الاتجار بالاعضاء البشرية / أنديرا الزهيري


 المستشارة القانونية أنديرا الزهيري -

رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات و عضو مؤسس  -أمينة  سر سابقة بالمركز الدولي للملكية الفكرية - ICIP

22-7-2021

العالم السيبراني  أو ما يعرف  أيضا ” بالفضاء الإلكتروني " ، هو تلك الشبكة التي اطلقت  كمصطلح على عالم الكمبيوتر الافتراضي ، حيث  ترتبط  ب به جميع شبكات الحاسوب والاجهزة على مستوى العالم ، وأصبحت وسيلة  الاتصال  فيما بينها. مع تطور هذا  العالم الرقمي  أصبح من ضروريات  وحاجات الانسان  الذي أصبح غير قادر على الاستغناء عنه إذ أصبحت الأنظمة الإلكترونية مركز اعتماد جيث أصبح بإستطاعة الإنسان، عبر العالم السيبراني، تنفيذ مختلف الأعمال والنشاطات المرتبطة بتداول التجارة والمعلومات وغيرها  ومعالجتها وتفعيل الاستفادة منها. بقدر ما يحمل هذا العالم  من إيجابيات  إلأ أنه لا يخلو من المخاطر ومجموعات مجرمة وعصابات تشكل خطرا على  الانسان وحياته وحقوقه المادية والمعنوية وغيرها. 

وترتبط أ هذه المخاطر بحدوث عدم مساواة رقمية Digital Inequality في العالم، أي تقصير في عدم التجاوب لمتطلبات توفير التقنية للجميع على صعيد العالم هذا من جهة ومن جهة أخرى مخاطر تتعلق بأمن العالم السيبراني Cybersecurity، الذي يرتبط بحماية وسلامة  بيئة العمل في العالم السيبراني. ومن  هنا  لا بد  لنا   التوقف عند  الجريمة السيبرانية Cybercrime  إذ  لا يمكننا أن  نتجاهل  أن  العالم السيبراني وهذه الشبكة العنكبوتية  كيف  تغلغلت في حياة كل إنسان ولبت لمتطلباته إلا انه ينبغي التنبه لها، ولا يجب الاستجابة لجميع  مضامينها. 

وسنتطرق في موضوعنا  عن جريمة الاتجار بالاعضاء البشرية والفضاء ونذكر  بعض من  تلك الجرائم على سبيل المثال وليس الحصر: الاحتيال والاتجار بالبشر وبالأعضاء وسرقة البيانات  والقرصنة وغيرها...

 وبالعودة إلى  موضوعنا  ،لا  بد من  تعريف جريمة الاتجار بالاعضاء البشرية، هي كل عملية تتم بغرض بيع أو شراء للأنسجة أو عضو أو أكثر من الأعضاء البشرية، وهي تجارة حديثة مقارنة بتجارة الأشخاص .ان بيع العضو البشري في أثناء الحياة أو بعد الوفاة باطل قانونًا لمخالفته قواعد النظام العام والآداب العامة. وعمل غير اخلاقي ترفضة الانسانية ولاي سبب كان ومهما اختلفت دوافعه. فهكدا انواع من تجارة تحول مخلوق انساني الى سلعة تجارية خاضعة لسوق العرض والطلب. 

فالاتجار بالاعضاء البشرية وجه من وجوه الاتجار بالبشر وهي من الجرائم التي تعاقب عليها القوانين الدولية والمحلية وتخالف الاصول الشرعية والدينية. هذه الظاهرة تطورت في ظل تطور الطب منذ اواخر القرن العشرين في زراعة الاعضاء البشرية لانقاذ اشخاص من دائرة خطر الموت كانوا تلقوا من متبرعين باعضائهم بدون مقابل الا انه في المقابل لم يخل الامر من استغلال الاعمال الانسانية كوهب الاعضاء من قبل مافيات استغلتها لتجعل الاعضاء الانسانية سلعة في الاسواق السوداء.



 ومن اخطر واشهر مافيات تجارة الاعضاء البشرية:  المافيا الفيتنامية، المافيا الروسية، المافيا المغربية، والمافيا اللبنانية ، و تزايدت في ظل الازمات  التي إجتاحت العالم وجائحة COVID19 التي عززت في نقل الانسان  بشكل كلي من العالم المادي الملموس الى العالم الافتراضي  لشراء  حاجاته من مأكل وملبس وصداقات وعلاقات وأعمال وتجارة وقد كانت مركز إٍستغلال للبعض و كانت الفخ  والمصيدة من عالم الأشرار، العصابات والمافيات الذين طوروا خططهم لاستدراج  أكبر عدد ممكن من ضحايا الانترنت مما  أعطى  مفهوم جديد لعالم الجريمة السيبرانية  لتنتقل من عالمنا  الواقعي الى الافتراضي  نسبة لسرعتها  وإنتشارها ولصعوبة  تحديد مكان الجناة  وتلك المجموعات المنتشرين حول العالم  ومن اجل الاقتصاص منهم. وهناك أسباب التقليدية المتعارف  عليها التي تغزي تلك الظاهرة: الحاجة المالية ،تردي الاوضاع الاجتماعية ،التطور العلمي والطبي لعمليات زرع الاعضاء , عدم وجود الاعضاء البديلة الاصطناعية, غياب القوانين التنظيمية الطبية لزرع الاعضاء والرقابة عليها, زيادة عدد المشردين والاطفال الغير شرعيين في الشوارع و زيادة الامراض وانتشارها في العالم , وتطور الجرائم العالمية المنظمة ولم تعد تقتصر فحسب على الاسواق السوداء بل تطورت لتنتشر عبر الانترنت في ما يعرف بالاسواق الالكترونية السوداء . 

اصبح من المعلوم والمؤكد أن اسرع عمليات التجارة وتبادل السلع تتم بواسطة الانترنت سواء من ناحية الوقت والسرعة ولسهولة التعامل والتبادل الالكتروني العالمي المنفتح على بعضه البعض ونظرا لصعوبة ضبط القوانين لهذه الشبكة العنكوبوتية. 

لذلك وجدت جريمة الاتجار بالاعضاء البشرية منفذا لها من خلال هذه الشبكة واستغلالها من قبل عصابات مافيا الاعضاء البشرية والقيام بطرح الاعضاء ( العيون- القلب – الكلى- الكبد – الانسجة...) بالمزاد الالكتروني حيث لاق رواجا واستحسانا لدى هذه المافيات لصعوبة ملاحقتهم والطبيعة الغامضة والسرية لعملية التوسط الالكتروني في هذا الفضاء السيبراني . 


ومن هنا لا بد  تأهيل الإنسان سيبرانيا ومستخدمي شبكات الانترنت للتعامل مع هذا العالم الفضفاض ، واستيعاب تطوره، وفهم مستجداته والولوج الأمن له.ويجب توفير التقنية اللازمة لكي تحميه من هذا العالم المليء بالاشرار ومحاولة الردع والحد  من الاستغلال لعدم خبرة وطيش  وقلة دراية البعض و تفعيل العقاب ووضع قوانين دولية امنية  في سبيل محاولة تطويقه. ولهذا يجب على المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الانسان والحكومات والمجتمعات المدنية  السعي بشكل مستمر غير منقطع في تطوير إطلاق الحملات التوجيهية والتوعوية  دائمة التحديث و على أرفع درجات  التطور مع  الاخذ بعين الاعتبار إختلاف ثقافة معرفة  كل الفئات المستهدفة  كالفرد والاهل وغيرهم  . 

وما علينا الا ان نقول: مصائب قوم عند قوم فوائد...