الشيخ المؤرخ مكرم المصري - 12 - 6 - 2022
بحسب المصادر التاريخية كانت جميلة وذكية، ترمّلت في عز شبابها بعد موت زوجها وكان لها منه ولدا واحدا ولكن اخويه من أبوهم رفضوا الإعتراف له بحصته من الورثة ، فلجئت الى مشايخ صلخد ووجهائها ولكنهم لم يفلحوا في مساعدتها فعادت بابنها الى أهلها والذين حاولوا بدورهم أن يجدوا حلا لتلك المشكلة ولكنهم عجزوا عن ذلك بعد إصرار أخويه بحرمانه من الورثة. ولأنها قوية ولا تستكين للظلم قصدت الوالي التركي لتحصّل حق إبنها من الورثة ودخلت مجالا كان محرما إلا على الرجال في ذلك الوقت ولا عجب ان أعجب بها الوالي التركي عندما قابلته أول مرة شاكية له مشكلتها ، فأوصى بها القاضي المسؤول، الذي راودها عن نفسها فأبت، وصدته بكل جرأة وعفة ، وعندما صارحها الوالي التركي بإعجابه بها وبأنه يريدها زوجة له فماطلته حتى أخذت حكماً قضائياً من المحكمة يثبت حق إبنها من الورثة ، ولدى إصرار الوالي على طلبه وللتملص من طلبه قالت له : عليك أن تطلب يدي من أهلي، فأنا رهن موافقتهم!!
ولم ينتظر الوالي التركي ممدوح باشا طويلاً، بل أرسل خمسة من مرؤوسيه، بينهم مترجم من أهالي السويداء، يطلبون له ميثا بقصد الزواج. وما خطر بباله مطلقاً رفض طلبه ، وحالما علم أهل ميثا بمهمة رُسل الوالي ، جاهروا بالرفض وسرعان ما انتشر الخبر في القرية، انتشار النار في الهشيم وما هي حتى لحظات حتى تجمع رجال القرية يريدون قتل الرُسل، لانتهاكهم حدود العادات والتقاليد. لكن الالتزام بالعادات المعروفية في حماية الضيف، جعل أحد زعماء البلدة ينبري لحمايتهم، بأن استضافهم في منزله، حتى صباح اليوم التالي. وخوفاً من حدوث أية مفاجأة، فرش ونام أمام باب المضافة وفي اليوم التالي عادوا والفرح مالئ قلوبهم بأن عادوا أحياء بعد أن كان الخوف مسيطراً على أحلامهم في الليلة السابقة.
عندما وصل لمسامع الوالي ما حصل استشاط غضباً وأراد أن ينتقم من والد ميثة وأهل عرمان جميعاً ولكنه لم يكن يريد أن يكون سبب رفض ميثة واهلها له السبب في انتقامه منهم، فأخذ يفتّش عن حجة لغزوهم، فوقع اختياره على موضوع البدو والمزروعات فأوعز الى قبيلة "الصفيان" بالإعتداء على مزروعات أهل عرمان فواجهه النواطير وحدثت عدة اشتباكات بين النواطير و الرُعاة. قُتل على إثرها بعض الرعاة من البدو فقاموا بتقديم شكوى الى حاكم السويداء آنذاك عبدو أفندي. أرسل عبدو أفندي بطلب بعض وجهاء عرمان إبراهيم الجرمقاني، صالح الحلبي، هلال العطواني، محمود صيموعة و لدى ذهاب الوجهاء لمقابلة الحاكم العثماني بالسويداء نَصَحَهُم مُختارها محمود جربوع بعدم المقابلة لأن عبدو أفندي سيغدُر بهم ، فعادوا لعرمان ثم اجتمعوا مع وجهاء مَلح و امتان و اخبروهم بما حدث، و تعاهدوا جميعاً على مواجهة أيّ عدوان.
