الشيخ مكرم المصري - 28-9-2023
الأستاذ شفيق قاسم المصري
قبل البدء في ذكر سيرة المربي الفاضل الأستاذ شفيق قاسم المصري، سوف أسمح لنفسي بأن أتقدم بالشكر لكل شخص ساعد في إنجاح هذه الدراسة وأخص بالذكر عائلة المغفور له الأستاذ شفيق المصري، وفي مقدمتهم نجله المقدم رواد المصري صاحب الأفضال الكثيرة عليّ شخصياً، وإبنته الأديبة رنده المصري صالحة والتي أتحفتنا بوضع مقدمة كتاب "حصاد الخريف" والتي ذكرت فيه نبذة عن حياة المؤلف.
*- نبذة عن حياة الأستاذ شفيق المصري
... في ذاك الربيع المتفتّح من العام 1922 جاء النهار السابع والعشرون ممن شهر نيسان حيث ولد طفلٌ في بيتٍ تغمره البركة، وكأنما ولدت معه نفحةٌ من ذلك الخير وفورةٌ صاخبةٌ من تلك المحبّة... ولد المربّي الكبير الأستاذ شفيق قاسم المصري في بلدة القلعة التي ترتاح هانئة على منحدرات جبل الكنيسة وتتكئ مع أخواتها من قرى المتن الأعلى على كتف وادي لامارتين حيث تنهل من ينابيعه العذبة وتتنامى في أحضان نسائمه المنعشة.
في هذا الجو العابق بسحر الطبيعة وغموضها، ما كاد الولد يقارب عامه الثاني حتى سلخته الحياة عن والده الذي هاجر إلى المكسيك تاركاً شفيق مع شقيقه الأصغر أسعد ووالدةٍ مكافحة تعينها على مصاعب الحياة جدةٌ أحاطت العائلة الصغيرة بالعطف والحنان والعزم على الإستمرار رغم كل الضغوطات في تلك الأيام الصعبة.
وكان شغف المعرفة متوارثاً في العائلة، فبدأ الأخوان بتلقّي علومهما الأولى في مدرسة النهضة الوطنية بإدارة الأستاذ محمد عمار أبو الحسن بين سنديانات القلعة العتيقة. ظهرت موهبة الشعر والذكاء الأدبي مبكراً لدى التلميذ المتميز إلى أن نال الشهادة الإبتدائية (سرتيفيكا) في العام 1983، وهي كانت الشهادة الأعلى التي يمكن الحصول عليها ضمن منطقة الجبل في تلك الأيام. بعدها بدأ الأستاذ شفيق رسالته التربوية ومعها بدأت تظهر مواهبه الشعرية والأدبية والتعليمية في نفس المدرسة التي نهل العلم منها وتلقى علومه الأولى فيها.
*- مرحلة الشباب
في العام 1943 كانت بلادنا قد مرّت بفترات صعبة إلى أن نال لبنان استقلاله، فالتحق الأستاذ شفيق بصفوف الجيش اللبناني ليناضل في سبيل الوطن، وبقي السلك العسكري لمدة ثلاث سنوات عاد بعدها لينغمس في مستقع الحياة الصعب ويبدأ عملاً شاقاً ليتخطى المصاعب التي واجهها آنذاك كا شاب طموحيسعى دوماً إلى الإرتقاء والتطور. ورغم كل المصاعب التي فرضتها ظروف المرحلة، كانت روح الشباب المفعمة بالوطنية والعروبة تضج في دمه وتطلق صرخات النضال الداعية إلى الذود عن الوطن والأرض والسعي الدائم إلى إحقاق الحق وترسيخ العدالة. هذه المثل العليا وجدها المربي الكبير في روح وتعاليم المعلم الخالد كمال جنبلاط، فانتسب إلى حزب التقدمي الإشتراكي في العام 1952، وانخرط في صفوف الكادحين من أجل مواطن حر وشعب سعيد إلى أن جاءت الثورة الشعبية ضد النظام الجائر عام 1958 فكان من مجاهديها الأشداّء حيث عيّنَ آمراً لفصيل المتن الثاني في 29/7/1958.
