حوار مع اللواء الدكتور/ محسن الفحام - مصر

اللواء الدكتور/ محسن الفحام  

مساعد وزير الداخلية  استاذ

 دكتور فى العلوم الادارية -  محاضر بأكاديمية الشرطة 

محاضر بالأكاديمية البحرية  -امين عام جامعة الحياة   

16- 9 - 2021

- برايكم كيف تقرأ الوضع الاقتصادي فى المنطقة؟ 

فى البداية أود أن اتقدم بالشكر للسادة  للقائمين على مجلة "Opine Digest " الالكترونية على تلك الثقة التي تم منحها لي لاجراء هذا الحوار .

 يسود العالم حالياً سلسلة من الازمات المختلفة وجميعها تؤدي إلى تفاقم الاوضاع الاقتصادية فى العديد من دول العالم والتي يترتب عليها إزدياد حالات الفقر والبطالة والمرض . وقد أضافت أزمة إنتشار فيروس كورونا الى تلك الخسائر سقوط أعداداً هائلة من الوفيات في البشر.

 بطبيعة الحال فقد تأثرت عدد كبير من الدول العربية اقتصادياً حيث حدث هبوطاً كبيراً في قطاعات  الصناعة والزراعة والاستثمار والصادرات والورادات إلخ ... مما أدى الى وجود أزمات مالية اختلفت من دولة الى أخرى .

 كما تأثر العرض والطلب نتيجة تقليص أعداد العمالة فى قطاعات مختلفة وتزايد عدد الوفيات وإغلاق العديد من المصانع والمؤسسات الاقتصادية الكبيرة وتزايد وتيرة الاستغناء عن خدمات العمالة الثابتة والمؤقتة وهو الامر الذي أدى الى التاثير السلبي وبشكل كبير على الاوضاع الاقتصادية فى معظم الدول العربية. 

من ناحية أخرى فقد تزايدت عمليات الاقتراض من البنوك مع عدم قدرة المستهلكين والشركات على سداد تلك القروض فى الوقت المحدد لها مما أدى إلى إرتفاع تكاليف الاقتراض وإنخفاض الفوائد البنكية. ومع بداية قدرة الدول العربية على إحتواء تلك الازمات والتي كانت مصر من أوائل هذه الدول حدثت إنفراجة تدريجية أعطت مؤشرات إجابية لتعافي اقتصاديات معظم الدول العربية حيث شاهدنا عودة مصانع المنتجات الثقيلة للعمل فى بعض الدول وتنامي الحركة السياحية فى البعض الاخر وتسير حالياً الامور الى الافضل خاصة على ضوء قيام  بعض التحالفات العربية ومن أبرزها  التحالف المصرى العراقى الاردني الذي كان له أكبر الاثر على تجاوز العديد من الازمات الاقتصادية فى الاردن والعراق وكذلك التنسيق والاتفاق على ضخ الغاز الطبيعي المصري الى الدولة اللبنانية الشقيقة عبر هذه الدول.  

- ما هى الخطوات التي اتبعتها الدولة حيال حل مشكلة العشوائيات وازمة السكن الناجمة عنه؟ 

كانت العشوائيات فى مصر تمثل مشكلة كبيرة سواء فى نوعية ساكنيها أو عدم وجود خدمات صحية ملائمة بالاضافة الى وجود أعداد كبيرة من العاطلين ومتعاطي المخدرات وأيضاً مأوى للمجرمين وايضاً الارهابين وهو ما كان يمثل  خطورة كبيرة قد تصل الى تهديد الامن القومي بمفهومه الشامل حيث بلغ عدد  تلك المناطق تقريباً الى 820 منطقة عشوائية منتشرة فى محافظات مصر.

 ومن هذا المنطلق فقد بدأت الدولة بجميع اجهزتها منذ عام 2014 دراسة إمكانية حل هذه المشكلة وبالفعل رأينا مدن واحياء سكنية متكاملة تم إنشاؤها فى العديد من تلك المناطق ومن أبرزها أحياء الاسمرات 1- 2-3 بالقاهرة وغيط العنب بالاسكندرية والمنيا الجديدة فى الصعيد وقد شملت هذه الاحياء مساكن – مدارس – نوادى – مراكز طبية – دور للعبادة – مجمعات استهلاكية وهو الامر الذى ادى الى السيطرة على حركة ساكني تلك المناطق بتقديم كافة الخدمات المتكاملة لهم وبذلك فقد تحقق الامن الاجتماعي والصحي والثقافي والرياضي وهو ما تنشده الدولة المصرية حالياً. 

