الموحدون أو بني معروف.

الشيخ مكرم المصري - 15- 6- 2023

الموحدون أو بني معروف.

اول المسلمين وأساس العقيدة دم واحد عرق واحد نبض واحد.
بسم الله الرحمن الرحيم 

- من هم بني معروف؟

- ما علاقة بني معروف بالإسلام؟ وما هي تضحياتهم لنشر الدعوة الاسلامية؟

- هل يوجد فرق بين موحد وأخر؟ 

- لماذا ينادون بعضهم البعض بأخي أو بأختي؟

- هل يوجد فرق بين أبناء معروف في لبنان وسوريا وفلسطين والاردن؟
سأجيب على هذه الأسئلة في هذا السرد التاريخي.
عشيرة بني معروف هي عشيرة عربية تجري في عروقها دماء القحطانية الصافية. وفيما يلي سوف اتكلم عن كل شيء يخصها وما هو نسبها ومين أين أتت. 

يعود نسب بني معروف إلى تنوخ ومعروف هو الجد الأكبر للعشيرة. هو معروف بن العبيد بن جبر بن زبير بن جاسم بن وهب بن صهيب بن غزان بن كرب بن بهيج بن عكرمة بن عمرو بن عمر التنوخي. كان من عيون القبيلة عندما استقرت في جبال لبنان إلى أن ساد فيها، وهذا النسب قد دون عنه على قطعة من جلد الغزال موجودة عن كبار اعيان بني معروف منذ ذلك الزمان. 

هاجر بنو كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان من أرض اليمن بعد نكبة السد إلى أرض الحجاز، واستقروا في يثرب واعتبروها ملجأ لهم، هاجرت بعض القبائل إلى الشمال مثل جذام وكلب وخزاعة، وقد مروا بطريقهم على نبعة ماء يقال عنها غسان فلقبوا بالغساسنة.

أما قبيلتي الأز وقضاعة بن مالك فقد اتفقوا على الإقامة بالبحرين فسميوا تنوخا ثم نضمت لهم بطون من نمارة بن لخم وبطون من قبائل أخرى فاقاموا بالبحرين لسنين طويلة. ومن بعدها رحلوا إلى العراق عندما علموا باختلاف ملوكها.


 رحلت منهم فئة مع مالك القضاعي فنزلت شمالي العراق. عندها استنجد بهم ملك الروم عندما غزاه الفرس وقد انجدوه وقاتلوا بصفوفه قتالا شرسا وشديدا، ثم حاربوا الفرس وحدهم وانتصروا عليهم عندها أعجب بهم ملك الروم فوزع عليهم الأموال والذهب والهدايا وقد اقطعهم سوريا وجورها في بلاد الجزيرة. 

من بعد هذه الحادثة انتقل أحد افراد القبيلة اسمه قحطان إلى البرية الواقعة بين حلب والمعرة واصبحوا قبائل مستقلة مع مرور الزمن، أما القسم الثاني الذي ظل في العراق سكن بين الحيرة والفرات في العام ١٣٨ م، وأول ملك لهم هو مالك بن فهيم ثم جذيمة بن الوضاح، والذي اتفق مع كسرى الفرس في العام ٢٢٦م، على أن يكون عرب الحيرة عونا للفرس في حربهم على الرومان، تسلم الحكم بعده عمر بن عديه من اللخميين وتأخذ الحيرة عاصمة له، واعلن استقلاله عن الفرس عندها غزاه ملك الفرس، فتقهقرت دولته وهاجر الكثير من تنوخ العراق إلى تنوخ الشام، واقاموا معهم أما من بقي منهم فقد عاشوا تحت حكم ابن عمرو ابن عديه.

فيما بعد تولى الحكم المنذر الرابع وبعد حادثة قتله الشهيرة نزلوا إلى حلب واللاذقية واستقروا عند اقاربهم. وعندما بدأت الدعوة الإسلامية وانتشار الاسلام خارج الجزيرة كانت الشام أولى المحطات لنشر الدعوة الاسلامية. ومما شجع الجند لاقتحام الشام وجود القبائل العربية التي كانت تشارك ملك الروم في الحكم، غسان في الجنوب وتنوخ في الشمال.


 حاربت هذه القبائل في بداية الدعوة الإسلامية ثم سرعان ما آمنوا بالدعوة والدين الجديد وحاربوا من أجل انتشاره في بلاد الشام بوجه الروم الذين تكاثروا على المسلمين مما جعل ابا بكر يكتب إلى الخالد بن الوليد ليبادر إلى نجدتهم في سوريا.

سار خالد ومعه ١٥٠٠ مقاتل من لخم وجذام بقيادة عون بن الملك المنذر، ومن بعده ابنه مسعود بن عون، وبعد اشتراكهم في احتلال قلاع البصرة والشام وحلب وانطاكيه قام عمر بن الخطاب بأمر ابو عبيده بن الجراح بأن يولي هذه العشيرة بلاد المعرة اعترافا بفضل جهادهم، وهناك امتزجوا باقاربهم التنوخيين الاقدميين.

