أخبرَتْني رسالتُكَ أَنّك تحتفلُ بعقدِكَ السّادسِ ،
وأَنتَ في أصقاعِ الجليدِ مُهاجر.
كمْ أَودُّ اِرسالَك حطبَ الدّروبِ، وكراتِ الصّوفِ، وبعضَ حبّاتٍ منَ الجَوزِ والعِنَبِ و الزّيتون .
سأَزوّدُ رسالتِي بحفنةِ ترابٍ، وبعضِ بَتَلاتِ ،و كلماتٍ كتبتُها لكَ حينَ تبادرَ إِلي أَنّي إِليكَ أَشتاق.
صديقِي المُهاجر، كيفَ حالُ بلادِكَ الأُخرى ،واللّغةِ الفُصحى؟ أَمَا زلتَ تقرأُ رسائلَ الحبِّ لجبران، وكيفَ امتلكَت بلقيسُ قلبَ نزار؟ أَتذكرُ حراثةَ الأَرض؟ وكيفَ كنّا نشعلُ الحشائشَ ، ونشتمُّ الدّخانَ الأبيضَ؟ أَتذكرُ الياسمينَ ؟كالثّلجِ كانَ على رؤوسِنا ،حتَّى لَظننّا رؤوسَنا صِنّين.
صديقِي المُهاجر ، متَى ستعودُ إِلى بيادرِ النّبضِ، إِلى بيادرِ الضَّحكِ ،إِلى بيادرِ العطرِ والنَّسيم ؟
أَقدامُ الصِّغارِ تنامَت ،حيثُ ذاكرتُنا نامَت .الزّعترُ البَرِّي ما عاد شائكًا، الحجرُ تَعَطّر " بالقصعين" . أَيلولُ باردٌ هذا الشِّتاء ،قالَ :إِنّي مُبَشِّرٌ بالحنين .
صديقِي المُهاجر ، كَم تثَلَّجَ شعرُكَ معَ غربةِ السّنين .وجهُكَ الأَجْعَدُ ما كانَ أجعدَ حينَ رصفْتُ وإِيّاكَ الكتبَ، واختَرْنا مِنَ الأَقلامِ قلمَينِ.. لِتلوين.