"أهل المحبة ما نالوا الذي طلبوا حتي لربهم في الخلوة انفردوا
تراهم الدهر لا يمضون من بلد الا ويبكي عليهم ذلك البلد.... "
ألله ألله على هذين البيتين الجميلين من الشعر للشيخ الفاضل (محمد أبو هلال) العابد الزاهد المثقف الشاعر، والذي صار جبل حرمون على إسمه "جبل الشيخ"....قدّس الله سرّه. فطوبى للشيخ الفاضل وطوبى للذين ما أن تلامس أقدامهم أرضاً ما، حتى ينبت عشب أخضر تحت أقدامهم..... وتبكي عليهم الناس فور مغادرتهم المكان .....
فأهل العطاء والخير، وفاعل الخير لا يغادر مكاناً كان فيه إلا ويبكي على فراقه خيرة أهل هذا المكان حتى اهل البلدة والمدينة بكاملها، فعمل الخير مشع كما الشمس، يعرف به كل الناس مهما عمل صاحبه على إخفائه.. بينما يكسرون الجرار الكثيرة والصحون وراء من كانوا عكس ذلك، وراء ضدهم من الناس.... أولئك الماديون البخلاء من البشر، الذين لا علاقة لهم بعمل الخير لا من قريب ولا من بعيد، فهم لا يقومون بعمل إلا من أجل مقابل، ولا يعملون قيد أنملة واحدة إلا بحساب وقياس. هم يبخلون حتى بالكلمة الطيبة، مع أنَّ الكلمة في أحيانٍ كثيرة مشعة كما القمر والنجوم والنجوم والشمس،
وفي مذهبنا الشريف (التوحيد) لكثرة ما تهمنا الكلمة والثقافة والرقي كان لها مولى... مولانا الكلمة بهاء الدين (ص)، فكم من كلمة طيبة أودت إلى مكامن الخير والضوء؟ وجاءت بالخير من آخر معامر الخير، ففي البدء كان الكلمة، والكلمة الطيبة في السودان مثلا بمثابة جواز سفر بكل ما في السفر من جمالات وأجواء نيّرة، وفي مصر الكلمة الطيبة صدقة. من هنا اسمحوا لي أن أحيي الأستاذ سامي الحلبي عنوان الخير وأهل الخير، العاطي الفاضل بعمله وكلماته .... فأنا متأكدة أنه لو غادر أميركا سيبكي على فراقه كل الخيرين فيها، ولو زار لبنان وعاد ليغادره فسيبكي على فراقه خيرة اللبنانيين بل كل اللبنانيين، على إيجاده هذه المجموعة بنهج عطائي مختلف وجمعنا بهذها الشكل لأهداف نبيلة سامية. فهو مندفع للعطاء والخير والمحبة بلا سؤال ولا جواب...... واسمحوا لي أيضاً أن أحيي الدكتور ربيع كمال الدين لكل هذا العطاء... والسير بموقعنا ومجموعتنا الجميلة هذه نحو أمكنة الجمال والضوء والخير.... من هنا ومن هذه النقطة بالذات كم جميل أن يبكي على فراقنا خيرة الناس حتى ولو لم يكونوا من الأقرباء والأصدقاء والزملاء والخ.... بل حتى لو كانوا غرباء غرباء، فبعمل الخير يمسي كل الناس أقرباء لبعضهم البعض .....
فكم أنت جميل يا شيخنا الفاضل محمد أبو هلال (ق)..وكم شكّلت مرجعاً للخير والحب والجمال والإنسانية منذ أكثر من 500 سنة وحتى اليوم؟... وكم هو جميل قولك بما معناه: أهل المحبة ما تركوا بلدا إلا وبكى عليهم ذلك البلد؟؟؟؟... وما أجمل أن نفتتح عامنا الجديد 2021 بأبيات عدة من هذه القصيدة الرائعة التي لم يكتب بجماليتها شعراء كثيرون من كتاب تحت عنوان"الشيخ الفاضل محمد أبو هلال الكوكباني" أعدّه وقدّمه الباحث قاسم بركات:
أهل المحبة ما نالوا الذي طلبوا حتي لربهم في الخلوة انفردوا
تراهم الدهر لا يمضون من بلد الا ويبكي عليهم ذلك البلد
فالذكر مطعمهم والشكر مشربهم والوجد مركبهم من أجل ذا سعدوا
لا يبرحون على أبواب سيّدهم ولا يريدون إلا من له عبدوا
فالشوق يضرم ناراً في قلوبهم ونارهم في دجى الظلمات تتقد
متوا لنحو العلا بالجد قد أخذوا فخصّهم بالوصال الواحد الصمد
والوجد أطربهم والحب أجذبهم والجد أقربهم يا حسن ما قصدوا
والشوق أقلقهم والخوف أحرقهم طوبى لقومٍ إلى الفردوس قد وردوا
والصبر قد اتخذوا منه مطيتهم نالوا الذي طلبوا، يا فوزهم سعدوا
كل عام وأنتم بخير جميعاً... تحياتي للجميع....
الصحافية سليمى حمدان