الأستاذة جمال عبيد - 3 - 7 - 2022
قادتني قدماي إلى غابة قريبة من بيتنا في دمشق الغالية ، ففي الساعة الخامسة بعد الظهر بدأت رحلتي … غابة جميلة أشجارها كثيرة وأغصانها خضراء متشابكة مع بعضها البعض … يا للروعة … لولا هذه الأصوات المخيفة التي تنبعث من قلب الغابة تشاركها حفيف الأوراق فيختلط الصوت بحيث لا أستطيع ترجمته أو تصنيفه ... ومع هذا مازلت أخطو بحذر ، وبحسبان .. الليل بدأ يسدل ظلمته على الأشجار ، وبدأت بدوري أتساءل …
أيتها الغابة ، هل تخفي تحت جناحيك وحوشاً مفترسة ؟
ألستِ ملاذاً للذئاب ؟! لكن هذه الأصوات لم أستطع تصنيفها … وتابعت السير وإذ تحت إحدى الأشجار حطاب قابع بفأسه يأخذ راحة ثم يعاود الضرب على جذع شجرة مثمرة، عله يحصل على أخشاب تفيده …
تابعت السير بحزن أليم ، … صادفني على تلة صغيرة عريشه محاطة بإكليلٍ من العليق والعوسج، اهتديت إلى بابها ، ودخلت ، يا للجمال !، فتاة غضة الشباب ، شعرها أسود ، وجهها بديع أبيض ناصع ، ناديتها فأعرضت عني مغطية وجهها بيديها الناعمتين ، وصاحت إلى هذه البرية: "لا تزالون تقتفون أثري؟، دعوني أعيش كالناسك في هذه الغابة ، فقد سئمت أعمال بعض البشر ". سألتها من أنتِ؟! وأي ذنب ارتكبتِ؟ فأُبعدت إلى هذه الغابة؟! قالت : قضي الأمر ولم يعد لي من الحياة نصيب ، فأنصاري قد رحلوا… ثم صخب المدينة وعراك البعض فيما بينهم ساقني إلى هذه الغابة …
قلت: هل لك أن تحدثيني أكثر عن حياتك ؟؟
أتدرين … غادرت المدينة أطلب الهدوء والأمان… ولا أحب القتال ، بل المودة والحب والسلام، لذلك ظننت أن الغابة ستسعدني، وإذا بالأشجار تشكو فأس النجار، وتطلب منه حسن الاختبار…
أيها الحطاب…
أنا الشجرة المثمرة ،
أقدم لكم الخيرات بكثرة ،
فدعني أعيش العمرَ حرةً..