إيمان أبو شاهين يوسف
جاء في القرآن الكريم قوله تعالى في وصفه الحور العين في الجنّة " كأنّهن الياقوت والمرجان".. وقوله تعالى " وحورٌ عين، كأمثال اللؤلؤ المكنون".
السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو، لماذا ذكرت الأحجار الكريمة في القرآن الكريم تحديداً وبجميع الديانات على وجه الأرض تقريباّ ؟
المعروف تاريخيّاً بأن الأحجار الكريمة لها موقعها وأهميتها عند الإنسان منذ قديم الزمان، حيث أنه كان يعتقد أن الحجر الكريم يرتبط بقيمة الكرم ودفع الكره والحسد، وتُبيّن الآثار القديمة بأن الإنسان منذ ألوف السّنين قد استعمل الحجر الكريم لصناعة الحليّ والتّمائم، وأيضاً لترصيع صولجان وتيجان الملوك.
وقد اعتُبِرَت الأحجار الكريمة مقدّسة في بعض الحضارات القديمة كالحضارة المصريّة، التي أدخلتها بالإضافة إلى الذهب في صنع تماثيل ومقتنيات معابدها، كما استعملتها ضمن طقوس خاصة في ترصيع بعض الحلي.
تتكون الأحجار الكريمة من المعادن المتبلورة في باطن الأرض، وتتشكل ذراتها وفق أنماط مرتبة ومتكرّرة بدقّة وفق شروط وعوامل جيولوجية محددة، أهمها: درجة الحرارة المرتفعة، الضّغط المرتفع داخل الأرض، الصّهارة البركانية (العناصر الكيميائيّة ومنها الكربون النّقي بالنسبة للماس)، الصخور الرسوبيّة التي استقرت في باطن الأرض بسبب العوامل الطبيعيّة.
هذه الدّقة في التّكوين، والجمال الرائع في تشكّل الألوان، إضافةً إلى ما تحتويه الأحجار الكريمة من طاقاتٍ مركزة، جعلها تتصدّر قائمة الجمال والطاقة الإيجابيّة. حيث تلعب الأحجار الكريمة دوراً كبيراً في علم طاقة المكان، إذ يعتقد كثير من النّاس وفي كافة أنحاء العالم أن لهذه الأحجار القدرة على جذب المكاسب والثّروات، كما ولها القدرة على طرد شرّ الحسد وجلب السّعادة والرّاحة النفسية.
تختلف الأحجار الكريمة من حيث المنشأ كما تختلف من حيث التركيب والّلون.. ومن المعروف أن الأحجار الكريمة أحجار ملوّنة وبرّاقة وكلما كان الّلون واضحاً فيها ولمّاعاً، كلما ازدادت قيمة الحجر، باستثناء الماس الذي تزيد قيمته كلما زادت شفافيته.
يمكن تقسيم الأحجار الكريمة حسب المنشأ: أحجار من الصخور البركانيّة. وأحجار من الصخور الرسوبيّة و تتوزع مناطق إنتاج الأحجار الكريمة اليوم بين عددٍ من الدّول التي تقع في مناطق مختلفة من الكرة الأرضيّة، حيث نجد أن البرازيل( في أمريكا الجنوبية) هي المنتج الأول للأحجار الكريمة التي اكتُشِفَت في أراضيها منذ 1500 سنة.
تعقبها مدغشقر الجزيرة التي تقع في المحيط الهندي، والتي تشتهر بإنتاج حجر الياقوت الأزرق. . وتحلّ روسيا في المرتبة الثّالثة وهي تسيطر على الإنتاج العالمي للماس.. ثم سيريلانكا الدولة الأكثر إنتاجاً للأحجار الكريمة حيث تقول الروايات بأن الملك سليمان أهدى بلقيس ملكة سبأ مجوهرات مصنوعة من الأحجار الكريمة السيرلنكية.. وبعدها اليابان التي تسيطر على إنتاج اللؤلؤ البحري الطبيعي وتنافس لؤلؤ المياه العذبة الصيني ثمّ بورما التي تعتبر أكبر منتج للياقوت في العالم.. ويأتي بعدها أستراليا التي تعتبر المصدر الرئيسي لإنتاج حجر الأوبال، كما وأنها تنتج كمياتٍ كبيرة ومتنوعة للأحجار الكريمة.. وأخيراً كولومبيا التي تشتهر بأنها أكبر منتج للزمرد من النوع النقي.
