دور الإعلام في انتهاك الخصوصيّة

سهيل حاطوم


إن تدفّق المعلومات وانسيابها عن طريق أجهزة الاتصال الحديثة وخاصة الإنترنت ، وكما أنه له أثرٌ إيجابي في مجال المعاملات القانونية المدنية والتجارية، فله أثرٌ سلبي على مختلف الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويمتدّ هذا الدّور ليشمل حقوق الإنسان وحرّياته الأساسية.
ومن أهم هذه الحقوق التي تعرضت للانتهاك خصوصية الأفراد ، فهل سأل أحدٌ نفسه لماذا لم يقرأ متطلبات أي موقع تصفّح اجتماعي لمنحه صفحة، وكيف يُوقّع من خلال الكبس على زر موافق على انتهاك خصوصيّته.
إن انتهاك الخصوصيّة الشّخصية الاعتبارية من الحقوق المحفوظة والتي يعتبر الاعتداء عليها جرماً يستحقّ صاحبه العقاب والتّجريم، ولعلّ انتشار الشّبكة العنكبوتية وخاصةً الاجتماعية للأفراد، ومواقع التواصل التفاعلية أسهما إما بالتعطيل أو بالتّغيير أو بالاستغلال السّلبي لها ولمعلوماتها من خلال عدة طرق أبرزها:


- انتحال الشّخصية الخاصّة للأفراد أو الشّخصية الاعتبارية للمواقع والشّركات، فلكل شخصية فردية أو اعتبارية حقوقها المحفوظة وخاصّة للشّخصيات والمؤسّسات والمواقع المهمّة والمتميّزة وأصحاب النّفوذ الكبير، حث يتم الاستغلال لهذا النّفوذ وشهرته وثقته الاعتبارية ، ما يلزم وجود معايير تختلف الآراء حول من يرعاها ويتابعها بين الجهة المنظمة أو المرخّصة أو المؤسّسات السّياسية أو مطوّري برامج الشّبكات الاجتماعية أنفسهم ، مع صعوبة جعل كلمة المعايير مفهومة ومتاحة لجماعاتٍ مختلفة من المستخدمين ذوي الاهتمامات والخلفيات والمرجعيات والتوجهات المتباينة .
- ثلاث حقائق يجب أن تعرفها عن الخصوصية في العصر الرقمي:
أوّلها : توافر المعلومات بكثرة
وثانيها : أتفه المعلومات يمكن تناولها عبر الإنترنت وأبسط المعلومات التي يضعها الأفراد على الإنترنت يمكن أن تستخدم ضدهم.
وثالثها: الرحلة الشخصية عبر الإنترنت غير آمنة للفرد على المستوى الشّخصي والمجتمعي من الفضيحة وحتى التهديد.


- مواقع التّواصل الاجتماعي صحيح أنها تساعد الأفراد على إيصال أصواتهم لكنها في الوقت نفسه هدفها تجاري يتجلّى في جني الأموال من خلال بيع بيانات الجمهور للمعلنين والمستفيدين ، ولعلّ هذا الانتهاك للخصوصية دفع الكونغرس الأمريكي لاستجواب مدير موقع الفيسبوك ما يجعل المستخدم آلة صنع للبيانات وربما آلة لقبول الإعلانات.


ومن الأمثلة على خطورة انتهاك خصوصية الفرد، تعرض محامي نيوزيلندي عام 2011 للخداع من قبل محتالين نيجيريين عن طريق فيسبوك, حيث تم وعده بصفقة مربحة على أن يدفع أولا جميع أنواع الرّسوم اللازمة لتغطية هذه الصّفقة ، ومن خلال قرصنة كلمة سرّه الخاصة ببطاقة البنك اقترضا على اسمه 500 ألف دولار ، بالإضافة إلى سلب 300 ألف عميل ظنوا أنه محل ثقة وهو من يتعامل معهم.


وفي اليابان ، ألقت الشرطة القبض على ثلاثة أشخاص اتهموا بإرسال تهديدات بالقتل عبر رسائل البريد الإلكتروني والرسائل الخاصة بالمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، ومع ذلك اكتشف المحققون أن المتهمين يستخدمون البرمجيات الخبيثة لتقوم بتلك التهديدات نيابة عنهم ، وعن طريقها تتم قرصنة المعلومات والبيانات الشخصية للأفراد كافة.