ بالحوار، على المستوى العصبيّ، هي في تنظيم النشاط العاطفيّ للفرد وجعله عملاً عقلانياً وذلك من خلال توصيف المشكلة أو الحالة؛ الأمر الذي يمنحها مساحة هامة من التجربة .
وهذا التوصيف باختصارٍ شديد ينقل النشاط العصبي من الدماغ العاطفيّ إلى دماغنا المُتعقِّل وبذلك يغدو اللاشعوريّ شعورياً .
ومن باب توضيح الحالة سنطرح هذا التبسيط، إذا ما قمنا بشطر الدماغ بالعرض، مكونين بذلك الفعل ثلاثة أقسام، سوف نحصل على ثلاثة أشكال متمايزة للدماغ، وهي من الأعلى إلى الأسفل: الشكل المتعقِّل والشكل العاطفيّ والشكل الغرائزيّ.
يتلقَّى دماغنا العاطفيّ المنعكس الخارجي ويقوم بتحويله على الدوام إلى شقيقه الدماغ الغرائزيّ، أو في حالاتٍ أقل إلى شقيقه الدماغ المُفكِّروبذلك تكون ردَّات الفعل مشحونة أو عنيفة أو مضطربة .
المطلوب من خلال العلاج النفسيّ بالحوار، بعد "نبش القاع اللاشعوريّ" طبعاً، تعويم الكم الكبير من العناصر المكبوتة، وذلك بنقلها من الحيِّز الغرائزي وتصعيدها باتجاه الأعلى حيث الدماغ المتعقِّل أو المُفكِّر، وبذلك يصبح الغرائزيُّ عقلانيَّاً بعد هذه الرحلة التصاعُديَّة
وبمعنىً آخر فإننا نقوم، من خلال العلاج النفسيّ بالحوار، بتعويد الحيِّز العاطفيّ من عقولنا على التوجُّه بشكلٍ دائم إلى الأعلى لا الأسفل، أي إلى الحيِّز المُفكِّر الواعي من دماغنا لدى أيَّة استجابة، أو إجباره في كل مآزق على تمرير الكُرة، إن صح التعبير، إلى اللاعب المُتعقِّل.
ولهذا السبب يبدأ سَير العلاج النفسيّ وعلى الدوام مُستهدفاً الطفل في داخل كل فرد، والطفل هو مايوازي دماغنا العاطفيّ، وينتهي العلاج النفسيّ باستهداف الراشد في الفرد، أي الدماغ المُفكِّر.