قديماً كانت مصر مصدراً غنيّاً لإنتاج الأحجار الكريمة، شأنها شأن مختلف الدول الإفريقية حيث نجد أن معظمها ينتج مختلف أنواع الأحجار الكريمة.
وقد قدّس القدماء المصريّين خمسة أنواعٍ من الأحجار الكريمة (حجر اللازورد، حجر الفيروز السّيناوي، حجر الزمرد وهو الحجر الذي تزيّنت به الملكة كليو باترا، حجر الزبرجد، وأخيراً حجر اليشم الأبيض).
تتميّز الأحجار الكريمة من حيث الدلالة والسّعر، حيث يرمز الزفير إلى الحكمة والصّدق والثقة.. بينما الياقوت فهو بمثابة جوهرة الأحجار الكريمة وأكثرها قيمةً على الإطلاق بسبب ندرتها والياقوت هو رمز العاطفة والحب.. أما الزّمرد فهو حجرٌ له خصائص علاجية ويتميّز بجمال لونه الأخضر، وهو المفضل عند الشّخصيات البارزة.. حجر السّبج الأسود فهو يطرد الطاقة السّلبية والشّعور بالإجهاد، كما ويقاوم المشاعر السّيئة والغيرة، رغم لونه الأسود.. ويتميّز حجر السّيلينيت بأنه حجر الطاقة الإيجابيّة ومنظّف من الطاقة السلبية.. وبالنّسبة لحجر الجمشت فله قدرة على تطهير المكان أو الإنسان من الطّاقة السّلبية والمشاعر السيئة، ويساعد على التأمل وصفاء النّفس والرّوح.. الكوارتز وهو يساعد على وضوح الرّؤية الدّاخلية ويقوّي البصيرة بسبب ما يكتنزه من طاقةٍ إيجابية كبيرة.
الأحجار الكريمة نادرة بسبب عدم توفر العوامل التي تساعد على تشكلها بصورة دائمة، لذلك فإن أسعارها تتفاوت بحسب نقائها وندرتها. والوحدة العيارية لوزن الأحجار الكريمة تسمى القيراط أي ما يعادل خمس (5/1) غرام.. ويمكن تصنيف الأحجار الكريمة إلى أحجار كريمة عضوية مثل المرجان، اللؤلؤ، الكهرمان... وأحجار كريمة معدنية مثل الياقوت، الألماس، الأوبال، عين النمر، الزمرد... والأحجار الكريمة هي من أهم كنوز الطبيعة بسبب الوقت الطويل الذي تستغرقه لتتشكل، إضافة إلى قوة متانتها وسحر جمالها، لذلك فإن ثمنها مرتفع جداًٌ، وعلى سبيل المثال فإن ثمن قيراط الجاديت وهو من عائلة أحجار اليشم 3 ملايين دولار.. وسعر قيراط الماس الوردي 1,19 مليون دولار وسعر قيراط الزمرد 305،000 دولار. وقيراط الياقوت 1،18 مليون دولار....
ومهما قلنا عن الأحجار الكريمة من حيث جمالها وندرتها ومنفعتها فهو ليس شيئاً أمام اهتمام الفيلسوف الفرنسي روجر كايلوس الذي أكد في دراسة له عن الأحجار الكريمة أثارت انتقاد الكثيرين إذ اعتبروها غير مبنية على مراجع علمية موثقة.. مع ذلك أصر كايلوس وبشدّة على أن الأحجار الكريمة فيها طاقة تحفّز الوعي المتغيّر للفرد وأعضائه الجسدية بهدف دفعه للبحث عن المعرفة.
وأخيراً سواء سمّيت الأحجار الكريمة بأحجار الحظ أو أحجار الميلاد، أو أنها كانت تطرد الطاقة السّلبية وشرّ الغيرة والحسد، أو تحافظ على الطّاقة الإيجابية والشّعور بالقوّة والاطمئنان والرّاحة، فيكفي أنه عندما ننظر إليها فإنها تأخذنا بسحر جمالها وبريق ألوانها ورونق أشكالها الفاتنة إلى عالم السّعادة والجمال وهذا ما يعطيها الجدارة بأن تذكر وتكرّم في كل الحضارات والأديان.
- القرآن الكريم (صورة الرحمن: 58)
- القرآن الكريم (صورة الواقعة: 28)
- موسوعة الأحجار الكريمة- أنواعها، خصائصها وفوائدها – محمد إبراهيم ابداح-دار الجنان- الأردن(عمان)
- كتاب سليمان الحكيم عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ -احمد بن محمد طاحون- pdf
- كليوباترا ملكة مصر -سالي آن أشتون-pdf