بعد رفضهم المثول أمام عبدو أفندي ذهب هو بنفسه لعرمان على رأس قوة مؤلفة من عشرين جندياً ، يساعده في قيادتها مشرف أغا و ذلك بحجة اعتقال الفارين من الخدمة الإلزامية وبحجة اعتقال نواطير عرمان الذين قتلوا بعض الرُعاة من البدو، و قد استضاف عبدو أفندي و جنوده أحد وجهاء عرمان "محمود أبو خير" في مضافته و قد أولم لهم صاحب المضافة حسب العادات و التقاليد ، و لكن عبدو أفندي أرسل مساعده مشرف أغا مع جنديين لإلقاء القبض على الناطور عبد الله ياغي فأحضروه ممسكين بثيابه ، و لدى مرورهم من أمام مضافة محمود أبو خير قال صاحب المضافة لمشرف أغا :
(تفضل للغداء. و لاحق تاخذ زلم!)، فأجابه مشرف أغا بنبرة حاقدة (أنا باخذ زلم. و باخذ راسك كمان) غضب "محمود أبو خير" و سل سيفه و هجم على مشرف أغا. فعاجله حراسه بإطلاق النار عليه فأردوه قتيلا و في نفس اللحظة هجم علي الدبيسي الذي كان قريباً من مشرف أغا و ضربه بسيفه فأرداه قتيلاً، ثأراً للشهيد محمود أبو خير وبعد الذي حدث ونتيجة خوفه على نفسه لان يحدث معه كما حدث مع مشرف آغا انهزم عبدو أفندي مع من بقي من جنوده و احتموا بمضافة إبراهيم الجرمقاني و أوصدوا الباب خلفهم، و في هذه اللحظات هرب خيّال كردي على فرسه خارج عرمان، ليخبر العثمانيين بما حلّ بجنودهم .
لجأ الجنود الى مضافة الجرمقاني وجعلوها مصيدة لغدرهم، فوضعوا بندقية خارج المضافة وكلما اقترب أحدُ الأهالي لأخذها يقتلونه، و ظل الاشتباك بين أهالي عرمان و الجنود حتى مغيب الشمس حتى قتل من الأهالي رجلان و قتلت امرأة أيضاً.
بعدها صعد أهالي عرمان إلى سطح المضافة، و فتحوا فيها ثغرة تمكنّوا من خلالها من النزول الى المضافة والقضاء على كافة الجنود مع قائِدهم عبدو أفندي. وكانوا أهل ملح أول الواقفين في المعركة. ولازالت آثار تلك المعركة على باب مضافة إبراهيم الجرمقاني شاهداً على تلك الحادثة حتى الآن.
وهنا يقول الامير الشاعر شبلي الأطرش واصفا ما حدث:
جانا خـبر من يم صلخد وعرمـان
نعمين يا وجوه الذياب المشالـــي
عبدو أفندي شارب الخمر سكران
جاهم يهادر مثل فحل الجمالـــــي
جوه النشامى والصبح بعد ما بان
هدُّوا عليه قصور شمَّخ عوالــــي
على إثر تلك الحادثة، جهّز الوالي العثماني ممدوح باشا الذي كان والياً على حوران كلها، حملة عسكرية مؤلّفةً من أربعة كتائب مشاة، معززة ًبمدفعين كبيرين بقيادة غالب بك و رضا بك وقدّ أمرهم بحرق عرمان وتدميرها نهائياً، في أوائل تشرين الثاني عام 1896.
كانت الخطة العثمانية أن يتم احتلال عرمان ليلاً، و لكن دليل الجيش سليم الجاري هو من أبناء السويداء متطوّع في الجيش العثماني، تمّكن بذكائه أن يتّوه الجيش بين كروم عرمان طوال الليل حتى بزوغ الفجر. كان أهالي ملح واقفين بجانبهم من الصباح. كانت عرمان تبعد عن ذلك المكان سيراً ساعة واحدة و قد شاهدهم بعض فلاحيها الذاهبين إلى حقولهم، فرجعوا و اخبروا أهاليهم بما شاهدوه فاستنفروا المقاتلين لمواجهة الحملة العثمانية، و كان عدد المقاتلين في عرمان لا يتجاوزون المائة مقاتل، فهاجموا الجيش من الغرب ليبعدوه قدر الإمكان عن بيوت القرية، وقد سنحت لهم الفرصة لطلب النجدة والمساعدة من القرى التوحيدية الدرزية المجاورة لمشاركتهم ومساعدتهم بالمعركة، تمكن أهل عرمان من الصمود في مواجهة الجيش العثماني في الدقائق الأولى، و كان المطلوب منهم الصمود حوالي ساعة ريثما تصل النجدة من القرى المجاورة، و قد دفعوا ثمن صمودهم أشرف وأقوى أبنائهم، لكن الكثرة تغلب الشجاعة، وبيارق النجدة تأخرت، فرجحت كفة الجيش، وتراجع بعض محاربي القرية نحو قريتهم. وفريق من المتراجعين رأى بيارقاً، تتقدم نحو ساحة المعركة من بعيد، فاستبشر بالفرج، وكره أن يواجه جموع الفازعين، وظهره للمعركة، فلوى عنق جواده راجعاً، يهلل ويبشر بقدوم البيارق. وفريق آخر من المتراجعين وصل إلى مقربة من البيارق، فجمّدته المفاجأة لحظات في مكانه، محتاراً فيما يرى. لأن البيارق التي كانت قادمة ما هي إلا أغطية رأس النساء (فُوَط)، يحملنها على عصي طويلة، لتبدو من بعيد على شكل بيارق كي يحثوا المقاتلين على الصمود ريثما تصلهم الفزعات من القرى المجاورة وكانت النساء يمشين تحت البيارق ويجهرن بالحداء، كأنهن فرسان، هؤلاء هم نساء بني معروف.
