السويداء - سهيل حاطوم - 26-6-2021
تمثل الأدوات التراثية التي تركها لنا الأجداد والآباء جزءا هاما من التراث المادي الذي يشكل ذاكرة حية لتاريخ الشعوب وخير شاهد على أسلوب حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم وقصص وحكايات كدهم وكفاحهم وما تحمله من غنى وعمق حضاري.
وتجسد المقتنيات القديمة في جبل العرب أحد جوانب التراث الشعبي الغني والمرتبط بذاكرة الأجيال، وخير تعبير عن الحياة التي كان يحياها الأجداد وما كان يستخدمونه من وسائل في معيشتهم وما كانوا يستعملونه من أثاث وأمتعة وأدوات للحياة في بيوتهم القديمة .
ويشير الباحث في التراث وعضو مجلس إدارة فرع جمعية العاديات بالسويداء المخرج/ تيسير العباس/ إلى أن التراث كما أجمع عليه لغويون ومؤرخون هو كل ما يخلفه السابقون للاحقون، ويشمل الماضي والحضارة والتاريخ والفن والأدب والموسيقا والعلوم والقصص والآثار وكل ما يمت إلى القديم بصلة، وهو أيضا تراكم خبرة الإنسان في حواره مع الطبيعة من جهة وحواره مع متطلبات الحياة من جهة ثانية.
ويبين / العباس / أن جبل العرب غني بالكثير من الأدوات القديمة التي تدخل في سجل التراث المادي والمرتبطة ارتباطا وثيقا بالعادات والتقاليد ، مشيرا إلى أن تلك الأدوات منها ما يتعلق بالصناعات اليدوية التقليدية كصناعة السجاد والبسط ومنها ما يرتبط بالزي العربي الشعبي من لباس الرجل والمرأة ومنها ما يمثل أدوات الزراعة والحصاد والمأكل والمشرب وسواها.
ويلفت / العباس/ إلى أن الأدوات التراثية التي كانت مستخدمة في البيت العربي في جبل العرب تشمل
أدوات الخبز ( التنور والصاج والمرقة والكارة والميزر وجاروشة طحن الحبوب ) ،فيما تشمل الأدوات المستخدمة في الطعام الشعبي وبخاصة أكلة المنسف ( الخلقينة والمناسف والدست والقدور والكبشة والكفكير والصواني ) ، أما أدوات المضافة فتشمل النقرة وهي حفرة صغيرة في وسط المضافة لصنع القهوة وأدوات صنع القهوة المرة والمعاميل ومطحنة القهوة والدلة والمبردة والفناجين والمحماسة ، بالإضافة إلى خابة مياه الشرب والطاسة واللوكس والكاز ومخدات الصوف وفرش الصوف والليانات .
كما تضم المقتنيات التي تمثل الصناعات اليدوية التقليدية أطباق القش والمنسفة والمغمقان وقفة الملابس وقفة الخيطان والمواسير والإبر ومسند لقراءة الكتب والمكانس والصواني المصنوعة من القش والسنارة والمغزل والمطرزات والشراشف ونول صناعة السجاد العربي والفجج ووجوه المخدات ، فيما تشمل الأدوات المستخدمة في البناء ( الشاقوف والمهدة والاسفين والبلبل والمقرص) وسواها، أما أبرز الأدوات التي كانت مستخدمة لأسطح المنازل أثناء سقوط الثلوج والأمطار فكانت المدحلة التي هي قطعة بازلتية اسطوانية الشكل محفورة في الوسط من الجانبين ومختلفة المقاسات تستخدم لدحل السطوح الترابية منعا لتسرب مياه الثلوج والأمطار للغرف، والماعوس الذي هو عبارة عن قطعة حديدية ضيقة من الأعلى وواسعة من الأسفل لها نتوء معكوف للداخل تركب على المدحلة من الجانبين لجرها والتحكم باتجاهاتها .
وفيما يتعلق بالأدوات التي تستخدم في الزراعة يضيف / العباس /بأنها تشمل المحراث الذي يتألف من السكة والفدان والمكبس والكدانة التي يثبت بها الفدان والمخلاية ، فيما تضم الأدوات التي كانت تستخدم في البيدر لوح الدراسة المصنع من الخشب والشاعوب والمذراة والخيشة والعديلة ومكاييل الحبوب التي تقسم إلى الصاع والثمنية والربعية والمد، أما أدوات حفظ المؤونة فتشمل( البيطس والدبية والقربة والشجوة والعكة ) وغيرها ، بينما تضم أدوات حفظ ونقل مياه الشرب ( الخابة والطاسة والكيلة والراويات والمنشل والدلو ).
ويؤكد / العباس / أهمية الحفاظ على التراث المادي لجبل العرب وحمايته من الاندثار خاصة وأنها تمثل أفضل تعبير عن تراثنا الشعبي، مشيرا إلى ضرورة تكاتف كل الجهود لإحداث مراكز دائم لحفظ التراث حتى لايتم مسح تلك الأدوات التراثية من الذاكرة الشعبية ومن ذاكرة الأجيال انطلاقا من أن الثقافة الإنسانية والاجتماعية قائمة على مقومات التراث واستمرار بقائه حيا ، كما يمثل جمع التراث وتدوينه وتوثيقه سلاحا بيد الأجيال لترسيخ جذورها وهويتها.
الجدير ذكره أن الاهتمام بالأدوات التراثية القديمة شكل حافزا لدى العديد من أبناء جبل العرب لتحويل منازلهم ومضافاتهم إلى متاحف صغيرة للتراث تأكيدا منهم على العلاقة الراسخة بين الماضي والحاضر، ومن أبرز هؤلاء المواطنين عصمت زين الدين الذي حول مضافته في مدينة شهبا إلى متحف للتراث وغازي حمزة في قرية دوما وحمد العشعوش وشادي سليم في مدينة السويداء.