كارولين زعرب طايع 6-7-2021
كاتبة روائية وحكواتية،ولدت وترعرعت في علما الشعب فعاشت تقاليد الريف وعاداته حتى انطبعت بها فَغَدت جنوبية الهوى وحافظة تراث وحملت الراية للمحافظة على العادات والتقاليد.
صور : حافظ جريج
اليوم قصتنا إلها طابع جديد ونكهة خاصة قصتنا تراثية أثرية
عن بحر وشط وجرن وملح وعدروب الملح انكتبت الحكاية لِ صرلا سنين مخبّاية
ما في تعَزلو البيت بلايي
هلأ بتصيرو تكبكبو غراض ع الطّالِع وع النازِل
يا إمّي غراض قديمة بكون أكلا العِت والبيت مسكّر إلو كذا سنة
وين بدّك تروحي معنا وغبرا وريحة رطوبة
شو اذا ختْيَرت ما عاد إلي كلمة هيدا بيت العمر وما بتعَزلو بلايي
ما إلن قلب يكسرو بخاطرا أخدُوا معن وبس وصلو نزَّلُوَا وقعّدُوا ع كرسي وبلّشو يعَزلو ويكبكبو
لا ما تكبّو هاللحُف هودي لحُف صوف
يا إمّي تقال وما بقا حدا يتغطّا فيُن
طبّ مخدات الروَيْشه خلوهن باليوك شو زاعجينكن مش عم افهم
إمّي قاسين وبِوَجعو الرقبة
صارت إم جميل تراقبن عم بكبكبو وتبلع بريقا
ووصلو ل برنيطة قش وسلّة معلّقين بمسمار ع الحيط
وهيّي شافتن ماسكينن وصرخت
كلّو إلّا هَودي كلّو إلّا هَودي
ومسكت عكّيزتا ووقفت
إذا بتكبّوون ما بعود إحكي معكُن بحياتي
ومشيت للحيط وأخدِتُن ورجعِت قعدِت ع كرسِتا وضلّت عابطتُن كل الوقت
خلّصو تنضيف وتعزيل البيت ورجعو وإم جميل مش قبلانة لا تترك البرنيطة ولا تترك السلة
وتاني يوم بس فاتو البنات ت يوعّو إمُّن لقيُوا قاعدة بالتخت وحَدّا البرنيطه والسلّه
وقبل ما يقولو صباح الخير بلّشِت تحكي
برنيطة الملاحه وسلّة الملح
كنت صغيرة عمري شي عشر سنين وبيكُن أكبر منّي ب سنتين
وكانت عيلتنا وعيلتُن عندن ملّاحات حد بعضن ع البحر
وكانو الرجال مسؤولين عن الزرع والشغل بالكروم
والنسوان مسؤولة عن الملّاحات
ونروح انا وبيّكن كل واحد.مع إمّو تنساعدُن
ونصير نعبّي ميّ بالدلو من جُوَر الشط ونفضّيُن بجران الصخر الطبيعية ت تضرُبن الشمس وتنشّف الميّ ويبقالنا ملح
كان مصدر رزق مهم للعيلتين
وكبرنا
وع جران الملح بيكُن غنّالي موّال
وغمّضت عيونا وسمعت صوتو عم بغنّي
وصارت تغنّي معو ع صوت واطي
يا صبيّه ويا حلوه
يا أحلى بنت بالديرة
ما عندي غير كوخ صغير
وفرشتين وحصيره
يلّا تعي نتجوّز
بحق العشرة والجيرة
والله ت حبّك أنا
وعيّشِك أميري
وسكتت زلفا
سكتت زلفا
تحمّسو بناتا
هيدي أوّل مرّه إمُّن بتخبّرُن هالقصه
ماما كمليلنا القصه
كانت الشمس قويّة وبيّكُن لابس هالبرنيطه خاف عليّي ولبسني اياها ت ما آكل ضربة شمس
زلفا... بتعيشي معي ع الخبزه والزيتونه
طرت من الفرحة وصار قلبي يدق مليون عشرط .. زيتون خضير مكبوس بالملح الخشن
ضحك
وراح عبّالي سلة من زهرة الملح وقدّملي ياها
قبَلي مني سلة هالزهر البنات طلّعو ببعضن زهرة ملح اكيد إمُّن بلّشِت تضيّيِع
ماما زهرة الملح !
ليش الملح بيعمل زهر!!
