تاريخ المؤسسات الاستشفائية في الجبل - مستشفى كمال جنبلاط الشويفات - الجزء الخامس


الشيخ مكرم المصري - 26- 2 -2023 

مقدمة:

بهدف التعرف على تاريخ مستشفى كمال جنبلاط، ولتدوين تاريخها العريق ولكي نعرف مجتمعنا على تاريخ مؤسساتنا التي نقدر ونحترم، توجهت الى هذا المستشفى في الشويفات حيث التقيت مديره الدكتور أجود عبد الخالق الذي خصني بهذه المعلومات بعد الإطلاع على الأرشيف الخاص بهذه المؤسسة.


نشأة مستشفى كمال جنبلاط الشويفات


قبل بدء الحرب الأهلية في لبنان العام ١٩٧٥، كان لبنان ينعم بالإستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي، في تلك المرحلة كان وطننا الحبيب موطناً للعلم والثقافة والفن حيث أطلق عليه إسم مستشفى الشرق وسويسرا الشرق.

بعد إندلاع الحرب الأهلية، تقطعت أوصال الوطن، ونصبت المتاريس وتعذر على المواطنين التنقل من منطقة إلى أخرى لطلب العناية الطبية، وبرز التحدي الأكبر والحاجة الملحة لتأسيس وإنشاء مؤسسات صحية في مختلف المناطق في لبنان، فما كان من الأيادي الخيّرة البيضاء، الدينية والسياسية والإجتماعية إلا تأسيس جمعية كمال جنبلاط الاجتماعية كمستشفى ميداني، والتي بدورها قامت بعمل دؤوب وأسست مستشفى كمال جنبلاط في مدينة الشويفات للتخفيف من معاناة المواطنين وتقديم العناية الطبية اللازمة لأبناء المنطقة والمقيمين ولباقي المناطق من كل الجهات السياسية والدينية، وكذلك لعلاج الجرحى من جراء الحرب المشؤومة.



مؤسسو مستشفى كمال جنبلاط


بعد انتهاء الحرب الأهلية المشؤومة، طرحت جمعية كمال جنبلاط الاجتماعية في أواخر التسعينات إمكانية استثمار المستشفى وتقدمت أكثر من جهة بمشاريعها الإستثمارية ومن بينها مجموعة من الإصدقاء، وبعد عدة لقاءات تم الاتفاق على منح حق الإستثمار لمجموعة من الأطباء الكفوئين ورجال أعمال خيرين وهم: الدكتور حكمت الأحمدية، الدكتورمروان أبو فراج، الدكتور وليد يحيي، الدكتور رياض غريزي، الدكتور كميل العياش، الدكتور سالم مطر، الدكتور أجود عبدالخالق، الدكتور صلاح أبي المنى، المهندس وجدي الأشقر، الأستاذ أنور أبو غيدا، الأستاذ كمال صبرا، الأستاذ سامي قطب الدين، والمغفور لهما الأستاذ كمال غريزي، والأستاذ حسن أبو شقرا.


مستشفى كمال جنبلاط بعد الحرب


بعد تأسيس المستشفى بدأت المجموعة التأسيسية التي ذكرت سابقاً بوضع الدراسات اللازمة وبترميم المستشفى وزيادة أقسام جديدة بجهودٍ جبارة وعزيمة غير مسبوقة، وقد استغرق ذلك حوالي السنة والنصف للإفتتاح.

في العام ٢٠٠٠ قررت المجموعة التأسيسية المعروفة بـ"مجموعة الإصدقاء" تأسيس شركة خاصة بهدف قوننة عملها، فأسسوا شركة مديكل ٢٠٠٠، ش.م.م. والتي وقعت عقد الإستثمار مع جمعية مستشفى كمال جنبلاط، وقد استمرت الشركة بأعمال الترميم والتجهيز بأحدث المعدات الطبية كغرف العمليات بأعلى المستويات، ومختبر حديث ومتطور، وأيضاً قسم أشعة وبالأخص جهاز التصوير الطبقي المحوري الذي كان الأول من نوعه في القضاء. ومن ثم أسسوا العناية الفائقة بالإضافة إلى أجهزة التنظير الداخلي، وبمواكبة جهاز طبي جدير ومتمرس ومتنوع وطواقم تمريضية وإدارية وغيرها…


افتتاح مستشفى كمال جنبلاط بحلته الجديدة

بعد جهود جبارة وعناءٍ طويل تم الافتتاح الكبير في الأول من أيار العام ٢٠٠١، وهو يوم عيد العمال وعيد تأسيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وبحضور الزعيم الوطني وليد بك جنبلاط وعدد كبير من رجال الدين والوزراء ونواب القضاء ونواب جبهة النضال، ومنسقي الهيئات الضامنة، ومدراء عامين ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد كبير من المواطنين.