لكن ما خبّأهُ له القدر في العام التالي (1959) كان من المحطات القاسية جداً، حيث فجع بوفاة شقيقه الوحيد أسعد في المهجر، فحرم بذلك من الشقيق والصديق الذي منافساً له في الشعر والأدب والزجليات الفكاهية الرائعة ومسانداً له في مجابهة أزمات الحياة ومشقاتها.
*- تأهله وبداية مسيرته التربويّة
تبلورت مسيرة الأستاذ شفيق التربوية عام 1959 ووجد أن سبيله وهدفه السامي في الحياة هو تربية الأجيال على المثل العليا والقيم الأخلاقية الراقية، فأسس مع الأستاذ فوزي نسيب المصري لمرحلةٍ تعليميةٍ جديدة عبر إدارتهما المشتركة للمدرسة التي احتضنتهما طفلين وأغنتهما بمناهل العلم والأدب، ألا وهي مدرسة النهضة الوطنية القلعة.
تعرف خلال مسيرته في التعليم إلى تلميذته سلمى حليم المصري فتأهل منها في العام 1960 وأسسا معاً عائلة قوامها ثمانية أولاد خمسة منهم إناث (توفيت أضغرهن جنان غرقاً عن عمر يناهز السنتين) وثلاثة ذكور. بعد أن رزق بناته الأربع، تاق مجدداً إلى اكتساب المعرفة والعلم، فسافر إلى جمهورية مصر العربية منتصف ستينات القرن العشرين لينال الشهادة التوجيهية التي أهلته لتحقيق الهدف الذي طالما رامه وهو الحصول على الشهادة الجامعية في اللغة العربية وآدابها، وهذا ما حققه لاحقاً حينما انتسب إلى جامعة بيروت العربية وتخرج منها مجازاً في الأداب عام 1973. خلال هذه الفترة لم يترك رسالة التعليم بل استمر يعلّم ويتعلم حيث انخرط في الهيئة التعليمية للمدرسة التي أسّسها حينذاك الأستاذ نديم أبو فخرالدين في خلوات فالوغا تحت إسم ثانوية المتن العالية عام 1965.
تميّزت ثانوية المتن العالية بالمناقبية التعليمية المتطورة والرقي التربوي الهادف فاستقدمت أساتذة وتربويين ومدربين من الخارج (مثل بريطانيا وغيرها) إضافةً إلى النوعية المختارة والمميزة من الأساتذة المحليين، مما لاقى طموحات المربي الأستاذ شفيق المصري الذي كان يحلم بنظام تعليمي متكامل ومختلف. هذا الأمر جعله يستلم المدرسة المذكورة من الأستاذ نديم أبو فخر الدين حين هاجر الأخير إلى السعودية عام 1975، وقد عاونه في الإدارة الأستاذ سلمان بلوط للإستمرار في المسيرة التربوية والمضي بها نحو الأفضل.
لكن الظلمات تقفل نوافذ النور أحياناً إلى أن يسطع نور الشمس فيبددها، وتلك كانت حقبة في لبنان سيطرت فيها العتمة على الضوء مع ظهور بوادر الحرب الأهلية القاسية التي دمّرت الكثير دون أن تتمكن من تدمير الروح الووطنية العالية والإندفاع العلمي في ثانوية المتن العالية، فاستمرت في عطائها واستقبلت غير مرة المعلم كمال جنبلاط في محاضرات إرشادية إنسانية وفكرية قبل استشهاده في العام 1977. واستمر الأستاذ الكبير يعطي كنوز العلم في فترات الهدوء وكنوز المساعدات العلمية والإنسانية في خضم المعارك وخلال ضوضاء القذائف التي أصابت المدرسة مرات عديدة. حتى حين كانت الدروس تتوقف تحت وطأة الخوف على أرواح التلامذة، لم تكن تلك المدرسة لتقفل أبوابها ، بل جعلها الأستاذ شفيق خلية عمل ناشطة لا تهدأ، فتحولت مرةً ملجاً للمهجرين من البلدات المجاورة، ومرّة ً ملاذاً للمحتاجين ومركزاً دائماً للمساعدات العينية والإنسانية. مما لا ينسى في تلك الفترة إستقبال الأستاذ الفاضل لتلامذة بلدة صليما وأساتذتها بعد أن نكبتها الحرب بمجزرة رهيبة أدّت إلى نزوح الأهالي منها. والأمر نفسه حصل مع المدرسة العلمانية الوطنية في رأس المتن حين تعرّضت لتفجير إرهابي شرّد طاقمها من أساتذة وتلاميذ إستقبلتهم ثانوية المتن العالية بأذرع مفتوحة وقلب عطوفٍ محب. وفي مرحلة متقدمة وبعد حلول السلام رحّبت المدرسة بطاقم ثانوية قرنايل الرسمية التي خضع مبناها لأعمال ترميمية عام 1995.
