فرح نسيب نصر - 1 - 12 - 2022
في اعماق الوقت شغف مستور يختبئ كالطفل الخجول خلف سواد العيون و يلبس ألوانها ويبقى رمادي اللون من دون صبغة تمنحه الهوية والحضور ، يبقى ذلك الشغف مستور و خاءف من وهج الضوء ان يحرقه و يبتعد عن الظلام كي لا يميته فيبقى في الوسط حائرا مجهول المصير إلى ان يحين وقت النضوج ليتحول الى فراشة تعشق النور و تلاحق الحرية بكل حواسها التائهة ، و تلبس ألوان العيد وتزينها لتزيد الثياب جمالا، و تلبس ثياب الحزن لكن لمدة قصيرة لإيمانها ان الفرج نافذته واسعة و لا بد ان يستقر يوما ما بجانب شرفتها .
تلك الفراشة الجميلة أي الشغف العميق يولد بالفطرة في قلب معين ، انه ينام ، يتوه في مفارق الحياة لكنه لا يموت بل يتجدد ويتقمص ادوار تناسب كل زمان ومكان ، الشغف يولد كالسيف الذي يعرف بيته و فارسه ويعرف سلامه و حربه فممكن ان يستوطن الفن او العلوم او الفلسفة او تفصيل مبعثر في شرودنا او ممكن ان يستوطن حلم معين نضج في اللاوعي الى حين ان يزهر في وعينا.
الشغف نصيب و قدر فهو لم يكن يوما من نسج أيدينا ولا من آمالنا لذا خُلقنا جميعا بشغف يكره الاختباء و يعشق الحرية بشغف فولاذي يحطم القيود و الحواجز حتى تصبح وقودا لمسلكه الطويل وبخورٌ مبارك بوجه الصعاب.
لذا من لم يكتشف شغفه بعد لا يجب عليه ان يصافح اليأس و يجاريه فالسلام مع اليأس هو اعنف حرب على النفس والروح الشغف موجود بكل كيانه ، لكن زحمة الحياة بقشورها العابرة و صراعات المشاعر بسوداويتها قد تغتاله فتتركه شهيدا في احضان الخيبة ينعاه الفرح و يبكيه وجداننا.