الشيخ مكرم المصري - 19- 10- 2023
الأستاذ شفيق أمين يحيى
*- نشأته
ولد الأستاذ شفيق يحيى سنة 1938 في بلدة عرمون، من أبوين موحِّدَين، درس مرحلة الروضة وبعض المرحلة الابتدائية في مدرسة عرمون الرسمية واستكمل دراسته الابتدائية والتكميلية والثانوية في المدرسة الداودية في عبيه، فقد ظهرت عليه علامات الذكاء والبلاغة منذ نعومة أظافره. بعد تخرجه من المدرسة الداودية في بلدة عبيه، تابع دراسته الجامعية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية عام 1973، حيث نال إجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها.
*- مسيرته المهنية
منذ بداياته حمل مهنة التعليم رسالة فبرع بها. فقد عيّن مدرسّا في التعليم الرسمي وأُلتحق بمدرسة أغميد الرسمية في 1959 فأعاد افتتاحها وجعلها مدرسة ابتدائية كاملة، ثم في خريف 1960 انتدِب من وزارة التربية للتدريس في المدرسة الداودية بموجب مذكرة من وزير التربية والفنون الجميلة آنذاك المغفور له الأستاذ كمال جنبلاط، وذلك في إطار مساعدة الدولة لمدارس الأوقاف في البلاد.
في خريف 1964، ألغت وزارة التربية انتداب مدرسين لمدارس الأوقاف وألحقت شفيق يحيى بمدرسة عيناب الرسمية وأعاد افتتاحها من جديد بعد أن كانت مقفلة. وما أن طلَّ ربيع 1968 حتى اختارته وزارة التربية مدرساً نموذجياً، ومدرباً تربوياً لتدريب المعلمين في الدورات الصيفية من العام 1968 حتى صيف عام 1972، وذلك بناء على اقتراح مندوب المجلس الثقافي البريطاني إثر حضور درس له في مدرسة عيناب. بالإضافة إلى أنه نال مكافأة مالية بعد خضوعه لدورة تدريبية.
ظل في ادارة مدرسة عيناب حتى أول آذار 1979 حين ألحق بالتفتيش المركزي كمفتش تربوي بعد نجاحه في مباراة مجلس الخدمة المدنية. أثناء وجوده بالتفتيش التربوي درّس اللغة الإنجليزية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية فرع البقاع، وكلية إدارة الأعمال والعلوم الاقتصادية فرع عاليه.
كما شارك في إعداد منهج الترجمة والتعريب في المناهج التربوية الجديدة الصادرة عام 1997، وفي الدورات التدريبية التي هيأت للمناهج الجديدة أعدادا وإشرافا وتفتيشا. وبالإضافة لكل ما ذكرت فقد قام بتدريب ثلاث مجموعات من المفتشين التربويين. وقد أنتُدب لمؤتمر تربوي دولي في بريطانيا عام 1999 وترأس وفد المفتشين لزيارة مدارس مهنية في سوريا عام ٢٠٠١.
بعد التقاعد شارك في لجان مباريات مجلس الخدمة المدنية حتى العام 2010، حين تولى رئاسة تحرير مجلة الميثاق الصادرة عن مؤسسة بيت اليتيم الدرزي وما زال حتى تاريخه. بالاضافة الى كل ذلك، فهو محاضر وخطيب في عدة مناسبات تربوية وثقافية واجتماعية.
*- أبرز مؤلفاته
بالإضافة إلى المحاضرات العديدة التربوية والأدبية والاجتماعية التي أعدها وألقاها في مناطق مختلفة في لبنان، صدرت له الكتب الآتية:
"أراء في الإنقاذ التربوي" عام 2000.
وهو يضم مجموعة مقالات ومحاضرات أبرزها "حاجاتنا في التربية الحديثة "، "أولادنا وفصل الصيف"، "المسؤولية التربوية المشتركة"، "دور القوى المحلية في دعم المدرسة الرسمية"، "ثوابت المعلم الناجح"، "أهمية الملعب المدرسي".
"خواطر تربوية" عام 2002 واهم مواضيعه "كن قاضيا لا محاميا"، "إعداد الملفات المنزلية"، "زهر الزيتون"، "إدارة الصف"، "علامة السلوك"، "الدرس الناجح"، "الابريق الفارغ" الذي ورد كنص للغة العربية في امتحانات الشهادة المتوسطة لدورة ٢٠٠٨ الاستثنائية.