 - ما هى الاسباب الرئيسية التي أدت الى ركود سوق العقارات فى مصر؟

 بالفعل يعاني سوق العقارات فى مصر من حالة ركود مؤقتة وذلك نتيجة قيام الدولة بإنشاء العديد من المدن السكنية الجديدة بأسعار فى متناول الطبقة المتوسطة وبتسهيلات بنكية كبيرة وصلت الى حد أن تكون الفائدة متناقصة بدءاً من (3%) وعلى اقساط قد تصل الى 15 عام وهو الامر الذى جعل المعروض أكثر من المطلوب . أدى ذلك إلى إنزعاج العديد من شركات المقاولات الكبرى والمطورين العقاريين من ضعف الطلب على مشروعاتهم ، وقد إجتمع السيد رئيس الوزراء معهم مؤخراً حيث أكد على إهتمام الدولة بدعم تلك الشركات وأن المساكن التي تقوم الدولة بها تتعلق بمحدودي الدخل فقط ولن تقوم بإنشاء وحدات سكنية تماثل تلك التي تقوم بها هذه الشركات كما أضاف أنه سوف يتم التوسع فى مبادرة التمويل العقاري مع البنوك المختلفة بحيث تقوم تلك البنوك بسداد قيمة الوحدة للشركات العقارية وتقسيط قيمتها على المشتري بطرق سداد ميسرة وهو الامر الذى سوف يترتب عليه انفراجه فى سوق العقارات سواء بالنسبة للدولة أو شركات التطوير العقاري. 

- برايكم هل كان هناك تأثير لجانحة كورونا على السوق العقاري فى مصر؟

.قد نتعجب من إن جانحة كورونا كان لها تأثيرها الايجابى فى مصر بشكل يعادل تأثيرها السلبى او أكثر.ففى الوقت الذى إنكمش فيه الاقتصاد العربي وتزايدت ديون حكوماتها وزيادة العجز المالى فى العديد من هذه الدول قامت مصر بالتوسع فى تطوير شبكة الطرق والكباري والمواصلات بشكل غير مسبوق حيث بلغ عدد الكباري العلوية التى تم انشاؤها خلال أزمة كورونا حوالى 84 كوبري وجاري الانتهاء من عدد مماثل خلال الاشهر القليلة القادمة على مستوى جميع المحافظات علاوة على تطوير مئات اآلآف من الطرق البرية وتحديث خطوط السكك الحديدية والتوسع فى إنشاء المشروعات الزراعية والمزارع السمكية وغيرها من الانجازات التى تحسب للادارة السياسية المصرية.    

- تلاحظ مؤخراً إرتفاع اسعار مواد البناء فى مصر بنسبة كبيرة ما هى الالية التى اعتمدتها الحكومة لذلك؟ 

بالفعل كان هناك تزايداً ملحوظاً فى قيمة مواد البناء  وهو الامر الذى أدى إلى تصدي الحكومة لذلك من خلال إستصدار تشريعات عقابية لمواجهة جشع التجار بالاضافة إلى وضع تسعير واضح ومحدد لكل منتج على حدة (الحديد – الاسمنت – الاخشاب  إلخ...)  مع السماح بأن تكون هناك زيادة سعرية منطقية لهؤلاء التجار بشرط الا تزيد عن 15 % بصفة عامة وقد ترتب على ذلك بداية ظهور انتعاشة ملحوظة فى سوق العقارات لشركات التطوير العقاري بوجه عام  كما سبق ان اشرنا سابقاً .

ومازال الاستثمار العقارى طبقاً لثقافة المصريين والعرب هو المصدر الآمن فى الاستثمار خاصة على ضوء تذبذب وعدم إستقرار أنماط الاستثمارات (الذهب – البورصة  إلخ...) .                  

