الكاتبة علا السمان - 22 - 1 - 2022
المرحوم الشيخ ابو محمد هلال الملقب بالشيخ الفاضل
هو الشخصية الدينية الثانية، بعد الأمير السيد منذ تأسيس دعوة التوحيد حتى اليوم. وقد عرفت الطائفة الموحدة شخصيات دينية على مستوى رفيع بعد ذلك، قامت بأعمال وإنجازات كبيرة، وكانت لها شهرة ونفوذ وتقدير واحترام عند الموحدون في كل مكان، إلا أن المركز الذي بلغه الشيخ الفاضل في حياته، وبعد وفاته، ومنذ عصره حتى اليوم، لم يبلغه شيخ آخر. وقد ولد الشيخ في قرية كوكبا الواقعة على سفح جبل الشيخ سنة 1579 لعائلة فقيرة، وربما كان في هذا الواقع تأثير على منزلته وكيانه، وقد توفي سنة 1640، وبذلك يكون قد عاش وعاصر عهد الأمير الموحد الكبير فخر الدين المعني الثاني (1590 – 1635)،
اجتمع شيوخ الدين واعيان البلاد للتشاور وانتخاب شيخ عقل ، فاستقر الرأي على انتخاب الشيخ محمد أبو هلال لهذا المنصب، لما بلغه من مرتبة سامية ومكانة رفيعة وثقة كبيرة. توجه إليه عدد من المشايخ باسم باقي رجال الدين، وطلبوا منه أن يتولى شؤون مشيخة العقل، لأنه أحسن من يدير شؤونها، فرفض رفضا باتا، مفضلا أن يكرس وقته للعبادة والصلاة، ولا يريد أن يشتغل بأمور الدنيا.
عاد المشايخ أدراجهم والحسرة تنهش بهم، وأعلموا بقية المشايخ بما حصل، لكن الجميع أصروا أنهم يريدون الشيخ لهذه المهمة ولا يتنازلون عنه بتاتا، وطلبوا من البعثة أن تعود مرة أخرى إلى كهف الشيخ وتحاول إقناعه. عاد المشايخ إلى الكهف واجتمعوا بالشيخ وأبلغوه أن الجماهير كلها تريده، وأن لا يمكن أن يخيب آمالها، فوصل الطرفان إلى حل يرضي الجميع، وهو أن يقوم الشيخ مرة في السنة، في فصل الصيف، ولعدة أيام بالإجتماع بالمشايخ في قرية منعزلة عن بقية قرى المنطقة، وهناك يعرض أمامه المشايخ المشاكل المستعصية ويقوم بحلها.
وعندما ينتهي من ذلك، يعود إلى مغارته وصومعته للتعبد والزهد.
وهكذا جرت الأمور خلال خمسة وعشرين سنة، وصار المشايخ وإخوان الدين ينتظرون الزيارة في موعدها كل سنة بالشوق العظيم، ويلاقون فضيلة الشيخ، ويسمعون رأيه في المشاكل التي يعرضونها أمامه، لتصبح سنة متبعة بين جميع الموحدين. وقد جرت الإجتماعات في بلدة شويا، تحت شجرة سنديان ما زالت قائمة حتى اليوم.