"عرمون في الذاكرة والطبيعة" وهو يتناول تاريخ عرمون الحديث وجغرافيتها وطبيعتها وأهم إنجازات القرن العشرين ومحطات من ذاكرة العيش المشترك والتقاليد والاغتراب والتراث التربوي والأدبي.
مذكرات فندي الشعار إعدادا وإصدارا في كتابَي: "العقود الثمانية" و "عشرون عاما مع عارف النكدي".
"إبراهيم خداج المربي الصديق"، كتاب في السيرة الذاتية والتربية والصداقة والوفاء"
"المربية غادة الشعار يحيى،" كتاب في السيرة الذاتية والتربية والثقافة العائلية"
بالإضافة إلى ذلك مئات المقالات قيد الإعداد لإصدارها في عدة كتب وهي منشورة في مجلة "الميثاق" ومجلات أخرى.
مكافآته:
كتاب تقدير من التفتيش المركزي خلال١ إدارته لمدرسة عيناب الرسمية.
وسام الأرز الوطني من رتبة فارس عام 2004.
عدة حفلات تكريم أقيمت له في مناطق عديدة في لبنان وتضمنت عددا من القصائد الفصيحة من الشعراء : الياس حبشي، ريمون قسيس، صالح الدسوقي، نبيل هاني، عزت الشعار،كمال سري الدين وغيرهم.
دروع تكريمية من عدة جهات منها المكتبة الوطنية في بعقلين - درع كمال جنبلاط، درع من المجلس الثقافي في زحلة، درع من رابطة بيصور الرياضية الثقافية ، درع من الجمعية الدرزية في تورنتو كندا بعد مشاركته في المؤتمر الدرزي الثالث عام 2005، درع من جمعية "تجمع عرمون بلدتي"، درع من الحزب الديمقراطي اللبناني-وحدة عرمون، درع من مكتب التربية والتعليم في الجبل، احتفال تكريمي اقامه تجمع مدارس المتن الاعلى في بلدة بتخنيه، احتفال تكريمي في مدرسة العرفان فرع ضهر الاحمر، احتفال تكريمي في زحلة.
من مبادئه التربوية الاجتماعية
1- يؤمن بان التعليم والتفتيش بالقدوة أجدى بكثير من الوعظ والإرشاد والعقاب ، ويؤكد أن المربي معلما كان ام مفتشا ام مسؤولا يجب ان يبقى مربيا اينما كان واينما حل ، وليس اثناء الوظيفة فقط.
2- احب التفتيش التربوي ، ورأى فيه تواصلا ممتعا مع الناس لانه يتيح الفرصة لإصلاح الإنسان وضبط القائمين على تربيته دون اللجوء الى العقوبات إلا عند الضرورة القصوى وبعد استنفاد جميع وسائل التقويم والإصلاح والتوجيه ومعالجة أسباب الخلل وتفهم ظروف الخطأ او المخالفة .
3- آمن بالتعليم الرسمي وأهمية التفتيش التربوي في صيانة المدرسة الرسمية وتفعيل الدعم الأهلي لها. وقد اعتبره المفتش العام التربوي المرحوم الدكتور كاظم مكى من رواد الدعم الأهلي للمدرسة الرسمية.
أضواء على جوانب من أداء عمله
- نفد 3077 زيارة تفتيشية أثناء خدمته الرسمية من ربيع 1979 حتى العام 2001 ، مما يشير الى انه لم ينقطع عن زيارات المدارس في جميع المحافظات ( ما عدا الشمال ) غير عابئ بمخاطر الحرب والصعوبات الامنية معتمدا في ممارسة مهمته على استنهاض الهمم والحث على تحمل السؤولية الوطنية ، وتعزيز الإيمان بالمدرسة الرسمية وبقيامة الوطن مهما طالت الاحداث .
- انجز بين العامين 1979-1982 فقط خمسة وعشرين تكليفا خاصا بالتحقيق في محافظة البقاع بالاضافة الى زيارات التفتيش (اشارة الى مغامرته وتعرضه للخطر وصعوبة التحقيق في سنوات الحرب.
- انتقل الى البقاع في تموز 1983 مع ناقلي أسئلة الامتحانات الرسمية بطائرة عمودية للجيش اللبناني ليواكب تلك الامتحانات في زحلة وجوارها ، وذلك لانقطاع طريق ضهر البيدر بسبب الاجتياح الإسرائيلي (إشارة أخرى الى المغامرة في سبيل الواجب).