- فى ظل الازمة الاقتصادية فى العالم ما هي الخطة التى اعتمدتها جمهورية مصر العربية فى سياساتها الاقتصادية؟ 

فى بداية تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى سفينة الدولة المصرية أعلن بكل صراحة ووضوح أن هناك برامج اقتصادية صعبة سوف يتم وضعها وأنه يلزم علينا جميعاً ان نتحمل ذلك لعبور الازمات الاقتصادية التى يمر بها العالم ، وبالفعل قامت الدولة بوضع استراتيجية اقتصادية واضحة ومميزة أدت الى إعتراف البنك الدولي بنجاح تلك الاستراتيجية وهو الامر الذى أدى الى موافقته على تمويل العديد من المشروعات وتقديم قرض لمصر بشروط ميسرة قيمته 12 مليار دولار، وعلى الرغم من تحريك أسعار بعض السلع الا أن هناك تفهماً كبيراً من جانب الشعب المصرى لما يراه من انجازات حقيقية ملموسة على أرض الواقع ومن هنا فقد نجحت مصر فى عبور الازمة الاقتصادية الناتجة عن فيروس كورونا وإرتفاع أسعار السلع الاساسية نتيجة وجود تناغم بين الحكومة والشعب فى التصدي لتلك الازمات. 

- ما هى التأثيرات الايجابية المتوقعة بعد إنشاء العاصمة الادارية فى مصر ؟   

جاء تفكير القيادة السياسية لانشاء العاصمة الادارية الجديدة نتيجة العديد من المعطيات التي أدت إلى ضرورة إتخاذ قرار تاريخى بإنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر،ومن أبرز تلك المعطيات: 

1-الزيادة السكانية الكبيرة التي شاهدتها البلاد فى السنوات العشر الاخيرة .

 2- زيادة الضغط المروري على القاهرة نتيجة تكدس الوزارات والهيئات والسفارات وغيرها من المصالح الحكومية التي يبدأ وينتهى اعمالها فى وقت متزامن.

 3-صعوبة إحداث اى تطوير أو تحديث لتلك المنشأت لوقوعها فى أماكن سكنية مزدحمة. 

4-التأثير السلبي على جذب المستثمرين العرب والاجانب للدولة المصرية نتيجة إرتفاع أسعار أراضي البناء الذي ينعكس سلباً على زيادة أسعارالمنتجات. وغير ذلك من الاسباب المتشابهة التي أدت إلى إتخاذ هذا القرار. 

وتشير المعطيات المبدئية الى أن العاصمة الادارية الجديدة سوف تحقق العديد من النتائج الايجابية والتي تتمثل معظمها في : 

1-جذب المستثمرين العرب والاجانب وفتح مجالات عديدة لهم بها. 

2-تخفيف الضغط السكاني على القاهرة .

 3-ن قل كافة الوزارات والمصالح اليها مع تطويرها تكنولوجياً ومعلوماتياً ورقمياً بحيث يجعلها مدينة متفردة يتم فيها استخدام الوسائل العلمية والتقنية لتقديم افضل الخدمات للشعب المصري. 

4-انشاء مدينة ثقافية ودار أوبرا على مستوى عالمي تتميز به مصر عن العديد من الدول العربية والدولية وهو الامر الذى سوف يترتب عليه حدوث طفرة فى عالم الثقافة والفن.

 5- التوسع فى انشاء الجامعات المصرية التى تتعاون مع أكبر الجامعات الدولية فى العالم وهو ما سوف يجعلها قبلة للطلبة العرب والاجانب الراغبين فى الدراسة فى مصر. 

هذا قليل من كثير سوف نراه عندما يتم إفتتاح والعمل بالعاصمة الادارية الجديدة خلال الاشهر القليلة القادمة بإذن الله. 

ما هي اخر التطورات الخاصة بقانون الايجارات والعلاقة بين المالك والمستأجر ؟

 يمثل قانون الايجارات القديم ثغرة كبيرة فى العلاقة بين المالك والمستأجر على ضوء تلك الاوضاع الاقتصادية التى تمر بالمنطقة حيث أصبح من المستحيل تثبيت القيمة الايجارية المحددة منذ أكثر من خمسين عاماً حتى الان ، وهو الامر الذى جعل مجلس النواب المصري يتصدى لتلك الثغرة ويبحث عن إمكانية وضع تصور منطقي يحقق مصلحة الطرفين معاً وهو ما سوف يتم مناقشته خلال الدورة البرلمانية القادمة .