كل تلك الفترات مرّت وهاتيك اليد مفتوحة على مداها، فكم من الأولاد تعلّموا دون مقابل أو بأقساط زهيدة تراعي ظروفهم المعيشية الصعبة، وكم من الأجيال ترعرعت وكبرت متأثرة بمناقبية وأخلاق ذلك المربيّ الكبير الذي أحب التلامذة صفوفه بشكلٍ جعلهم يُ قبلون على تعلّم اللغة العربية بتلهفٍ وفرحٍ وشوقٍ دائم لاكتساب المزيد. هذا المزيد بذله الأستاذ شفيق المصري بكل إندفاع وكأنه كان يعطي كل تلميذٍ قطعة من قلبه وعقله وبسمةً تنفحها فكاهته التي ما كانت تفارقه أبداً حتى كاد لا يخلو بيت في منطقة المتن الأعلى من إحدى مقولاته التي أصبحت مأثورة لديهم.
لم ينحصر النشاط التربوي للأستاذ شفيق المصري بالتعليم فقط، بل تعدّاه إلى النشاطات الأدبية والثقافية والرياضية، فاستلم رئاسة نادي الجلاء الرياضي الأدبي القلعة- الخلوات لفترة تألق فيها نجم النادي عالياً في شتّى الميادين، حيث ألّف له الأناشيد والأعمال المسرحية الهادفة، مثل مسرحية "لبنان للكل" التي عرضت في العديد من المناطق، ونشيد النادي الذي بثّ الروح الرياضية والمنافسة الشريفة والأخلاق العالية في عقول الشباب دون أن يغفل رابط المحبة والألفة بين أفراد الأسرة والمجتمع. كذلك كان نهجه ثابتاً لا يتغير إنْ خلال انتخابه عضواً في بلدية القلعة على مدى سنواتٍ طوال، أو مشاركته في لجنة بناء المركز الاجتماعي في القلعة الذي أصبح اليوم صرحاً متميزاً في منطقة المتن الأعلى.
عاش حياته محبّا للشعروالأدب في جميع أشكاله، فجمع في منزله مكتبةً قوامها الآلاف من الكتب التي كان يمكن أن يمر يومٌ دون أن يخصها بخلوةٍ ينهل خلالها من مكنونات تلك الكتب وأسرارها، فتوسعت مداركه وآفاقه وأصبح طموحه أن يعمم ثقافة المطالعة بين الشباب فأعاد تأسيس مكتبة نادي الجلاء ليفتحها أمام كل محبّ للمعرفة وسلعٍ لاكتساب العلم والمعرفة.
*- مولفاته
يملك الأستاذ شفيق المصري العديد من الدواوين الشعرية الغير منشورة بالإضافة الى كتابه حصاد الخريف التي جمع فيه كل أشعاره وكان يريد طباعته ونشره ولكن قدر الله سبقه فقد وافته المنية قبل طابعته، وبعد عشرون عام على وفاته قامت زوجته وأبنائه وبناته بطباعة هذا الكتاب تخليداً لذكراه.