- أصر على تفتيش مدارس قضاء حاصبيا في ظل الاحتلال الاسرائيلي عام 1982 ليؤكد للمواطنين هناك وجود الشرعية اللبنانية وعدم تخليها عن رعاية شؤونهم .
- كثيرا ما تساقطت قنابل القصف وتطايرت رصاصات القنص أثناء انطلاقه إلى المدارس او العودة منها او وجوده فيها على سبيل المثال : الغابون ، عين عنوب ، الشويفات العمروسية، عليه حارة الناعمة ..... فكان يحس بالاعتزاز لأنه كان يمنح المدارس ومن فيها التشجيع وقوةً الصمود والثقة بالنفس.
- كذلك كان لا يأبه للعواصف والصقيع والتلج عند تأدية واجب شرط أن تكون الطريق سالكة، وقد ردّد مرة عندما كان يخطو للدخول الى مدرسة فالوغا الرسمية فوق الجليد" إن من لايأتي اليكم في الصقيع لا يستحق أن يأتي اليكم في الربيع".
من أقواله
1- إذا ابتعد قريبك عنك مترا واحدا ، فاثبت مكانك ولا تبتعد عنه مترا آخر ،لأن التقارب خلال متر واحد اسهل منه خلال مترين .
2 - أطردوا الفقر من المدرسة الرسمية".
3- بدعم قليل للمدرسة الرسمية نوفر الكثير مما تدفعه للمدرسة الخاصة".
4- مدرسة رسمية ناجحة نبني وطنا متماسكا يُحبه أبناؤُه".
5- التفتيش التربوي صمام أمان للمدرسة الرسمية.
6- لا قيمة للسعادة إذا انفرد بها الفرد دون المحيطين به.
7- من الخسائر الكبيرة ان تضيع فرصة تستطيع أن تخدم اليها الآخرين.
8- العلاقة الودية بين المعلم والتلميذ ، والمفتش والمعلم عنصر أيجابي فعال في تحسين الاداء والإنتاج والنتائج.
9- التفتيش التربوي هو بمثابة الشرايين الدقيقة التى تصل الى كل أطراف الجسم لتغذيها وتربطه.
10- التفتيش التربوي ليس سلطة للتمتع بها، بل هو سلطة نخدم الناس عبر المدرسة الرسمية ونردع بها كل من يتجنى عليها أو على المعلم.
قالوا فيه
1- "اليوم يجمعنا شفيق يحيى .. يلفتنا هدوءه، تشدنا إشراقته المعبرة عن طيب سريرته، وعن القيم التي يعمر بها صدره. لم نشهده الا مستبشرا. لم تعرفه غاضباً ولا عبوسا ولم يحبس قلبه ضغينة...
شفيق يحيى جملة قيم وجملة قدرات .انه العربي والإداري والكاتب والشاعر والاجتماعي، ورجل الشأن العام ، وحسبه من القيم أنه يريد أن يكون نافعا ومفيدا وأن يكون العطاء مسيرة لا نتوقف فهو يرتاح بالتعب إذا كان التعب يعني العطاء وبالعطاء يؤكد استمرار شبابه........"
"شفيق يحيى رجل عطاء ورجل حنان أمين على الشأن العام مندفع عفوا للاهتمام بالآخرين وهوفعلا شفيق ، ولكل امرى من اسمه نصيب"
"شفيق يحيى المعطاء الناضج كعناقيد العنب في كانون ، تزدحم فيه حلاوة العطاء"
"هذا التكريم شئناه بداية لقاءات مماثلة تنتظرك في الأوساط التربوية المتعددة."
" شفيق يحيي أكد وما يزال بأن التفتيش مدرسة تعلمنا فيها العطاء "
(من كلمة الدكتور محمد کاظم مکی في تکریم شفيق يحي في شباط2000)
2- "في مسيرة تربوية تزيد على الأربعين سنة اعطى شفيق يحيى بجودة وسخاء معلما ومديرا ومفتشا تربويا ومايزال عطانه يتنامى كلما عمقت تجربته ....... : غير أن السؤال الذي طرحه شفيق يحيى على نفسه : كيف نصون المدرسة الرسمية وتنهض بها في هذه الظروف ؟ وكان الجواب من شفيق يحيى العصامي المبادر: التربية رسالة والمسؤولية شرف، ولابد من زيارات فائقة للمدارس ومن لقاءات الاهل والمعلمين بالمحاضرات والندوات والاحاديث وبالقلم التربوي في كل نشرة وصحيفة غير آبه بالصعوبات والمخاطر الأمنية"
"عالج شفيق يحيى في كتابه أكثر من ثلاثين قضية .....وتجدر الإشارة الى ان مضامین محاضرات السيد يحيى وندواته ومقالاته تعبر عن الأصالة والعفوية والنقاء .انها من خبز التربية البلدي غير المستوردة من الخارج ولا المستقاة من المراجع الاقليمية والمصادر العالمية لانها خلاصة معاناة يومية وتجربة مستمرة".