اشتهر منهم قبيلتي تنوخ وربيعة القحطانية، واللتان نبعت منهم الأمراء التنوخيين والمعنيون. استوطنوا في جبل السماق اعالي غرب حلب، وعندما قدم الخليفة المنصور إلى حلب في العام ٧٦٠م، لدراسة الوضع الأمني على الساحل الشامي وجد الرغبة عند أمير المعرة الرغبة لاستقلال بلاده وضم بلاد جديدة فاقطعه جبال لبنان أو جبال بيروت بحسب المؤرخ التنوخي صالح بن يحي، فنزلوا بحصن وادي التيم، والذي كان يعرف بحصن وادي تيم الله، ثم حصن ابي الجيش وهنالك جرت بينهم وبين المردة أنصار الروم معارك طاحنة انتصر التنوخيين أو بني معروف فيها، وقد ساعدهم في معاركهم قبيلة بني لام العربية التي استوطنت جبال الشوف في عهد عبد الملك بن مروان. عندها أصبحت جبال لبنان موطنا للموحدين.


عند وصول الدعوة التوحيدية كانوا اول المتقبلين لهذه الدعوة واستبسلوا في الدفاع عنها، وقد حاربوا المرتدين عن الدعوة وعلى رأسهم سكين والدرزي الذي ادعى الألوهية فتم قتلهم والقضاء عليهم وعلى اتباعهم، ومنذ ذلك العصر أطلق عليهم اسم الموحدون الدروز ولن اغوص في تفاصيل هذه المرحلة لانها خارج موضوع بحثنا هذا. حكم التنوخيون لبنان وقاتلوا الصليبيين ووقفوا بجانب المماليك في العديد من المعارك داخل البلاد الشام وأحيانا خارجها وصولا إلى معركة قبرص والذي شارك بها التنوخيين وقد تكلم عن هذه المعركة صالح بن يحي في كتابه تاريخ بيروت، ولكن في بعض الأحيان كان التنوخيون يعتمدون السياسة المزدوجة لكي يحافظوا على وجودهم وعلى نقاء دمائهم.

بعد هزيمة المماليك في معركة مرج دابق في العام ١٥١٦م، ضعف نفوذ التنوخيين وبرز نجم المعنيين مع الأمير فخر الدين الذي ساند العثمانيين في حربهم ضد المماليك، فكافأه واعطاه قطاع جبل لبنان بحكم ذاتي واعطاه لقب سلطان البر. في عهد الأمير قرقماز كانت النكسة الأولى في تاريخ بني معروف، فبظاهرة غريبة ولأول مرة بتاريخ الموحدين تم خداعهم من قبل السلطنة العثمانية، فقد طلبت منهم تسليم سلاحهم لينعموا بأمن ذاتي وهذه الحادثة كانت الحادثة الأولى بتاريخ العشيرة المعروفية ان يسلم الموحد سلاحه لأغراب، وما أن سلموا سلاحهم حتى انقض عليهم العثمانيون بالقرب من عين صوفر وقتلوا الآلاف من الموحدين وهرب الأمير قرقماز إلى قلعة نيحا حيث توفي هناك.

 توسعت الإمارة المعنية في عهد الأمير فخر الدين الثاني فضمت الإمارة لبنان وسوريا وفلسطين وشرقي الاردن واستطاع أن يتغلب على والي حلب ووالي دمشق برأيه وحنكته وذكائه، وأن يكسب في الوقت نفسه رضا السلطنة العثمانية فنال في العام ١٦٢٤ لقب سلطان البر وهو نفس اللقب الذي ناله جده قبل ١٠٨ أعوام في عهد السلطان سليم. ومن ثم قدم الأمير علم الدين على رأس قوة واستقروا في جبل حوران. وفي العام ١٦٩١م قدم آل الحمدان من كفرا إلى الجبل، ومن ثم عادوا إلى لبنان بعد عودة الأمير فخر الدين من توسكانا. وبما أن العصبية القبلية باقية في قلوبنا إلى يوم الدين، بدأت النزاعات القبلية في جبال لبنان بين الموحدين القحطانيين والعدنانيين حتى انقسموا إلى قسمين عرفوا باليمنيين والقيسيين. 

في العام ١٧١١ كانت النكسة الثانية في تاريخ بني معروف فبعد معركة عين داره المشؤومة بدأ التصدع في البيت المعروفي الداخلي، ادى هذا التصدع الى هجرة اليمنيين بني معروف إلى جبل حوران واستقروا هناك. 

سوف اكتفي بهذا السرد التاريخي لأصل ونسب بني معروف عند هذا الحد، ولكن سوف استشهد بقول لأمير البيان الأمير شكيب أرسلان: "لا يوجد في العرب الحاليين في الجزيرة العربية عرب أصحاح أكثر من بني معروف " مثبتا ذلك من خلال سحنتهم العربية الصرف وتشابه بعضهم البعض.

 وهكذا اكون قد رديت تاريخيا على بعض المتطاولين على أصل وعراقة الموحدين واللذين يريدون نشر الإشاعات لسلخنا عن عروبتنا وعن مجتمعنا الإسلامي، فنحن اول المسلمين وأول المدافعين عن الأمة الإسلامية مع سيدنا سلمان الفارسي(ص) في معركة الخندق. وأقول لهم أيضا وبكل بساطة نحن دم واحد عرق واحد نبض واحد لا فرق بين لبنان وسوريا وفلسطين والاردن فكلنا مرجعنا واحد وقلبنا واحد وعقيدتنا واحدة أبانا واحد وأمنا واحدة.


*الآراء والأفكار تعبر عن وجهة نظر الكاتب، والموقع لا يتبنى اي رأي او موقف.