هو كتاب شعر وقصائد وكلمات ألقاها المؤلف في مناسباتٍ مختلفة، كذلك قسم المؤلف كتابه حصاد الخريف إلى سبعة أبواب، في كل باب يتضمن حقبة زمنية معينة:
ما يميّز هذا الكتاب الأشعار التي ألقيت في كل مناسبة من المناسبات مثلاً في الخمسينات وتحديداً عام 1958 يقول الكاتب: "كان مد القومية العربية على امتداد الوطن العربي وكانت عبارة من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر على كل شفة ولسان وقد سطع نجم القائد العربي جمال عبد الناصر فملأ ديار العروبة حركة وحياة. وكان لا بد أن تؤثر هذه الحركة في لبنان سلباً وإجاباً فكانت ثورة 1958 وقدّر لي أن أكون من جنودها، ودفعت الثمن خمسة عشر يوماً في السجن وحكماً بالإعدام. ومن المفارقات في ذلك الحين أن الوسيط لإخراجي من السجن مان شقيق الرئيس الراحل كميل شمعون. المهم أني خرجت من السجن إلى البيت حيث قضيت ليلة مع المرحومة الشيخ ام شفيق وبعدها إلى المختارة حيث التحقت بالثوار وبقيت هناك ستة أشهر كاملة. بعد إنتهاء الثورة عدنا إلى البيت وأٌيم إحتفال للشهيد نبيه أمين المصري في صليما ألقيت خلاله كلمة الكاتب الشهير أميل الخوري ثم هذه القصيدة في 23/11/1958". سوف أذكر مطلع هذه القصيدة:
ملأوها مفاسداً ونــــــــــــــــارا واغتيلاً وخسةً وصغــــــــارا
جنةٌ عاثت الثعالي فيهــــــــــــا أينما كان تحفر الأوجـــــــارا خرّبتها ودنّست كل شـــــــــيءٍ من ثراها وألبستها العــــــارا عصبةٌ همّها ثراءٌ وبــــــــــذخٌ أحرقتنا لتشعل السيجــــــارة تاجروا وارتشوا وباعوا نفوساً كيفما كان تنشد الـــــــدولارا فسلوهم هل وفّروا في بــلادي أي شيءٍ ولو قلوب العذارى
في الحقبة الناصرية ألقلى الكاتب شعراً بعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا تقاطرت الوفود اللبنانية إلى دمشق لتهنئة جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة وكان آل المصري من الوفود العديدة مع أقاربهم آل هنيدي في جبل العرب فكانت هذه القصيدة. سوف أذكر مطلعها.
عـَ مطلّة التاريخ وقّفت الزمان يشاهد عجيبة تمخّضت عنها الجيال
بعد التخاذل والمذلّة والهـــوان بعد الدسائس والغدر والإحتيـــــــال بعد المذاهب والطوائف والفتن بعد طغمة همها بلع الأمـــــــــــوال بعد الحدود الزايفة ومية كيـان وفي كل يوم مؤمرات واغتيــــــال
في حقبة الإعتداءات الإسرائيلية وتحديداً في العام 1982 كان عم الذلّ والعار لكلّ العرب، بل لكلّ هذا العالم، عالم النفاق والكذب والخداع والعهرالسياسي عندما اقتحم العدو الصهيوني لبنان وحاصر عاصمته بيروت. فكانت هذه القصيدة سوف أذكر مطلعها.
دمروا بيروت، بيروت العنيـــدة
أهدموا بيروت، بيروت العقيــدة
أحرقوا بيروت، بيروت الشهيدة
إنّ في النار علاجات عديــــــدة
إنما في النار للكـــــــــذب دواء
إنما في النار للعهـــــــــر دواء
إنما في النار للدجـــــــال دواء
إنما في النار لــــــــــلذلّ دواء
وعندما توفي الفنان القدر نبيه أحمد أبو الحسن قدم الأستاذ شفيق واجب العزاء وألقى في هذه المناسبة الحزينة قصيدة رثاء سوف أذكر مطلعها.