 إنطلاق العمل في مستشفى كمال جنبلاط

منذ انطلاق العمل في المستشفى عملت بطاقمها الطبي، التمريضي والإداري، على تقديم أفضل الخدمات الطبية لكل المواطنين، حيث استقبلت عشرات الآلاف من المرضى وأجرت آلاف العمليات الجراحية، وفي فترة زمنية قصيرة أصبحت المستشفى المركزي للحالات العصية والمعقدة والعمليات الكبيرة ومركز تحويل من كل القضاء وباقي المناطق، بالأخص الى العناية الفائقة، وتكللت هذه الجهود باختيار شركة مديكل ٢٠٠٠ش.م.م. للحصول على النجمة الذهبية العالمية للجودة والتي تمّ تسليمها للشركة ممثلة برئيس مجلس إدارتها الممثل بالدكتور مروان أبو فراج في المدينة السويسرية جنيف العام ٢٠٠٥. 

خضعت ميدكل ٢٠٠٠ ش.م.م. مستشفى كمال جنبلاط في مدينة الشويفات لتصنيف وزارة الصحة واللجنة الكندية الإسترالية والفرنسية (Accreditation)، وكانت بالتصنيف الأول، المؤسسة الوحيدة في لبنان من بين ٤٥ مؤسسة صحية التي حصلت على نتيجة جيد جداً فئة B+.


 دور المستشفى في الحروب والكوارث


خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام ٢٠٠٦ قدمت المستشفى العناية الطبية للأهلين والمقيمين وللأخوة النازحين من المناطق التي طالها العدوان، حيث قدمت الخدمات الإستشفائية والجراحية للمرضى والمصابين وجرحى العدوان رغم الصعوبات التي كانت تعاني منها المؤسسات الصحية من ناحية تأمين الدواء والغذاء والمستلزمات الطبية اللازمة للقيام بواجبها الإنساني والوطني، كما قدمت خدمات طبية جمّة خلال أحداث أيار الأليمة في ٢٠٠٨ كونها كانت على خطوط التماس، وكذلك علاج الجرحى من جراء الإنفجارات التي حصلت بعد العام ٢٠٠٥ وقدمت كذلك مساعدات استشفائية لكل من قصدها من النازحين الى لبنان بعد اندلاع الحرب والثورة السورية بالإضافة الى المساعدات الطبية التي قدمتها المستشفى لأكثر من ٢٠٠ حالة عند وقوع انفجار المرفأ الأليم في العام ٢٠٢٠، ويجدر بالذكر انه في يوم الانفجار استنفركل الطاقم الطبي في المستشفى من أطباء وممرضين الغائب والحاضر منهم وعندما امتلأت المستشفى بالجرحى ولم تعد الأسرّة قادرة على الإستيعاب ولتأمين العلاج اللازم عالجت الجرحى في صالونات الإنتظار للمستشفى وفي الممرات الداخلية والخارجية.


مستشفى كمال جنبلاط وأزمة كورونا


لقد كان لإنتشار فيروس كورونا وتحوله الى جائحة أثر كبير على العالم، حيث أثقل كاهل اقتصادات الدول الكبرى والغنية، فكيف بلبنان الذي كان يعاني من أزمات سياسية واقتصادية، أضف الى ذلك الإنهيار الاقتصادي والمالي وارتفاع الدولار وانسداد الأفق وفقدان الأدوية والمستلزمات الطبية وارتفاع أسعارها بشكل جنوني بالإضافة الى ارتفاع المحروقات، وتقاعس المؤسسات الضامنة الرسمية منها والخاصة عن تسديد مستحقات المستشفيات وأزمة المصارف المعروفة، رغم كل ذلك استمرت مديكل ٢٠٠٠ مستشفى كمال جنبلاط بدورها الريادي بتقديم أفضل ما لديها من خدمات طبية لمن يحتاج، وعاهدت المواطنين الكرام بالإستمرار بواجبها الإنساني كما فعلت سابقاً وتفعل اليوم وستستمر بفعل ذلك في المستقبل القريب والبعيد ان شاء الله.


كلمة أخيرة للدكتور أجود عبد الخالق مدير المستشفى


في النهاية تتقدم إدارة وشركاء وأطباء وموظفي شركة مديكل ٢٠٠٠ ش.م.م. بجزيل الشكر للشيخ المؤرخ مكرم المصري ولمجلة الرأي الأخر الإلكترونية لتسليط الضوء على تاريخ وانجازات المؤسسات التوحيدية في لبنان، راجيين من الله أن يوفقكم من عملكم وينير دربكم ويعطيكم دوام الصحة والعافية.


١٠- المصادر والمراجع

- أرشيف مستشفى كمال جنبلاط ميدكل ٢٠٠٠ ش.م.م. بتاريخ ١٣-١-٢٠٢٣.

- مقابلة أجريت مع الدكتور أجود عبد الخالق مدير مستشفى كمال جنبلاط مديكل ٢٠٠٠ بتاريخ ١٣-١-٢٠٢٣.