مع تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بشكل سريع، أصبح قطاع الأعمال يستفيد بشكل متزايد من قدرات الذكاء الاصطناعي في تحسين العمليات وتمكين اتخاذ القرارات الذكية، وفي 2024، سيشهد قطاع الأعمال تطورا كبيرا في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق مزيد من الفوائد والتحسينات.
لعل أحد المجالات التي ستستفيد من الذكاء الاصطناعي هو تحليل البيانات، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة مما يمكن أن يحققه الإنسان، وستتمكن الشركات من استخدام تحليلات البيانات لاستخلاص أنماط وتوجيهات جديدة تساعدهم على اتخاذ قرارات استراتيجية أفضل وفهم احتياجات العملاء بشكل أعمق. وستسهم هذه المعلومات في تحسين العمليات وتعزيز الكفاءة وزيادة التنبؤ بالسوق.
كما أن قطاع الأعمال أيضا سيستفيد من الذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات الإنتاج والتصنيع، فباستخدام التحليلات الضخمة والروبوتات الذكية، يمكن للشركات تحسين كفاءة العمليات وتقليل الأخطاء، وستسهم الروبوتات الذكية في تنفيذ المهام المتكررة بسرعة ودقة، ما يسمح للعاملين بالتركيز على المهام الأكثر تعقيدا وإبداعية وسيتم تحسين إنتاجية الشركات وسرعة إطلاق المنتجات الجديدة، ما يمنحها ميزة تنافسية في السوق.
في حديث لـ”الاقتصادية” قال أحمد الفيفي، النائب الأول للرئيس والمدير التنفيذي لدى SAP في منطقة شمال الشرق الأوسط وإفريقيا، “نتوقع أن يشهد 2024 تجاوز الشركات مرحلة الضجة المثارة حول الذكاء الاصطناعي التوليدي ونماذج اللغات الكبيرة، والبدء في العمل على تحديد حالات الاستخدام والتطبيق العملي لهذه التقنيات في القطاعات المختلفة للأعمال. وستدرك الشركات بعد فترة قصيرة أن فاعلية حلول الذكاء الاصطناعي تعتمد إلى درجة كبيرة على جودة البيانات المتوافرة، وأن المؤسسات التي ستحصل على أفضل النتائج هي تلك القادرة على الحصول على بيانات عملية دقيقة وفورية التي يمكن جمعها مع قدرات الذكاء الاصطناعي بهدف تصميم حلول مناسبة”.
كما توقع الفيفي حدوث تطورين إضافيين نتيجة النشر والتطبيق السريع للذكاء الاصطناعي، الأول، هو التركيز على الأبحاث المتعلقة بتحسين موثوقية ومستويات أمن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال وسم البيانات وتطوير خوارزميات تشفير جديدة، والثاني، هو بدء حقبة تشهد مستويات أعلى من الابتكار والإبداع في تطوير البرمجيات باستخدام الذكاء الاصطناعي
يرى الفيفي أنه سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي في 2024 وما بعده من أجل تحسين جودة البرمجيات، والخروج بأفكار جديدة للبرمجيات وتخصيص الحلول المتعلقة بمجموعة واسعة من المهام في قطاع الأعمال. ففي مجال المشتريات على سبيل المثال، ستصبح قرارات الشراء بديهية أكثر بفضل الإجراءات المعتمدة على الأتمتة بصورة كبيرة. يضيف الفيفي أن “الجمع بين القدرات الهائلة للحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي سيسهم في إعادة ابتكار التطبيقات المؤسسية بصورة جذرية خلال 2024 والأعوام الخمسة التالية”.
وأشار إلى أنه لا توجد قطاعات ستكون بمنأى عن تأثيرات الذكاء الاصطناعي خلال 2024، رغم اختلاف أوجه توظيفها له، ويشير على سبيل المثال إلى أن التحليلات التنبؤية تؤدي في الوقت الحالي دورا رئيسا في تجارة التجزئة وقطاع التصنيع، من خلال تزويد الشركات بأفكار جديدة قيمة وتوقعات بخصوص التوجهات الحديثة، وستحصل المؤسسات خلال الفترة المقبلة من 2024 على معلومات أفضل عن تفضيلات المستهلكين وعاداتهم في التسوق، ما يسمح لها بتقديم توصيات أكثر تخصيصا تؤدي إلى زيادة المبيعات، أما في قطاع الخدمات المالية، فسنشهد انتشار روبوتات الدردشة والتطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي التي ستزود المستهلكين باستشارات مالية شخصية وتوقعات حول أسعار الأسهم، الأمر الذي سيؤدي إلى تغيير في الطريقة التي يدير بها المستهلكون والمستثمرون والوسطاء شؤونهم المالية.
من حيث المهارات المتعلقة بقطاعات تكنولوجيا المعلومات والأعمال التي ستشهد تزايد الطلب عليها في 2024 وما بعده، قال “بالتزامن مع استمرار الذكاء الاصطناعي سيتغير المشهد العام للشركات والأعمال، ومن المتوقع تنامي الطلب على المهندسين المختصين في الذكاء الاصطناعي التوليدي، وسنشهد وجود أفراد يتمتعون بمهارات عالية في هندسة أوامر نماذج اللغات الكبيرة حتى تتمكن هذه النماذج من تقديم أجوبة أكثر دقة وموثوقة ومسؤولة للأسئلة المتعلقة بكيفية تحسين عمل الشركات. كما أن هذه الوظائف ستكون متاحة أمام عدد أكبر من الموظفين أكثر من كونها متاحة للمبرمجين فقط، إذ أظهرت التحليلات وجود مجموعة واسعة من المهارات الأخرى المتنوعة والمرتبطة بصياغة أوامر الذكاء الاصطناعي جيدا”.
وختم حديثه بأن “المهارات اللازمة لعدد من الوظائف المختلفة ستواصل تغيرها وتوسعها، إذ سيحتاج المشرفون على الوظائف المالية والاستدامة على سبيل المثال إلى امتلاك معرفة أوسع عن الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الجديدة التي تتزايد أهميتها، حتى يتمكنوا من تحديد أهداف الأعمال والعمل على تحقيقها”.
عصر الذكاء الاصطناعي سيعتمد بشكل رئيس على مهارات العاملين والتحليل.
الصورة متداولة