معظم وسائل الإعلام والتّقنيات الحديثة بيئة عنيفة غير صالحة للأطفال

سهيل حاطوم 

تصبغ ظاهرة التّلوث الإجرامي كثيراً من وسائل التّقنية الحديثة التي يتعامل معها الأطفال، وهي ظاهرةٌ خطيرة تعانيها كل دول العالم دون استثناء، كما أن وسائل الإعلام والتّقنية الحديثة التي يستعملها الطّفل حالياً كالقنوات الفضائيّة وشبكة الإنترنت وألعاب الفيديو ومحتوى الهاتف الجوال تحظى بانعدام الرّقابة على استخدامها وإدمان الطّفل عليها، ما يجعلها تشكّل خطراً حقيقياً على نفسيّة الطّفل وصحته ومستقبله.


إذ تقوم هذه الوسائل بعملية تنشئة اجتماعيّة متواصلة ودائمة وشاملة ، تغذّي الأطفال بالقيم السّلبية وتحدث آثاراً عميقة الأثر في نفوسهم الغضّة التي تتعرّض لهذه المؤثرات بشكلٍ مستمرٍ شديد الكثافة والتّركيز.


ويمكن تصنيف العنف المقدّم للطّفل إلى نوعين؛ يتمثّلان فيما هو موجهٌ ضد الطفل وفيما هو صادرٌ عنه، وبالنّسبة للنّوع الأول تُعرّف دراسة الأمين العام للأمم المتّحدة حول العنف ضد الأطفال والصّادرة في نهاية عام 2006 بأنه الاستخدام المتعمّد للقوّة أو السّلطة أو التّهديد بذلك ضدّ الذّات أو شخصٍ آخر ، ما يترتّب عليه أو ممكن أن يترتّب عليه أذىً أو موت أو إصابة نفسيّة أو اضطراب في النّمو ، ويشمل العنف كذلك استخدام الأطفال في النّزاعات المسلّحة وعمالة الأطفال، كما تعتبر بعض الممارسات الصّحيّة الخاطئة مثل ختان البنات ضرباً من ضروب العنف المسلّط على الطّفل.


ومن الآثار السّلبية على الطّفل والنّاجمة عن التّعرض للمحتوى القائم على العنف:
- في ألعاب الفيديو العنيفة يشارك الطّفل بنفسه في العنف بالقتل والضّرب والتّخريب والتّفجير والسّحق والخطف وغير ذلك، وربما كان ذلك بأداة تحكّم على هيئة مسدّس في يده، فتكون بمثابة تدريبٍ شخصي فردي له.
- إن الإدمان على مشاهدة العنف يؤدّي إلى تراكم المشاعر العدوانيّة والعزلة وقد يقود الطّفل إلى خطر الانحراف نحو جانب العنف ومعاداة المجتمع.
- الإدمان على ألعاب الفيديو العنيفة يؤدّي في كثيرٍ من الأحيان إلى إصابة الأطفال بتشنّجاتٍ عصبيّة تدلّ على توغّل سمة العنف والتّوتر الشّديد في أوصالهم ودمائهم حتى ربما يصل الأمر إلى أمراض الصّرع الدّماغي.
- بعض الألعاب تعتمد على أن قتل الشّرطة نوع من البطولة بدلاً من أن ينشأ الأطفال على حبّ النّظام واحترام الشّرطة ورجال الأمن.
- إدمان العنف يؤدّي إلى تبلّد إحساس الطّفل تجاه ضحايا العنف وعدم الشّعور بمعاناتهم.


أيضاً فإن ترك الطّفل وحيداً في مواجهة وسائل الإعلام ووسائل التّقنية الحديثة كالإنترنت وألعاب الفيديو ومحتوى الهاتف الجوّال والقنوات الفضائية سيكون ذا عواقب وخيمة على عقله وفكره وذاته ومستقبله.


ومن الملاحظ أن الطّفل المتروك وحيداً في مواجهة تلك الوسائل يتعرّض للاضطراب النّفسي والقلق الرّوحي والشّعور الدّائم بالخوف والافتقار إلى الأمان.


ويصل الطّفل الذي تهمله أسرته إلى مرحلة الضّياع وعدم القدرة على فهم ذاته وتحديد هويّته وبناء شخصيته بسبب كثرة المؤثّرات المضطربة المتناقضة التي تحيط به بين الأسرة والمدرسة والقنوات الفضائيّة والإنترنت وألعاب الفيديو ومحتوى الهاتف الجوّال.