تركت الفن والدنيا سريعــــــا بكارثةٍ لها لبنان ريـــــعا وخلّفت المسارح في حـــــدادٍ وأبكيت المذيعة والمذيعا وصار الناس حيرى بعد نجمٍ تعالى يناشد الفنّ الرفيعا يخوض إلى محيط الفنّ بحراً من الآلام صخّاباً مريعا
كان الأستاذ شفيق ضليعاً في الشعر والزجل ففي بيروت في 16 نيسان 1945 قال بيت زجل من أروع ما قرأت شعراً زجلياً يقول:
يــا فــؤاد حــاج تــتــبـــهــور وتــتــعدّى عــاولاد الـكـــار
مـدفــع حـولـو أســود الـغاب فــي عــمــرو مــا بيتكســـر مـدفــع حـولـو أســود الـغاب مـــن هــجـمـاتك ما بيـهاب عـلـيـّي خــود بـالـك تـعـتــب لــو فـــزّزتـك ألـف شــوار
لــولا هــاجـمـتـك بالسـيـــف وحــرمـتـك إيــّام الكـــيـف
يا حيف عا شخصك يا حيف يسـكــن في قـاع الأبــحــار
يــا فــؤاد مــنشـان تــرتــاح وحتّى عن شخصك أصفح ســلّــم أحــلالــك يــا صـاح بوجّـــــــهلك آخــــر إنـذار
لم تقتصر كتابات الأستاذ شفيق المصري على المناسبات الوطنية أو على الزجل فقط بل كتب شعراً لنبع الحنان فبمناسبة عيد الأم أقيم إحتفال في ثانوية المتن العالمية عام 1978، القى شعراً بالمناسبة سوف أذكر مطلعه.
أطير فـي الـفـضاء وأبـلــغ الــقــمــر
أطــاول الــسمــاء أصــارع الـقـــدر
أغوص في البحار أغـالـب الــزمـن
أسـيـر فـي الـقفـار أقـاتـل الــمـحــن
وعــنـدمـا أعــود أعود في المساء
تـكـون بإنتظاري يـزيـّنـها الـوفـاء
فـتـرشف الدموع وتـمسـح الـعرق
وأغــفــو طـويلاً عـلـى زنـد أمّي
ويختم كتابه ببارقة أمل فيقول: على أمل اللقاء نعيش وعلى أمل الحياة الحرة الكريمة في وطنٍ حر تنقضي أيامنا وتمرّ ليالينا بطيئةً كليل امرئ القيس الذي تسمّر إلى جبل فلم يتحرك من مكانه، ومع ذلك فقد عاش امرؤ القيس حتى رأى النهار أمّا نحن في لبنان فما ذلك أمامنا ليلٌ طويلٌ طالما أن الشمس تطلع من الشرق، والشرق كما هو حتى الآن مقفل أمام النور وكل ما له علاقة بالضوء.
وفي الختام لقد كانت له جولات شعرية وأدبية لا تضاهى، فمن حيث الأدب كانت المنابر تهتز لوطء كلماته وكانت الآذان تطرب والقلوب تخفق لإيقاع قصائده الموزونة والعامية والنثرية. كذلك كانت له أبحاثه ودراساته فألف نواة كتاب عن سيرة الشيخ الفاضل ملحم المصلريي إستندت اليه المرحومة الشيخة إم هادي زوجة الشيخ سلمان المصري لإصدار كتابها عن الشيخ المذكور. وجمع الوثائق الكثيرة القديمة والقيم في دراساتٍ عن بلدة القلعة وعن تاريخ آل المصري وجذورهم فيها. ولاحقاً جمع كل قصائده في ديوان أسماه "حصاد الخريف" لكن خريف العمر لم يمهله لإتمامه فوافته المنية في الرابع والعشرين من تشرين الأول عام 1999، مختتمةً تلك الفصول النادرة من حياة زخرت بالمحبة والخير والعطاء ففاض قلمه بما كان يعتلج في قلبه كما فاضت بلدته القلعة وقرى المتن الأعلى بشراً وحجراً وشجراً بمحبته واحترامه والإستمرار في ذكر مآثره، وهذا كان الدافع لإصدار هذا الكتاب كي يكون مرجعاً تاريخياً لتلك الحقبة المليئة بالأحداث ، ونسمةً عطرة من ذكراه بين أيادي أهله ومحبّيه.
وكما بدأت أختم بالشكر لعائلة المغفور له الأستاذ شفيق المصري على مساعدتهم لي بالإضاءة على تاريخ هذا الكبير من بلادي وأخص بالشكر صاحب الأيادي البيضاء ابنه المقدم رواد المصري، وابنته الأديبة رنده المصري صالحة على هذه المدونة المميزة.