السويداء - نهى عبد الصمد - 3 - 1 - 2022


سموهم: "ذوي الهمم"
 يحتفل باليوم العالمي للمعوقين في 3 ديسمبر من كل عام وقد كان احتفال هذا العام في المركز الثقافي في السويداء، ترعاه وزارة الثقافة، بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومعهد تحت اشرافها يعتني بالصم والمكفوفين ومن لديهم متلازمة داون، يرعاهم ويعلمهم ويدربهم على المهارات التي يحتاجونها ويحضرهم لدخول سوق العمل، شارك مركز الفرح للعناية بذوي متلازمة داون، الذي تديره السيدة اعتماد العقباني في الفعالية، وساهم فرقة صوفيا المتألقة بإضفاء الحيوية على المسرح مع رقصات ونغمات حلوة.
السيدة # هزار أبو فخر تنتقل بينهم كضابط ارتباط تفهمهم ويفهمونها بإشاراتهم الخاصة.كلمات بسيطة قيلت، أهمها أن هؤلاء الأطفال يمكنهم تعليمنا كيف نفرح وتسامح، كيف نحب بلا شروط. تم تنفيذ مسرحية حول الزواج المبكر، مسرحية صامتة وعزف اورغ مع إيقاع، ورقصة استعراضية لفرقة صوفيا. فعالية بسيطة في الظاهر لكنها ناجحة ومعبرة ومتقنة، تحتاج كثيرا من التنسيق، كثيرا من التنظيم، لأن هذه الفئة من الأشخاص لا تتمكن من الانضباط التام على المسرح ولا تستغني عن مرافقين ومساعدين، تشفع لها بسمة دائمة وصدق انفعالات، تنتزع التصفيق من جمهور يملأ المكان ويتفاعل معه، فقد أتى معظم الحاضرين لانهم يهتمون شخصيا.
وهم ذوي همة عالية، قلوب لطيفة جدا، وفي الغالب أرواحهم شفافة. فيهم براءة عالية مهما كبروا وتقدم بهم العمر. قالت السيدة * نبال الظواهرة في كلمة راعي الاحتفال# علينا أن نتعلم منهم.. 
وكانت بسمة مدير المركز الثقافي، الاستاذ# باسل الخطيب. مثل حضوره، اهتمام مباشر، بصمت، بكل الجوانب التقنية المتعلقة بالصالة، حريصا على أن يخرج النشاط في أفضل ما تسمح به ظروف المركز رغم التحديات الراهنة، خاصة انقطاع الكهرباء. أردت أن أكتب عن غير الجانب الرسمي للاحتفال في هذا اليوم… 
لكي ننظر الى حالة المعاقين، علينا أن ننظر الى الأسرة التي ينتمون اليها، خاصة إذا وجد اثنان منهم في الأسرة نفسها.ستحتاج الأم الى همة استثنائية، والأب، يلزمه صبر أسطوري، حياتهما تغدو تحديا عظيما، وأي نجاح يسطره أحدهما في تطوير حياة الابن المعاق، لا بد أن يكون كالنحت في الصخر، من جهة الصعوبات التي تواجه التربية مع حالة الاعاقة، والعناد الذي يتصفون به غالبا بسبب اختلاف نمط تفكيرهم، واختلاف أسلوب تقديرهم ضروريات الحياة، وعدم انتظام دوافعها تبعا لما يعتمل داخل أنفسهم مما لا يُرى ولا يسهُل التكهن به. وفي بلد مثل سورية، يبدو كل ذلك على درجة عالية من الصعوبة.
 لأنني عملت مدرّسة في معهد الصم والبكم على مدى سنوات، عرفتهم عن قرب، إداريين وأهل وطلاب، كل يوم كنت اقترب أكثر منهم وأحبهم أكثر، وأقدِر كفاحهم. في الحفل، كنت محاطة بهم وبنجاحاتهم، على يميني، في الصالة، كانت #أم يعرب عامر، تجلس بسكينه، تشاهد ابنها يشارك في المسرحية بحيويته المعهودة، لديها ولدان يعانيان الصمم التام، لم تترك ذلك يعيق تقدمهما العلمي، بتفوق، ماريانا عامر كانت الأولى في معهد تقنيات الحاسوب، ويعرب تخطى الشهادة الإعدادية، بينما أختهما الكبيرة تتفوق في كلية الطب البشري. الرب وحده يعرف ماتقاوم هذه العائلة. على يساري، ام أسامة، ابنها أنس الهادي في البكالوريا، وسام في الشهادة الاعدادية، فرح لم تدخل المدرسة بعد، الثلاثة مكفوفون، مع ذلك لاتفارق الابتسامة وجوههم، بينما يمارسون حياة أشبه بالاعتيادية، تتوزع بين الدراسة والتمرين على آلات موسيقية، الأورغ والإيقاع، ومتابعة خبرات دقيقة في عالم الالكترونيات.
 و صوت #فرح ملفت للنظر، الأم بينهم، معهم، ملازمة لكل خطوة تخطوها هذه العائلة، مثل خلية نحل تصفي عسل النجاح من مرارت الحياة، تنتزع السعادة من بين فكي قدر لا يبدو منصفا لولا الحكمة الربانية. من أهم إنجازات ام أسامة أنها دربت أنس، وسام وفرح على التعامل مع حياتهم اليومية كشخص مبصر وذي بصيرة في الوقت نفسه، رأيت كيف يساعدونها في الشؤون الصغيرة والكبيرة حتى أن حياتهم تبدو طبيعية.
أمامي، كانت سيدة محاطة بأسرة تحكي عن نفسها بمجرد لنظر اليها #نجاة ابو رايد، حضرت لتشارك في تكريم ابنها # أغيد نذير ابو حلا، فاز بالجائزة الثانية للرسم على مستوى سورية، طفل منغولي حولته ارادة اهل مجتمعين، اب وأم وأخوان، من معاق الى موهوب ثم إلى مبدع، كلهم مبتسمون، تفاهم تلقائي فعّال،يعطي للحياة معنى وقيمة.غيرهم كثيرون جدا# السيدة مروة العشعوش وزوجها # عهد ابو فخر..حياة كاملة من التحدي والمحبة، حملا الشهادات العالية، يتابعان، على رأس جمعية المكفوفين في السويداء، كل ما يمكن أن يقدم مساعدة لهذه الفئة التي حباها الله نور القلب والبصيرة.ريبال حيدر، كندة الوقية براءة الحمصي،أنس واخوه وسام الهادي طلابي المبصرون بنور القلب والمحبة..أخرج من الدرس معهم وانا أحلق في سماء لا تعرف الحدود.
في زوايا هذا البلد المبتلى بنكبات ما بعد الحرب،أياد كثيرة تزيح الركام، تزرع وتبني وتسقي عطش الإنسان إلى الطموح والتميز.