ايمان أبو شاهين يوسف - 8- 10- 2023
ولد الأستاذ أنور يوسف أبو الحسن في بلدة بتخنيه في المتن الأعلى من جبل لبنان، لعائلة متواضعة، تؤمن بكرم الطبيعة، وتحيا من تعبها وعرق جبينها.
الوالد فلاح يختزن في قلبه محبة الأرض ويثق بصدق العلاقة معها، فانعكست هذه الثقة على مسيرة حياته التي تميّزت بالصدق والكرم، والجدّ والنشاط، وجعل شعاره "اكرم الأرض تكرمك".
اما والدته فهي إنسانة مؤمنة، طيبة، نهجت طريق التقوه والصلاح، واعطت الوطن أبناء متميزين بنهجهم، وعملهم، واخلاقهم الحميدة.
درس الأستاذ أنور من المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية في مدارس خاصة ورسمية، وحصل على ماجيستير في اختصاص "marketing management " من جامعة "kentucky ".
عمل لمدة عشرين عام في شركات كبرى في الخليج العربي وتبوأ مراكز إدارية متعددة في شركة " تويوتا" وشركة بن لادن.
اما في لبنان فقد عمل لمدة ستة عشر عاما كرئيس مركز في مؤسسة اوجيرو، وكان دائما مثلا يحتذى به، لإيجابيته وتشجيعه الدائم لفريق عمله، مع معاملته اللائقة لكل المراجعين.
بسبب رحابة صدره، ومهنيته الوظيفية المتميزة، مع ما يتمتع به من اخلاق عالية وعلاقة طيبة بالآخرين، كانت حياته الوظيفية خالية من المشاكل الكبرى والمعقدة.
الأستاذ أنور شعاره القناعة التي تحثك دوما على ان تكون الأفضل. الأفضل في عملك، والأفضل في دورك كأب لأربع بنات، والأفضل كزوج لسيدة فاضلة متعلمة ومعلمة، والأفضل لمجتمعك، والأفضل لعلاقته بالأخر.
الصدق كان سيد الاحكام عنده قولا وعملا. مع ايمانه بحرية الرأي واحترام الاخر مع الاختلاف.
ولأنه يؤمن بان السنابل الملأى تنحني ثقلا وتواضعا، لم يمارس التكبر والغرور يوما. بل كان يعرف برجاحة عقلة وعمله الدائم لتطوير مجتمعه بكل أناة وتواضع.
الأستاذ أنور يقتدي دائما بكل من بنى نفسه بصدق وامانة وناضل وكافح من اجل تحقيق النجاح. لهذا فان نصيحته لشباب اليوم هي: ان لا تغرهم مظاهر المادية، وتجذبهم الشهرة، وتضللهم الاغراءات الإعلامية. بل عليهم ان يتمسكوا دوما بالصبر والاستقامة ويسيروا بثبات نحو الهدف.
وهذا فعلا ما سار عليه الأستاذ أنور، سواء في حياته العملية او الاجتماعية، فتفتقت عنده بنات الشعر والفلسفة والادب وقدم اجمل الكتب، كما كان له مشاركات في عدد من الصحف والمجلات حيث كتب المقالات السياسية والاجتماعية وشيء من علم الادارة والاقتصاد.
بالإضافة للمقال الكتابي فقد كان له مشاركات في عدة حوارات ومقابلات تلفزيونية منها على شاشة الجديد، mtv، lbc، و tele lumiere.
عدد الكتب التي قدمها الأستاذ أنور ثلاثة، كما انه يعمل على إعداد وتقديم المزيد من الكتب.
ففي كتاب "المدخل الى الفكر والفلسفة"، فقد عمل على تقديم تفسير مختصر للفكر الفلسفي لعدد كبير من الفلاسفة، بدءا من طاليس الذي يعتبر اول فيلسوف في التاريخ، وهو الذي قال بأن الأشياء المتعددة في عالمنا من اصل واحد وان كل مكونات العالم من جوهر واحد.
