7 -8- 2021
لبنان بلد سياحي بامتياز والمواقع الاثرية الكثيرة هي من ابرز مقومات هذه السياحة واليوم ندعوكم لزيارة قرية سمار جبيل والتعرف على قيمتها التاريخية والأثرية. تقع قرية سمار جبيل في قضاء البترون شمال لبنان وتبعد عن بيروت 57 كلم وترتفع عن سطح البحر بين ال 420 و ال600 متر.يعود تسمية قرية سمار جبيل الى كلمة شمرو الارامية او شمر وتعني الحامي او الحافظ وبالتالي تكون التسمية حامية جبيل. الموقع عبارة عن سلسلة من الحضارات التي سكنت المنطقة وتركت خلفها اثاراً تمتد من الألف الثالث قبل الميلاد وحتى يومنا هذا. أبرز هذه الأثار قلعة تاريخية وكنيستين تاريخيتين وبقايا بيوت تراثية تظهر العمارة اللبنانبة الريفية قبل مئة عام.القلعة:شهد موقع القلعة تغييرات وترميمات كثيرة اخرها كان في العام 2017 .
لكن هذا الموقع وبحسب نتائج الدراسات التي اجريت فيه فانه يعود الى الالف الثالث قبل الميلاد او ما يعرف بالعصر البرونزي القديم. أقدم أثر في هذا الموقع نجده في المنحدر الشمالي للقلعة حيث يوجد نقوشا بارزة ((bas – reliefs بيضاوية الشكل تعود الى الفترة الهلينية وقد اعتبرها "ارنست رينان" انها تمثل طقوسا دينية للإله أدونيس والتي كانت منتشرة كثيرا في بلاد جبيل. على المنحدر الشمالي والشمالي الشرقي نجد مغاور مدفنية عبارة عن غرف محفورة في الصخر تعود للفترة الرومانية.اما داخل القلعة فقد شهد الكثير من التعديل والترميم لكنه شاهد على الحضارات التي شغلت هذا الموقع، منها الحجارة المدقوقة والنافرة، وهي تقنية بناء اعتمدت منذ العصورالبرونزية الى العصور المتوسطة ونجدها ايضا في معظم القلاع اللبنانية.كما نلاحظ وجود اجران التخزين على جوانب جدران القلعة وهي تعود الى الحقبة الرومانية. في القلعة ايضا قاعة كبيرة تعرف بقاعة البطريرك يوحنا مارون وذلك لان يوحنا مارون الذي كان بطريرك الموارنة في القرن السابع لجأ الى هذه القلعة هرباً من البيزنطيين في انطاكيا بعد ان دمروا دير القديس مارون فيها ومن هذه القلعة انتقل الى قرية كفرحي في البترون.وبعد دخول الإفرنج في القرن الثاني عشر تم استحداث كنيسة داخل القلعة كما جرت العادة في معظم مواقع الافرنج العسكرية.في المنحدرالغربي للقلعة نجد مجموعة من المعاصر والصهاريج المحفورة بدقة في الصخر.
هذه المعاصر التي كانت تستخدم لانتاج الزيت والنبيذ تعود الى العصور البرونزية او الفينيقية والعصور الرومانية والبيزنطية واستمرت حتى العصور المتوسطة.في محيط القلعة يوجد الكثيرمن الآبار المحفورة في الصخور حيث يقول اهل البلدة ان عددها 365 بئراً.كنيسة السيدة :يعود تاريخ هذه الكنيسة الى القرن العاشر ميلادي ومن الواضح استخدام عناصر هندسية تعود للحقبات الفينيقية و الرومانية مثل بقايا مذبح في الحائط الشمالي او بقايا العواميد.الكنيسة شبه مدمرة وبلا سقف، وما بقي منها هو الحنية التي تضم بقايا تصاوير جدرانية تعود بحسب الدراسات الى القرن الثاني عشر والثالث عشر، بالإضافة الى الحائط الشرقي والشمالي وبعض مداميك الحائطين الجنوبي والغربي.
كما يسبق الكنيسة رواق مسقوف وهي تقنية معروفة جدا في القرون الوسطى. من المرجح ان الكنيسة قد دُمرت في نهاية القرن الثالث عشر وبقيت على ما هي عليه حتى يومنا هذا.كنيسة مار نوهرا:هي الأثر الأحدث في هذا الموقع المميز. رُممت واضيفت تعديلات الى هندستها الحالية في نهاية القرن التاسع عشر لكنها في الاساس بنيت في القرن الثاني عشر على انقاض كنيسة بيزنطية اذ نجد بقايا حنية تعود الى القرن السابع ميلادي وهذا ما بينته الاسبارت التي نفذت في موقع الكنيسة ومازالت ظاهرة للعيان.هي كنيسة ذات نمط بازيليكي اي مقسومة الى ثلاثة صحون وتنتهي بحنية واحدة لناحية الشرق. يسبق الكنيسة لناحية الغرب رواق مفتوح وسقفه من العقود المصالبة.
في الداخل تقسم الصحون الى ثلاثة من خلال الركائز الحرة التي تحمل الأقواس وتنتهي بسقف من بعقود مصالبة. أهمية هذه الكنيسة انها تمثل حقبة عمرانية خاصة عرفت بالفن الرومانسيكي وهو فن معماري انتشر في اوروبا في القرن العاشر والحادي عشر ووصل الى الشرق مع الحملات الإفرنجية في بداية القرن الثاني عشر.اذا، نحن امام موقع أثري سياحي بامتياز، يختصر الحضارات التي سكنت شمال لبنان عبر العصور من الفينيقية الى يومنا هذا. الوصول الى الموقع سهل جدا وزيارته مهمة من الناحية الثقافية والتاريخية والدينية بالاضافة الى الاستمتاع بجمال القرية الهادئة والمشي بين أزقتها.