(من تقديم المفتش العام التربوي الدكتور محمد كاظم مكي لكتاب"آراء في الانقاذ التربوي")
3- "شفيق يحيى أخ للجميع، مدرسة في القيم الأصيلة المسلوخة من قلب الجبل .. هو لائق وليس متملقا، متواضع وليس وضيعا في كل مواقفه .عزة نفسه هي الرقم الصعب الذي لا يفرّط به مهما كان الثمن.
(المفتش التربوي الاستاذ فؤاد مراد اثناء حفلة التكريم في التفتيش المركزي بيروت في 2-2-2002)
4- " الاستاذ شفيق يحيى بالنسبة لنا والى كل من يعتبر نفسه للمدرسة الرسمية، او منها هو المعين الأول والنصير المخلص والمربي القدوة"
(مها الذيب - مديرة مدرسة بتاتر الرسمية 7/11/1994)
5- "اليوم، وبعد ربع قرن على هذه العلاقة، ولأن الشهادة أمانة، كما نقول في مأثوراتنا الشعبية، استطيع أن أشهد أن شفيق يحيى: محب لوطنه، متعلّق بارضه، عاشق لبلدته، وفيّ لقومه، أمين على جذوره بارّ باسرته حافظ لأصدقائه.
وأنه يضع الندى في موضع الندى والسيف في موضع السيف. وأنه طيب السريرة، ثابت الجنان، عفّ التسان حتى ليصح فيه ما قاله كرنيليوس فانديك ذات يوم في بني قومه: تعاشر الواحد منهم خمسين سنة فلا تسمع منه ولا مرة لفظ سوءة ولا قصة فيها شيء من الخلاعة."
(المفتش التربوي سلمان زين الدين في تقديمه لكتاب"عرمون في الذاكرة والطبيعة"2013)
6- "هذا ليس كتاباً في التربية، إنه تربية عبر الحياة.
تقرأه ، فتشعر فجأة بانعكاسية في المواقف، بل قُل مواكبة المؤلف في كل معاناته، وترتاح اليه، فهذا ابعد بعداً من النظريات الجافة، وأهجر ظلماً للمصطلحات والتعاريف والأسماء الرنانة. مقالاته، على وفرتها ، وقد أربت على الأربعين ، خفيفة، سريعة الهضم ، تخاطبك وتحاورك وحتى ، تستر شد احياناً برأيك ، بموقعك ، بمداركك ، بمشاركتك .
شفيق يحيى هو الكتاب . فان كنت تحبه ، ولا اعرف من لا يحبُّه ، فستُحب كتابه . تجده في كل كلمة ، في كل تعبير، بعيداً عن التكلُّف والإمرة ، غريباً عن الأبراج العاجية والترفع ، يحيط بكل معاناة التربية، عالماً بأن ما يقدمه من مقترحات وحلول ليست الوحيدة ولا المتفردة، بل هي سهم في كنانة التربية موتورة على زنود " صيادي الكلمة".
(الاستاذ سامي بريدي من تقديم كتاب "خواطر تربوية")2002
شفيق انت للتكريم أهل فإن أثنيت’ إنك تستحقّ
شفيق أنت للإخلاص رمز إذا ليل دجا واسودّ أفق
فإنك يا شفيق اليوم بدر بهيّ ضاحك القسمات طلْق
(أبيات من قصيدة الاستاذ كمال سري الدين مدير ثانوية قرنايل الرسمية في تكريم شفيق يحي في شباط)2003
أيها المبدع الشفيق لقد وفيت تبني الاجيال خير بناء
أنت نعم الربان يهزأ بالموج وينجو من غضبة الأنواء
(الشاعر صالح الدسوقي من تكريم شفيق يحي في المكتبة الوطنية في بعقلين2002)
إن شفيق يؤم زحلة ويلقي قمقم الطيب فالاريج عبيق’
الشاعر الياس حبشي من قصيدة أهلا بالشفيق عام2000)