جناحان في الأفق

لينا صياغة - 6 - 9- 2023

اعتدت النظر مطولا للطيور كان صوت خفقان أجنحتها و رفرفتها يثير داخلي احاسيس عميقة كنت اتساءل كيف يمكنها التحليق في الأفق متحرّرة من جاذبيّة الأرض .؟؟

 كما انه لا يمكن لطائر التحليق بجناح واحد ، اذا الجناحان ضروريان وكأنهما قوتان منفصلتان متعادلتان او كفتا ميزان لا يجوز ترجيح واحدة على الأخرى وكأنه جواب مفصل لما يدور في خلدي ، اذا نحن البشر نسمو في الأفق عند استطاعتنا احكام وتوازن افكارنا و مشاعرنا وافعالنا!! 

سبحان الخالق العظيم هذه الطيور نعمة في الوجود ، زقزقتها سمفونية و توازنها عند طيرانها بتلك الأجنحة حكمة لنا علنا نفهمها ، وأشكالها زينة وبهجة ومنفعة في بيئتنا، بيوضها غذاء لأجسادنا كنت ابحث دائما في محيطي عنها علني استأنس بوجودها كما لاحظت انجذابها لي من خلال عدة احداث . 

كان لدينا نوع من الببغاء ذات الوان جميلة كان عندما يراني يبدأ باصدار زقزقة كأنها سمفونية لأروع الملحنين وعندما اختفي عن ناظريه يسكت ، ثم يعود ثانية عندما افتح له باب القفص يحلّق مطولا ثم يأتي ويحطّ على كتفي من بين عدة اشخاص موجودة . 

كذلك الأمر ابتاع ولدي صوص دجاج لونه بنفسجي من احد البائعين وصرنا نهتم به كان يلحق بي بين الأرجاء وحين اجلس يأتي ويصعد الى كتفي مهما حاولت منعه ، كان اسمه مينغو وبعد اربعة اشهر اتت هرّة واختطفته من قربي دون استطاعتي تخليصه حين كنت بالحديقه !

وهناك يمامة كانت تحط قربي كل صباح تأتي حين اجلس وتغادر عندما اذهب ، بقيت لحين طويل اعتدت وجودها في صباحي ، يوماً سمعت دوي رصاص قرب المنزل فشعرت بأنها اخترقت قلبها ومن حينها لم تأتِ. 

أمّا العصفورة الصغيرة التي بنت عشا لها في نبتة خضراء قرب باب المنزل وضعت فيه بيضتين كانت ترقد لساعات ثم تطير الى شجرة الزيتون القريبة تراقب من بعيد حين تشعر بتهديد ما ، كبرت الزغاليل واصبح لها زغب لكنها لم تستطع الطيران بعد. فإذا بهرّة تأتي وتنهي قصتهما .أمّا ذلك الطائر الكبير يشبه الصقر كأنه نور مشع الذي لا يشبه اي لون ابيض نعرفه في دنيانا أراه في احلامي ينظر الي بعيون ثاقبة حادة وقورة مهيبة اشعر بها تخترق ذرات كياني واحدة واحدة ، صورته تلاحقني مطبوعة في ذهني احسبه موجوداً في يقظتي ينظر الي من بعد مثل روح طاهرة تحميني في رحلتي القصيرة مهما طالت . 

منذ ذلك اليوم انطبع في عقلي ورسمت في الافق صورة جناحين يرفرفان بعيدا يحملاني الى عالم نقي شفاف لا يوجد فيه الاّ الألحان العذبة التي تحي الكيان .