عندئذ وازن الواصلون إلى مقربة من النساء بين أمرين أحلاهما مرّ فإما متابعة التراجع نحو القرية، وترك النساء في مواجهة الجيش التركي المتقدم وفي ذلك جبن وقلة كرامة وهذه ليست من شيم الموحدين الدروز فشعارنا واحد يا فوق الأرض بكرامة يا تحت الأرض بكرامة، أو العودة إلى ساحة المعركة والقتال حتى الموت! ومن الطبيعي أن يعود الجميع إلى ساحة المعركة، كل منهم يضع نصب عينيه الشهادة أو النصر.
وبدأت النساء "تنخي" الرجال. و قد برزت منهنّ المجاهدة سعدى ملاعب التي كانت تنتقل من متراس إلى متراس غير مكترثة بالرصاص الموّجه نحوها، لتؤمن الماء للمقاتلين، ثم أخذت تحّثهم على الصمود قائلة لهم : (يا نشامى الشجاعة صبر ساعة، اصمدوا حتى يوصلوا بيارق صلخد و مَلَح و امتان، و النصر قريب بإذن الله. قولوا يا غيرة العرض و الدين، و اتكلوا على الله وعلى سيدي أبو ابراهيم) واقتدت بسعدى ملاعب المجاهدة دَلَّه حمزة وأخذت تشجِّع المقاتلين على الصمود قائلة ً لهم : (اليوم ولا كل يوم يا نشامى انتو المنتصرين لأنكن على حق قولوا يا ناصر الستة على الستين) و تقصد بذلك الآية الكريمة : (كم من فئة قليلة غَلَبت فئاتٍ كثيرةٍ بإذن الله) و بدأت تزغرد لهم و لصمودهم فتثاقل الزحف التركي أمام تصميم وإرادة العائدين إلى القتال.
انتهى اليوم الاول وفي اليوم الثاني بدأت تتوافد الفزعات من أهالي صلخد حيث اختلف أهلها بين من يريد الحرب ومن لا يريدها خوفاً من بطش العثمانيين، ومن بين المقاتلين في المعركة طحيمر السيقلي من سكان صلخد وهو من اخواننا المسيحين ويدل ذلك على مشاركة قسم من مسيحيين صلخد في المعركة. عندها أخذ محمود صيموعه بالمبادرة وكتب قصيدة مخاطباً أهل صلخد وعلى رأسهم قبلان الحجلي قائد الزغابا قائلا فيها :
مرســالي جدي طلابـه للزغابـا وقلهم علـقت حرابه ياقبــــــــلان
الابطال ال مثلك قلّوا العالم فلّوا العثمانين احتلوا وخربت عرمان
افزع والامر بيدك نحنا نريدك وال ما كدته بكيدك وين الفرســـان
بكرة العدو ملاقينا ليصفينا وسعدى تنخّي فينا نحمي الميدان
وصل المرسال الى صلخد بعد منصف الليل وكان قبلان الحجلي نائماً فأيقضه وأعطاه هذه القصيدة ، فكّر بالأمر جيداً لأنه يعلم أن أهل صلخد غير متفقين على ذلك ولكنه قرّر مساعدة أهل عرمان بمعركة الشرف والعرض والكرامة وجمع حوله عدد لا بأس به من الفرسان وأقبلوا طالبين النصر أو الموت دونه.
