السويداء- سهيل حاطوم - 16 - 7- 2022
تصادف في هذه الأيام الذكرى 78 لرحيل أميرة " الطرب والفن الجميل "أسمهان" التي ولدت في الماء يوم 25 تشرين الأول 1918 في قاع سفينة تمخر عباب البحر الأبيض المتوسط من ميناء أزمير التركي إلى بيروت ، وشاءت لها الأقدار أن ترحل في الماء أيضاً في حادث في ترعة طلخا على نهر النيل قرب مدين المنصورة يوم 14 تموز 1944 ، حيث لا تزال ملابسات موتها غامضة إلى يومنا هذا.
"أسمهان" أو آمال فهد الأطرش ابنة جبل العرب التي أطلق عليها الملحن الكبير داود حسني اسم أسمهان، احترفت الغناء في سن مبكرة قبل أن تتم الخمسة عشر ربيعاً وصدح صوتها لأول مرة على خشبة مسرح الأوبرا بالقاهرة فانتزعت تصفيق الجماهير وأدهشت الحاضرين، وأقبل كبار الملحنين من أمثال( رياض السنباطي- داود حسني- زكريا أحمد- فؤاد غصن- مدحت عاصم وشقيقها فريد الأطرش) يغدقون عليها أجمل الألحان وأعذبها رغم أنها لم تتمكن من العيش في محراب الفن سوى أربع سنوات تقريباً.
ومن الأغاني الخالدة التي غنتها( ليالي الأنس- ليت للبراق عيناً- أهوى – ياديرتي مالك علينا لوم) إلى جانب فلمين شهيرين هما( انتصار الشباب- وغرام وانتقام)، وقال الملحن القصبجي في صوتها:( هذا صوت من الجنة) بعد أن وصلت إلى مرتبة المنافسة مع كوكب الشرق أم كلثوم رغم عمرها الفني القصير، ولا يزال صوتها إلى اليوم من أعلى جوابه إلى أدنى قراره يشكل حاجزاً فريداً لم تستطع الكثير من المطربات اجتيازه.
ويشير الباحث الموسيقي سلمان البدعيش إلى أن المطربة الراحلة أسمهان التي ولدت في الباخرة التي كانت تقل عائلتها إلى بيروت قادمة من الأناضول ، قدمت مع عائلتها إلى مسقط رأسها في جبل العرب قبل أن تغادر وأمها علياء المنذر وأخويها فريد وفؤاد إلى مصر، حيث لقيت هناك كل الدعم من قبل كبار الملحنين في مصر، لافتاً إلى أن أسمهان كانت شخصية فريدة من نوعها جمعت بين العاشقة والأميرة التي تخلت عن إمارتها لمصلحة الفن ما جعلها امرأة استثنائية بكل المقاييس في ذلك العصر .
وبيّن أن فيلمها "انتصار الشباب" ما كان إلا رداً كاملاً على ما تفكر فيه وما تعتقده من كسر للعادات والتقاليد ، مشيراً إلى أن صوت أسمهان كان فيه الكثير من السحر ولو قدر لها أن تعيش طويلاً لتربعت على عرش الموسيقى والغناء العربيين بلا أي منازع.
ويرى المحامي ماجد الأطرش أحد أقارب " أسمهان" أنها تعد من عمالقة الفن والطرب في القرن الماضي وقد تألقت أغانيها واستقرت في ضمير الناس وذاكرتهم وكان في حياتها أكثر من إمارة، الأولى عندما أصبحت أميرة للفن والطرب في مصر، والثانية عندما تزوجت من ابن عمها الأمير حسن الأطرش عام 1933 فصارت تعرف بأميرة الجبل.
ويلفت إلى أن " أسمهان" كانت عاشقة للفروسية والخيول العربية الأصلية وتميزت بجمال صوتها الذي يصيب في الوجدان ورقي موهبتها، وعرفت في جبل العرب بمواقفها الإنسانية النبيلة، حيث كانت تمتطي جوادها وتتنقل في قرى الجبل ويخرج الناس لاستقبالها بالأهازيج والأغاريد وكانت تسهم بتصريف شؤون الناس وتلبية مطالبهم.
وفي السنة التي رحلت فيها عام 1944 مثلت في فيلمها الثاني والأخير "غرام وانتقام" إلى جانب يوسف وهبي وأنور وجدي ومحمود المليجي وبشارة واكيم وسجلت فيه مجموعة من أحلى أغانيها، وشهدت نهاية هذا الفيلم نهاية حياتها، حيث سبق لها وأن شاركت بصوتها في بعض الأفلام كفيلم "يوم سعيد"، و شاركت محمد عبد الوهاب الغناء في أوبريت "مجنون ليلى"، كما سجلت أغنية "محلاها عيشة الفلاح" في الفيلم نفسه.
الجدير ذكره أنه وفي طريقها إلى رأس البر صباح الجمعة 14 تموز 1944 برفقة صديقتها ومديرة أعمالها ماري قلادة، فقد السائق السيطرة على السيارة فانحرفت وسقطت في الترعة، حيث لقيت حتفها مع صديقتها فيما لم يصب السائق بأذى واختفى بعد الحادثة، و بعد اختفائه ظل السؤال عمن يقف وراء موتها دون جواب.