لما تتعبّى الجران من مية البحر
وتتبخّر ع حرارة الشمس
ويكون الهوا شرقي ناشف
بتعوم زهرة الملح ع وجّ الجرن
متل الطرحة ع وج العروس
أجمل طرحة ممكن تشوفا عين
وزهرة هالملح كان وجّا خير علينا
تجوزنا وورتنا الملّاحات عن أهلنا
وصرنا نعمل ملح ونبيع
ملح خشن
زهرة الملح
وملح الأكل الناعم
وبيّك كان معروف بنزاهتو وإنّو ما بغش حدا
يعني أول فوج ملح يلي بيطلع هو الملح التقيل
هيدا بيّك كان يكبّو لأن ممنوع يُستعمَل بالأكل بيأذي الإنسان
وصفنت..
وتنهدت.......... رزقالله.
بذكر مره وصل صيتو ل التلفزيون وإجت صحافية برنساوية عملت معو مقابلة وصار هوّي يحكي وترجمان يفسّرلا
وصوّرِتو صورة نزلت بالجرايد
وكل نسوان الضيعة إجو هنّوني
مبروك يا إم جميل مبروك أبو جميل صار مشهور أد المير بشير
مبارح شفنا ع التلفِزيون حاطت البرنيطة وقاعد حد هالملحات ونازل شرح بتقولي خريج من جامعة الساربون .. شي بكبّر القلب يا إم جميل شي بكبّر القلب
وضحكو عيونا هيّي وعم تتذكر
يا بيّي شو شفت حالي وقتا
ضلّ حديث الضيعة ع جمعة
ومدّت إيدا ع كعب السله وشالت شقفة جريدة
فتحتا.. باستا ...
وشو خبّرا للصحفية
صارت هيّي تسأل .... الترجمان يترجملو وهوّي يجاوب ...
ويا حبيبي عليه لا تلبّك ولا شيّانه
إستاذ ظافر
كم ليتر ميّ بدّك تيصيرو ملح
كل ١٠٠ ليتر ميّ بيعملو تلاته كيلو ملح
وبأي طقس بتستخرجو الملح
كل نوع ملح وإلو طقس
الملح الخشن مثلاً بيخلق بكعب الجرن لما يكون الهوا غربي رطب
مزبوط في ملح مر
ايه مزبوط وهيدا آخر شي لما يضلّ في ميّ بالجرن وبصير متل الحليب منقلّو حلّب الجرن منقيمو ومنكبّو ومنّضِف محلّو
وبَيكُن كان مشهور بكرَمو
بس خلّصو المقابلة عزمن ع الغدا
من قبل بليلة نبهني
برنساوية تجي لعنّا وما تاكل تبولة وكبّه نيّه من إيديكي يا إم جميل.... عيب مدّيتِلُن أحلى سفرة
وبس خلص الغدا ما قبل غير يهدِيُن سلة من زهرة الملح لأنها الأغلى
وسكتت إم جميل ومسكت البرنيطة
وحطتا ع راسا
وعبطت السلة وغمضت عيونا
وشافت الملح الأبيض
وشافت غروب الشمس الزهري
وابتسمت
شو حلوة حياتن من زمان شو حلوة القناعة ل عاشو فيا وأديه كانت مباركة عاشت معو ع الخبزة والزيتونة بس يكون مكبوس بملح خشن شغل دياتا ملح لبناني من ملاحات لبنان مية بحر وحرارة شمس
وجرن وصخر وتعب انسان
هيدي كانت حكايتنا لليوم عن الذهب الابيض .. ملح لبنان
كلمة ملح كلمة فينيقية
ولبنان إبن فينيقيا
ومن إيام الفينيقيين استعملو الملح بصناعة اللون الأرجواني وبالحفاظ على الأكل بسفراتن وبعملية التبادل التجاري ما وراء البحار
أدّيه غني تراثنا وأدّيه مهم تاريخنا
الحرف طلع من عنّا
واللون الأرجواني تكوّن عنّا
والملح الفينيقي تصدّر من عنّا
من انسان المغارة ل إنسان الحضارة رافق الملح الإنسان
وباقي مهما مرّ الزمان
منظمة الأونيسكو وضعت شواطىء أنفا ع اللائحة التمهيدية لمواقع التراث العالمي
وع دروب الملح اللبنانية التراثية الأثرية من عاصمة الملح اللبناني عبر التاريخ حكينالكن الحكاية