حين وصل بيرق صلخد أرض المعركة ذهل الجنود العثمانين لسماع حداهم ونخواتهم ودب فيهم الرعب حيث استبسل فرسان صلخد استبسالاً أسطورياً ، فبعد أن استشهد حمد الكريدي واخوه جبر ومن ثم جبر الحجلي اخو قبلان الحجلي الذين لم يعجبهم القتال من خلف المتاريس فاندفعوا على ظهر خيولهم الى أرض المعركة فسقطوا شهداء عندها قال قبلان الحجلي :
حمرة الكريدي امرجت ارع الرسن يبرالها
جتنا صهيله وارهمت تنعي على خـيالـهــا
من عقب جبر ياحمد صار العجي ادنى لها
والتي أكملها فيما بعد الشاعر ثاني عرابي فقال:
المرجلة رعود ودوت عقب حمد من نالهــــــا
وعلى جبر صيطه ذوت والموت حاف عيالهـا
صـقور الزغـابـا حـومت ما ينعدي بجالـهـــــا
سليمه نوادي وسمت يالابتي من شبالهــــــــا
ومن ثم أشار قبلان الحجلي الى الفرسان بالهجوم فكانوا كالصاعقة على الجيش العثماني حيث قدَّموا في هذه المعركة 72 شهيداً و من يومها تكَّنوا (بالزغابة) تكريماً لبطولتهم حيث كانت مجموعة من الفرسان الانتحاريين تقوم باقتحام جموع الجيش التركي من الخلف، ساعية لاختراقه بما ملكته من أسلحة فردية بدائية، والوصول إلى الطرف الآخر، تشق طريقها بين القتلى والجرحى الأتراك، وكل ينادي وينخي فرسان عرمان في الجهة المقابلة بلقبهم الحربي المعروف:
-" مين عاين شرّابين الدم. مين عاين شرّابين الدم.
تقابلها مجموعة من فرسان عرمان الأشاوس، تقتحم جموع الجبش التركي من الجهة المقابلة، متوجهة نحو فرسان صلخد، تنخوهم بلقبهم الحربي المعروف:
مين عاين الزغابا. مين عاين الزغابا.
تواصلت النجدات من مَلَح و امتان و باقي القرى في المقرن القبلي، فارتفعت معنويات المدافعين، و تراجع الجيش العثماني قليلاً ممَّا رفع من معنويات المجاهدين أكثر، فهاجموه من ثلاث جهات و تركوا له الجهة الغربية ليهرب منها، واشتبكوا معه أخيراً بالسلاح الأبيض إلى أن انهزم الجيش و انتصر أصحاب الحق رغم قلة عددهم.
ولما علم ممدوح باشا التركي قائد حوران بذلك أمر طابورين بالإضافة طبعا الى الطوابير المنسحبة بقيادة محمد علي بك و أيوب بك، بالتوجه إلى قرية عرمان، وحرقها بما حوت. كما أمر جميع الوحدات العسكرية المرابطة في المنطقة، الالتحاق بالحملة.
وفي اليوم التالي، بدأ زحف الحملة التركية، نحو عرمان. وما أن وصل الجيش التركي إلى ضواحي عرمان، حتى سدّ عليه بنو معروف جميع المنافذ، وكانوا هذه المرة جاهزين بسيوفهم وبنادقهم، وخيلهم وبيارقهم، مترقبين الحملة التركية التأديبية، وكان ممدوح باشا قد زجَّ أيضا بكتيبة الخيَّالة التي كانت بمؤخرة الحملة بقيادة محمد بك الجيرودي والذين عندما وصلوا إلى (تلول الأشاعر) شمالي قرية عيون، فوجئوا بجيشهم مدحوراً مهزوماً، و عندها أدار الجيرودي رأس فرسه الصفراء غرباً و هربَ مع الهاربين من كتيبته، وتابع المجاهدون مطاردتهم و هم يرددون :
صفرة جيرودي غَرَّبت. قوطر يحّث ركابها
يا محمد خَبّر دولتك. حنا و لينا طوابها
عند عودة المقاتلين المنتصرين دخلوا عرمان و هم يهزجون:
لَ عيونك سعدى ملاعـب. نفني كل الكتائــب
ما بيرجع لَقرابو السيف.غير يسوّي العجايب
استمرت المعركة أسبوعاً كاملاً وقد خسر العثمانيين أكثر من 2000 قتيل ويقال أن رعاة البقر امتنعوا لسنوات عدة من الرعي بسبب الرائحة التي خلفتها أجساد القتلى الأتراك في تلك المنطقة.
