فرح نسيب نصر - 16 - 12 - 2022
في ليلة حالكة سوداء اللون قاتمة التكوين أشبه بقلوب اليوم الجافة ، دخل شيخٌ بطهارةِ نبي و حكمةِ رسول مثقل بثقافةِ الدهر و حنكةِ الحياة و سأل بصوتٍ هادئ جميل موزون بالخشوع و الرحمة و قال ماذا تعرفون يا ابناء عن المحبة ؟ حدثوني عنها ؟
لقد نظرت في عيونكم الحالمة و لم أرى بريقها و لم أرى انعكاسها في ألوان عيونكم، لقد سمعت أصواتكم و لم ادرك لحنها في حروفكم لقد أمسكت أيديكم و لم ألتمس عفتها و رقيها فيكم…
إن المحبة وُلدت لكي تكسوا أجسادنا العارية و لكي ترتدينا كما ترتدي الروح الجسد، لكي تغلف اعوجاج مظاهرنا و تشوُه جروحنا ، لقد خلقنا كالزجاج نلتحِفُ مطر الحب فنشعُ ونُصقل و نعانق غبار الكره فنموت و نُتلف ، نُتلف كذاكرة بائسة بحبر ٍمنسي ٍو نباع في متاجرِ و دكاكين الخيبة ، نُتلف كشرود فكر حائر مكسور ضائع في دوامة اللاوعي .
إننا أضعف مخلوقات الأرض أن لم تكن أنفاسنا مقرونة بالمحبةِ وإن لم تكن ضلوعنا مثمرة خضراء بالمحبةِ ، لذا كونوا أبناء الخيال العذب قبل ان تكونوا أبناء قشور و ضياع هذه الدنيا و ابنوا من ذلك الخيال الجميل قصور ٌ تعج بالمحبة و الغرام المقدس، قصورٌ يكون خادمها أميرٌ معزز فتعلموا أن المراكز تعلوا بالنفوس و ليس العكس ، إبنوا ذلك القصر في خيالكم خير بألف مرة من قصور الدنيا العاجية المذهبة بالبريق الكاذب ، يا أبنائي تناولوا خبز الحياة الجديد و الطازج و خبز الحياة القديم والعفِن لكن بشرط ان يكون مخبوزاً
بماء ِ و نار المحبة فتتلذذوا و تحمدوا معاً .
إفرحوا فالفرح يليق و يُمجد بأرواحكم والفرح يحيا بضحكاتكم و إنكم نباتات تلك الحياة لا تعيشوا إلا بوهج شمسها فالظل سرير الضعفاء إحزنوا فالحزن طهارة و عبادة وتهذيب للنفوس ، انه حقٌ قاس جميل لكنه ليس قدر ونصيب ، فالدموع كالكحل الغجري يلون اجفانكم بسحر الحياة وروحها فلا تخشوها او تدفنوها فإنها قد تتقمص في ملامحكم البريئة فتسكن فيها ولا تغادرها.
إعلموا أن الفرح والحزن توأمان لروح واحدة ، سيعيشان دوما معاً دون مفارقة لأنهم أبناء المحبة لذا سيقومون دوماً بنحت سماتكم بإزميل الكمال ….