مرورا بأفلاطون الذي كان معارضا للديمقراطية لأنه اعتبر بانها قتلت معلمه سقراط. واشتهر افلاطون بنظرية المثل التي تفصل بين العالم المادي وعالم المثل(الماورائي).
وتطرق للمشائيين والتجريبيين والبراغماتيين، والكونفوشيين، والبوذية، والبراهيمية....
وفي النهاية تمنى الاستفادة من كل نوع من أنواع الفلسفة لتحقيق ما فيه خيرا وسعادة للبشر.
وفي كتاب ورد ورماد الذي قدم له السفير لطيف أبو الحسن حيث جاء في تقديمه:
فيا صديقي أبا هناء، ان المتعة التي منحنا إياها شعرك النثري ونوازع الحس الوجداني فيه، المغمس بعطر صنوبر بتخنيه أعادني الى سكينة القرية وبراءتها، فأكبرت فيك هذا المجهود النابض بالفكر، والمعرفة، والوطنية، والجمال.
كما كتب له الأستاذ صلاح امين سعيد اهداء جاء فيه:
صدقاً يا أنور، لقد أحببت هذا الألق، وقناعتي انك استخلصت ابعاداً معطاءة، وتمثلت صوراً أخاذة ومعبرة، وجئت بما يقصر عن استشفافه الكثيرون...)
اما من جميل شعره الذي كتبه في كتاب ورد ورماد قصيدة بعنوان "افق"، جاء فيها:
لا ترحل مع الفجر
فأنت الأفق الذي يشعُّ نوراً
والسحابة التي تمطر خيراً
والإرادة التي تقاوم الفناء.
سأبقى معك أينما رحلت
لأنه رغم سراديب الظلام
سنعبر معاً..
حيث النور والحقيقة.
وكتابه الثالث جاء بعنوان "ظلال" ونال شهادات عدة من شعراء تميزوا بجميل الشعر وعذوبة الكلمة، ومن شخصيات متذوقة للشعر والادب، حيث قال عنه الشاعر يونس الابن: وعدني انه سيعود اليّ بكتاب "ورد ورماد" قبل طباعته، وكان قبل ذلك قد اهداني مؤلفه الأول " المدخل الى الفكر والفلسفة"، وحين فعل صدق حدسي إذ وجدت في خواطره نفحات فلسفية، فشجعته وتمنيت عليه نشرها والاستمرار في هذا النوع من الكتابة، فاستطاع ان يجمع النثر والشعر معا في صور خيالية وجمال رائع، وما زلت انتظر المزيد من هذا الإنتاج المتميز.
ومن أروع الخواطر التي جاءت في كتاب " ظلال " فقرة (أبا العلاء) حيث قال الكاتب:
إنطفأ نور عينيكَ
ليغمر الكون نور عقلك السرمدي
وإن كنت "رهين المحبسين"
فقد حرّرت أفكارنا وعقولنا
وحطّمت قيود الجهل والتعصّب في نفوسنا
أحسّك “في اللزوميات" تشكو سجونك الثلاثة
عتمة في مقلتيك... عزلة في دارك
والنفس في جسدك المأسور
لم تَدرِ يومها أيها الشاعر الفيلسوف
انه من غياهب هذه السجون
ستشرق أنوار الحقّ والمعرفة.
إضافة الى الشعر والفلسفة فان الأستاذ أنور يشغل اليوم مركز رئيس رابطة آل أبو الحسن التي تقوم بإعداد وتنفيذ الكثير من الاعمال والأنشطة الأدبية والثقافية على صعيد بلدة بتخنيه، وهي تستعد حاليا للاحتفال بذكرى الفنان الراحل نبيه أبو الحسن.
الف تحية للأستاذ أنور ولأمثاله من الذين يعطون بصمت وكرم.