الأستاذ الشيخ فاروق خداج - 30- 9- 2023
لم يُنصف هذا الرجل في وطنه سورية بسبب مواقفه الوطنية والإنسانية، فأمضى حياته متنقلاً من بلد إلى آخر، وسوريا الوطن _لا النظام الغارق في سباته_ شغله الشاغل الذي يسكن ضميره. هو المثقف الأجدر أن يكون مربيا يعلّم في مدارس بلاده؛ لكنه اضطهد وحُرم من أبسط حقوقه؛ لأنه قال كلمة الحق مدويّة لا لبس فيها.
هو أستاذ لامع، يتقن العربية تحدثا وكتابة، وله مساهمات كبرى في أكثر من مجال فكري، وكتاباته تحمل في ثناياها معاني النضال والتحرر والرفض لكل ما هو انغلاقي وطائفي وعنصري.
ابراهيم العاقل خميرة جيل عُجن بالصبر حتى خُبزت كلماته حرية نراها في سوريا اليوم ( سورية الثورة والعزة).
وإبراهيم العاقل وطني لا تبرح بلاده قلمه ساعة واحدة، بل هي في ضميره لا تزول ولا تحول.
وابراهيم العاقل أبّ عطوف، ربّى عائلته الصغرى على الصدق والالتزام بقواعد الأخلاق والدين. وضمّت عائلته الكبرى كل طالبٍ تتلمذ على يديه، متسلحا بأصول المعرفة، و مناقب الإنسان الحر . عرفته في إحدى مدارس لبنان زميلا مخلصا لعمله، باحثا عن كل حقيقة في أمات الكتب، قائدا لمدرسة تصوّب اللغة، وتحترم أصولها في زمنٕ أهملها الكثيرون وتناسوها.
هو حائز على ماجستير من الجامعة اللبنانية، وعنوان رسالته: "هجرة بني معروف الموحدين إلى جبل العرب وعمران صلخد". وهي دراسة قيّمة ترشد القارىء إلى حقائق وأدلة موثقة عن منطقة تُعتبر استراتيجية بالنسبة لسوريا الأم، ولبني معروف تحديدا. وتكشف أسباب وعوامل هجرة الموحدين من لبنان إلى جبل العرب، وتقدّم مقترحات للنهوض بصلخد (إجتماعيا وإقتصاديا وتعليميا).
ولئن استمر ابراهيم العاقل في كتابة مقالاته الهادفة خلال هذه الأيام التي لبست فيها محافظة السويداء العزيزة ثوب الرفض للاذلال والهيمنة، أحببتُ أن أحيي هذا الرجل الكبير من بني قومي، والذي تجاوز بيراعه كل انتماء ضيق، و خاطب سوريا السلام والمحبة منذ مطلع شبابه، مؤمناً بالثورة السلمية الداعية إلى إعلاء شأن الإنسان، نابذا للعنف والأذية، مبتعدا عن كل ما يفرّق بين أبناء الوطن الواحد. ختاما، لقد أحببتُ في إبراهيم العاقل هذا الصبر المحفوف بالأمل الذي يراه قادما من بعيد، وهذا النضال الذي تبدو مناراته صعبة المنال؛ ولكنها غير مستحيلة، وهذا الوعي المتقدم على كل ما عداه بلا ادعاء او غرور، وهذا الوفاء لكل مكانَ قصده، فأنار أبناءه بالفضيلة والمودة. إنه إبراهيم الملهم للثورة، ولعل قدوته _ في هذا السير الوئيد لتحقيق مايريد_ ابراهيم الخليل الذي كان ملهماً للإسلام.
*الآراء والأفكار تعبر عن وجهة نظر الكاتب، والموقع لا يتبنى اي رأي او موقف.