الدكتورة جمال عبيد - 14 - 6 - 2022
حلِّقي يا طيورُ فرِحَةً سَكرى وامْلَئِي الروضَ جمالًا وسحرًا؛ غرِّدي .. صوتُكِ يُحوِّل الظلامَ فجرًا؛ رَفْرِفِي بجناحيك حرةً، فهما يبعثان في النفس حبًّا وعزمًا.
إنكِ تُحيِي الأمل في القلوب عندما تتراقصين حول الجدول طروبةً سعيدةً، وعندما أنغامك العطِرة توقظ من سكرة الليل أُبَاةَ الحق جهرًا.. هؤلاء الأباة يُضايِقونَكِ عند رفضكِ القَفَصَ الذهبي الذي يُقيِّد حريتكِ، والحرية أثمن من الخبز.
أيتها الطيور عانِقِي السماء وداعبي النجوم، فأنتم الطيور إذا قَسَتْ عليكم الحياةُ تلجؤون إلى الهجرة ويبقى الوطن تاجًا على رؤوسكم إلى أن تجدوا منزلكم الأوّل متمثلين بقول الشاعر أبي تمام: كم منزلٍ في الأرض يألَفه الفتى … وحنينُه أبدًا لأوَّل منزلِ.
وهاهو ذا الشاعر أحمد شوقي يناجيكم ويبوح لكم بأن انشغاله عن الوطن مستحيل:
وطني لو شُغِلتُ بالخلد عنه نازعتني إليه بالخلد نفسي
أيها الطيور! ما سِرُّ هذا الصمت الرهيب؟؟ ما الأمر؟ ألستم أنتم مَن ترفضون الذُّل والهوان وتأبون القيود؟.. الحريةُ مطلبُكم والفضاءُ وطنُكم، فما القلق؟ إننا، أيها الصديق المخلص، نخاف من قسوة الطبيعة ومن قسوة الإنسان وهي الأقوى، وكذلك الخريف إن حمل رفشه والشتاء إن أبرق شرًّا .. حينَها تَعبِس الطبيعة في وجه أعشاشنا، وما لنا إلا الرحيل، وفيه من المجهول ما يكفي السنين.