 وقد إقترحنا فى هذا الشأن دراسة عمل حصر بالشقق المؤجرة بالقانون القديم والوقوف على قيمة الايجار ووضع تدرج زمني لتحريك تلك القيمة بما يتناسب مع وضع الشقق المماثلة لها فى نفس المساحة والمنطقة بالاضافة الى إصدار تشريع يتم من خلاله إخلاء الوحدة المؤجرة بعد مرور 3 سنوات من تاجيرها وإذا ثبت أنه قام بإغلاقها طوال هذه الفترة أو قام بتاجيرها من الباطن بسعر أعلى بكثير من قيمتها الايجارية الحقيقية .

-من خلال خبرتك ودراستك الامنية والاكاديمية  أي من هذه الانشطة اقرب اليك؟

 قد تكون دراستي وخبرتي الامنية والاكاديمية هي التي تغلب على عملي فى كلا المجالين الا أن التطورات الايجابية التي تمر بها مصر حالياً جعلتنى اسلك طريق التوعية الاعلامية والصحفية وكذلك التوسع فى المحاضرات والندوات والمشاركة فى المؤتمرات المختلفة خارج وداخل البلاد وذلك لنشر الوعي الثقافي والاجتماعي والسياسي بين الشباب وكذلك لمواجهة الفكر المتطرف والارهابي التي تحاول جماعة الاخوان الارهابية إستغلال الشباب لتطويعهم تحت مظلتها. إن زرع فكرة الولاء والانتماء بالاضافة إلى الارتقاء بالوعي والتوسع فى نشر التوعية فى جميع ربوع الجمهورية أصبح حالياً هو ما يشغلني  وأود هنا توضيح إن ما أقوم به جاء من وازع شخصي دون أي تكليف من أي جهة وهو الامر الذى اتمنى ان يقوم به كل مثقف وكل وطني حر ليس فى مصر فقط ولكن فى الوطن العربى ككل فالمخاطر واحدة والتحديات متشابهة والاهداف والآمال معلقة على وعي الشعوب العربية بأجيالها المختلفة. 

- ما هي الرسالة التي تود فى نهاية هذا اللقاء الممتع توجيهها إلى لبنان ؟ 

ان لبنان الشقيق وشعبه الحبيب يحتل مكان العقل والقلب للشعب المصرى وحكومته وخصوصاً فى المجال الثقافي والفني والسياحي ودائماً ما نطلق عليه الشقيق الاصغر المدلل وهناك العديد من المواقف التي تؤكد وتؤيد ذلك ولعل اخرها هو ما  حدث بالآمس عندما طلبت الدكتورة اللبنانية/ رندة ابو الحسن الممثل المقيم لبرنامج الامم المتحدة الانمائي فى مصر أثناء إحتفالية إطلاق تقرير منظمة التنمية البشرية الدولية  أن تلتقط والدتها صورة تذكارية مع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى حيث تبين أنها حضرت خصيصاً من لبنان الى القاهرة لحضور تلك الاحتفالية ولقاء السيد الرئيس وجميعنا قد شاهد هذا الترحيب من جميع الحاضرين  بهذه السيدة الفاضلة والتي أعربت عن تقديرها للجهود الجبارة التى يبذلها سيادته من أجل الاصلاح والتنمية والاستثمار مؤكدة ان ما رأته فى مصر من إنجازات وصلت لحد الاعجاز المذهل. أقصد من هذا ان لبنان لديه القوة البشرية والثقافية وايضاً الاقتصادية مما يجعله ينهض من تلك الكبوة التى تعرضت له مثله مثل الدول العربية خاصة بعد 2011 .

كما إنه  يحظى بمحبة كبيرة من معظم دول العالم وجميع الدول العربية ولابد من استثمار تلك المحبة والعلاقات المتميزة  للاسراع فى النهوض بالدولة اللبنانية الحبيبة والشقيقة وانها لقادرة على ذلك بإذن الله.

  جميع الآراء تعبر عن أصحابها بموجب  حق حرية التعبير وضمن الاطر
القانونية والانسانية المرعية الاجراء
               @جميع حقوق النشر محفوظة