امجد سليم -10- 4- 2023
إنّنا نسير صوب فوهة بركان، وثورة عالمٍ جديد تبشّر بما هو أعظم. ولا زال مسؤولون في "دولةٍ" فقدت كل مقوّماتها وتتلاشى، يرفضون أن يخرجوا من ذلك الصندوق الصغير ويشاهدوا بأم العين أن لا حياة بما يطالبون، وأن لا رابحاً بدولةٍ كانت يوماً ما تتبنى التنوّع والتقدّم، والعيش المقبول، بدولةٍ كانت عاصمتها موطن كل أغنية، وأصبحت فيديو يوثّق انفجاراً، دولة استقبلت كل الشعوب على أرضها عرباً وأجانب، ولديها مغتربين في جميع أنحاء الأرض. بدولةٍ كانت تسير مع الوطن، وفجأةً صعدت في قطار المشاريع والتقسيمات. نشوة السلطة مميتة. لم يبالوا أنهم شاركوا في التقسيم ليأخذوا قسماً مما كان كله لهم! تركوا الوطن، واكتفوا بالدولة.
اكتفوا بالدولة اسماً لا فعلاً، واستخدموا السلطة المعطاة من الشعب ضد الشعب، وتحكّموا بالحكم إلى أن فقدوا الحكم، أو استبدلوه بحكّامٍ من مكاتب أمنيةٍ خارج الحدود. اكتفوا بدولة اللّا- دولة، وأزالوا الغطاء عن وطنٍ جريحٍ، وتركوا غربان العالم تنهشنا!.
الحدود لا حدود لها، وميزان العدل بيع في مزاد الغرف السوداء، والقرارات نصائح، والقانون قانون موسيقى لا نسمع منه إلّا عندما تعزف على أوتاره الأصابع المتسخة… نراه بين أيادي المجرمين يكبّل بعزفه أوتار حناجر الشعب العظيم!
إنّنا أصغر من الصراع القائم، وخطة القرن جاهزة، وحوكمة العالم ليست ببعيدة، وحربٌ باردة أطلقت رصاصتها الأولى في اقتصاد العالم أجمع.
صراعٌ على المياه، وصراعٌ على النفط، وصراعٌ على طرق الاقتصاد العالمي، ومن يحتل المرتبة الأولى، إسرائيل، سوف تصبح عاصمة الشرق بعدما أثبتت للعالم أنها وحدها آمنة، وكل مَن حولها متطرفٌ وإرهابي. الخليج جلس في زاوية، وباقي الدول العربية منكوبة، وأصبحنا الشرق الفقير!..
لا يتكلّمون عن إنجازٍ عربي، بل عن حجم اللجوء، وعدد القتلة، وعدد التفجيرات، وأخبار التكفير، والعمليات، والجرائم…
وفوق كل ما قيل، لدينا في وطننا حكام لا ينظرون خارج نوافذهم، ولا يسمعون إلّا لأنفسهم، وكل من هو تابعٌ لهم. وتختلف التوصيفات لكل مَن عارض طريقهم المنحدر من "عميلٍ إلى أزعر، إلى أتباع سفارات". والحقيقة واحدة: إنّنا بالنسبة لهم درجة ثالثة، أو رابعة، ولا رأينا يهم، ولا وجودنا ذو حاجة… إنّها قناعة عن قناعة العنصرية والانعزالية… لم يتّعظوا من تاريخ، ويعيدون نفس الأخطاء والتصرّف، ويتوقّعون نتيجة أخرى.
حالنا حالُ الغريب، نشاهد ما يحصل ولا نقوى على فعل شيء.
نرى شعبنا يُظلم ويُقتل، وأرضنا تُغتصب وتُسرق، وأموالنا تُصرف على حروبٍ لا دخل لنا فيها، وإن استمرّينا في هذه الطريق على نفس السكة التي اختاروها سوف نقع في حممٍ لن نخرج منها أبداً!
لن ينوبنا غير الجروح القاتلة إن قفزنا منه! فيتكسّر الطموح، ويتحطّم المستقبل، ولا يبقى معنا إلّا الآلام والذكريات، وحسرة عمرٍ على وطن الأرز…
علينا إيقاف القطار بأي ثمن كان، لأنّه مهما علت حرارة المواجهة لن تحرقنا أكثر مما نحن اليوم محترقون، ولكن إن ثار البركان، فسوف يحترق الوطن، ولن يبقى شيء من لبنان الذي نعرفه.
*الآراء والأفكار تعبر عن وجهة نظر الكاتب، والموقع لا يتبنى اي رأي او موقف.