ليلى وفوزي الجزء الثالث والأخير

لينا صياغة - 10-3-2021


لم تنتهِ هذه القصة ، و كان الآتي أعظم ، عندما أعجب أحد الشبان بليلى وتجرّأ أن يخطبها عنوة عن اهله و أقاربه ، كانت أكبر منه سناً لكن شاءت الأقدار أن يتزوجها ، و رزقت منه بطفلين لكن الخبثاء بدأوا يدسّون خبائثهم مجدداً و يستكثرون على هذه المرأة سعادتها .

كانت أسرة هذا الزوج أرضاً خصبة لتلك الدسائس و خصوصاً مع حماة و خمس أخوات لك يتزوجن كانت القلاقل دائمة الإقامة في هذه الأسرة ، تفور و تختمر لتصبح خبز نكد و عذاب لهذه المرأة المعذّبة ، فانحرف الزوج في تصرفاته معها ، و أخذ يهمل أولاده ، و يلعب الميسر ولا يبالي بشيء إلّا بسيجارته و خمره ، بينما أدمنت ليلى عذابها تشرب الحسرة و تتنفس الصبر و الجلد على مصابها .
كانت كلما حاولت أن تتقرّب منه ينعتها بأبشع الصفات ، و يقول لها : " إنّ باب البيت مفتوح إذا أرادت الرحيل . أما فرحة أهله فلم تكن تُقدّر بثمن لأن ابنهم أصبح رجلاً ، يقوم بتعذيب عائلته يزجر ، و يضرب وتخاف منه زوجته وأولاده فهو رجل بكل معنى الكلمة ، حيث لا يمكن أن تكون كلمته اثنين . 

رغم كل هذه الصعاب تابعت هذه المعذّبة طريقها فراحت تخبز الأرغفة للجيران لتكسب عيشها و عيش أطفالها، بعد أن رحل مسافراً خارج البلاد . و كأن القدر أراد أن يعاقب هذا الرجل فكانت رسالة له من الله لكي يرى حقيقة الأمر ، لكنه لم يفهم الرسالة . ذات يوم ، حين كان يُقصّب الحجر ، طار جزء صغير من حجر و دخل عينه اليُمنى ففقد البصر بها كلياً ليكمل دربه بعين واحدة . إلا أن هذه الحادثة لم تُزده الّا نقمة و كفراً و غضباً ، و لتزيد من عذاب زوجته الصابرة . الغريب أن هذه الزوجة كانت تحمد الله سبحانه وتعالى كيفما تقلبت و أدارت و جهها الصبوح الذي لم تخفِ معالمه هذه الحسرات التي تعيشها فكانت رؤية أولادها تبلّ قلبها الجاف ، و تلملم جروحه . هكذا دام الحال خمسة و عشرين عاماً و هي لا تكلّ ولا تتذمّر الى أن ذوى فؤادها و جسدها ، لم تستطع تحمّل المزيد من الهموم التي لا تنتهي في كل ثانية تعيشها وهي تحمد وتشكر و تطلب الغفران من الله تعالى .


 أغمضت عينيها و هي تبتسم ولم تتذمّر يوماً من مرضها لأن وجع روحها وألمها كان لا يوازي ألم جسدها ، هكذا انتقلت الى عالم الرحمة ، عالم الحب والصفاء غير آبهة بهذا الكون الفاسد . أمّا فوزي فقد عاش في مجتمعه مُكذّباً على ببئته الحقيقة . لكن الله سبحانه هو الذي يجب أن يقوم الإنسان بكسب رضاه و بركته و رحمته و ليس الناس .

كان عقابه وخيماً في أسرة مشرذمة غير منضبطة ولا محبة بين أفرادها ، ينشرون الفساد و البغضاء كأبيهم أينما حلّوا . ربنا سبحانك، نجنا من أمثالهم .


لينا صياغة - كتاب " شمعتي لم تنطفىء"