قصة ليلى وفوزي - الجزء الثاني


أُلحق العار بعائلة كريمة أفرادها طيبون بسطاء و محبون . و تهشّمت براءة ليلى و تحوّلت الى صورة بشعة في نظر أهالي البلدة الذين أخذوا يُطلقون الشائعات حولها و يكذبون مصابها و يُبرّئون المجرم الحقيقي و يطالبون الوالد بهدر دم ابنته . لكن أهلها الذين عمرت قلوبهم بالمحبة و الرحمة و الغفران ، قالوا بأن من يضع الروح وحده من يأخذها ، و لم يطعهم قلبهم و لا ضميرهم بقتل ابنتهم البكر لأنهم يعرفون بأنها ضحيّة .
ارتأى بعض الأقارب تزويجها برجل كبير في السن لستر عرضهم ، لكن زواجها لم يدم أكثر من شهرين ثُم طُلقت و عادت الى بيت أهلها . 


بعد أربع سنوات جاء لزيارتهم أقاربهم من جبل الدروز ، و لبثوا في ضيافتهم شهراً ثم خطبوا تلك الفتاة و تزوجت بابنهم فريد و سافرت معه الى الخليج العربي . لكن أشرار الناس لم يتركوها بحالها ، فبعض المغرضين اللدودين قاموا بتأليب الأهل و لم يخافوا الله تعالى الذي أمر بالسّتر و المحبة ، بل لم يغمض لهم جفن قبل أن تصل دسائسهم الى الزوج المحب ، فقام هذا بدوره و بدأ يُعامل هذه الزوجة المسكينة بما لا يُليق أن يعامل به انسان ، من تأنيب و ضرب واستهتار ، و كانت حاملاً في شهرها الخامس ، عندها أخبرت والدها أنها ليست بخير ، فقام الوالد ببيع رزقه ليذهب الى ابنته.


 كما قام اهل الزوج باستغلال أهل ليلى فكانوا يطيلون وقت ضيافتهم ولا يبارحون دارهم قبل طلب مبلغ من المال بحجة دين ما يريدون تسديده. وأخذ هذا الأب الحزين يبيع أرضه ورزقه ولا يسأل ، كان من أكبر الملّاكين في بلده الى أن أصبح حاله ورزقه محدوداً شحيحاً بسبب طمع وجشع هؤلاء الأقارب .
عندما زار الوالد ابنته شكت له حالها فاصطحبها عائداً الى موطنه ، بعد أن وعده الزوج انه سيلحق به بعد انتهاء من أعماله ، لكنه تأخر الى ما قبل ولادة زوجته بأيام . ثم سافر بعد الولادة مباشرة تاركاً ورقة الطلاق لها ليثبت بأنه شهم و فاضل . يا لسخرية القدر ، فالضحية في هذه الدنيا هي المذنبة الوحيدة بينما تستنبط لفاعل الشر الأعذار والأسباب التي تبرر أفعاله . لكن هل سأل أحد لماذا ؟؟ كم عانت هذه الأسرة هذا المُصاب ؟؟؟ و ماذا شعرت هذه الفتاة التي أصبحت أماً مجروحة الفؤاد ، مُداسة الكرامة ، هذه الأم التي راحت تعمل و تكدّ لتكسب رزقها حلالاً و تربي هذا الطفل البريء الذي جنى عليه الدهر قبل أن يولد .
يتبع الأسبوع القادم
لينا صياغة - 3-3-2021