وفي ذلك قال شبلي:
الفين من حمر الطرابش سقمان
بعيون ذبحوا من القروم العيالي
ضبع الكويرس عازمو ضبع حبران
وصار اللحم بالعون مثل التلالِ
جـرِّد عـيالك والثـعالب وويوان
وافلـحْ هــداك الله عـمَّا يوالي
كما أنه سقط من الموحدين الدروز قرابة 200 شهيد منهم 72 شهيداً من صلخد وغنموا من هذه الحملة سلاحاً كثيراً كما غنموا المدفعَين الكبيرين و2000 بارودة.
و قد أكَّد ذلك المؤرخ (محمد كرد علي ) بكتابه خطط الشام – الجزء الثالث ص111 :
أحدق الدروز بالقوات العثمانية من كل جانب وقتلوا نحو ألفي جندي بالفؤوس والسيوف في محل يدعى خراب عرمان وغنموا مدفعين وجميع الأسلحة والذخيرة، وقد استشهد من الدروز أقل من مائتين منهم : عقاب البربورن محمود غزالة، منصور الشوفي، جبر الحجلي، حمد الصغير، حسن أبوخير، يوسف ياغي، عباس المتني، سلمان طربية.
وقد أرسل عبدالله كمال قصيدة الى شبلي الأطرش في منفاه بأزمير يصف فيها ما جى ويقول:
تا خبرك عرمان واللي جرى فيه تقدم درك عبدو أفندي بتداوية
يوم طغا لك قام ربك يجازيه هو وربعه شرب كاس الحمامي
نهار الخراب شيب الأطفال المراضيع مثل النحا منا ومنهم مجاضيع
وسعدى تنخي بالعيال المفازيع مرحوم يلي مسكنه بالرجامي
حين الظهر ربّك فرجها علينا هم قفوا وحنا وراهم حدينا
مثل الليوث الكاسرة حنا غدينا مثل الجرس تسمع رنين الحسامي
وقد أرسل شبلي الأطرش من منفاه قصيدة طويلة منها هذه الابيات والتي ذكرت عدد من أبياتها هنا :
جانا خـبر من يم صلخد وعرمــــــان
نعمين يا وجوه الذياب المثالـــــــــــي
عبدو أفندي شارب الخمر سكـــــران
جاهم يهادر مثل فحل الجمالــــــــــي
جوه النشامى والصبح بعد ما بــــــان
هدُّوا عليه قصور شمَّخ عوالـــــــــي
الفين من حمر الطرابش سقمــــــــان
بعيون ذبحوا من القروم العيالــــــــي
ضبع الكويرس عازمو ضبع حبـران
وصار اللحم بالعون مثل التـــــــــلالِ
جـرِّد عـيالك والثـعالب وويـــــــــوان
وافلـحْ هــداك الله عـمَّا يوالــــــــــــي
من عقبها صارت معاريك وكــــوان
تشيِّب الطـفل الرضيع الأهـــــــــوالِ
تضعضعت حوران من كل الأركـان
عافت لحاها والدبش والحــــــــــلالِ
من فعل ربعي ينطحوا الضد بطعان
صلفين يوم الهوش عند القتــــــــــالِ
ببلاد سوريا بلا شك فرســـــــــــــان
من غيرهم إياك تحسب رجــــــــــالِ
في الختام أقول ومن وجهة نظري أن معركة خراب عرمان يجب أن تكتب بماء الذهب وتعلق في المضافات وتروى للأجيال القادمة، لأنها من أهم المعارك التي خاضها الموحدون الدروز ضد الإستعمار العثماني، فالصمود الأسطوري الذي حصل بها والفارق الشاسع من حيث العدد والعتاد بين الطرفين يجعلها في مقدمة المعارك ليس على مستوى جبل العرب فقط بل على مستوى الأمة العربية كلها . وسوف أسمح لنفسي بأن أستشهد بشعر يؤثر في شخصياً:
نحنا بني معروف للكرم عنـــوان يشهد لنا الماضي والتاريخ فينــــــــــــــا
نحنا الفصاحة ورثناه عن الإخوان حتى المراجل خلقان الكرم لينـــــــــــــا
لا فرق بين ابن بالدين وبالأوطان ولا فرق بين الجولان وفلسطينـــــــــــا
لا فرق بين سوريا وأهل لبنـــــان ولا فرق بين فلّة وياسمينــــــــــــــــــــا
المراجع:
سعيد الصفير ، بنو معروف في التاريخ
محمد كرد علي ، موسوعة خطط الشام، جزء 3
اكرم رافع، موسوعة جبل العرب
سامي مكارم، تاريخ الموحدين الدروز السياسي في المشرق العربي
مقابلة مع الأخ نايف صيموعة احد سكان اهل ملح