رحاب هاني - 8-11-2023
هؤلاء المثاليون، المنمّقون. الذين لا همّ عندهم الا التخرج بمعدلات عالية.
يعيشون على هامش حياة خالية من موسيقى، من رسم، من صباحات فيروز و فنجان قهوتها ،من عصرونية شاي و لطافة جمعتها.
لا يفتحون نوافذهم لرائحة الياسمين العابقة من آخرالشارع ويستبدلونها بالروائح المركّبة و المصنّعة لتُعطر بيوتهم.
نجمة العشاء ترشدهم الى أسرتهم ,يصحون باكراً على نهار مستنسخ عن امسه.
هؤلاء الموظفون بدائرة الأرقام الحسابية التراكمية. جديرٌ بك ان تتابع البورصة لتعرف أحوالهم.
لا تهتز رؤوسهم لا فرحاً لا حزناً لا طرباً ولا حماسة.
تربطهم عداوة مع الدهشة وأخواتها.
لا يرتعشون برد الفراق ولا تحرقهم حرارة الأخزان.
... هؤلاء المخالفون لقانون التطوّع والإنسانية.
يعتمدون مبدأ "لكل خدمة ثمن".
فقط يتكاثرون خدمةً لغريزة الوجود والخلف الوارث.
يحرقون سنابل النخوة والمحبة و يطلبون من الرماد خبزاً.
يخفون مغزى الشكر من إبتسامتهم و يصبغونها بألوان الجُحد والتأفف.
لكم ، انتم السواد الأعظم في المجتمع يامن تعيشون في أرقكم، في فراغات روحكم.
ارخو قبضتكم عن هذه الحياة.
فمن المؤسف ان تفوتكم وانتم تكتبون فصولكم على اوراق الخريف ، تحرمون انفسكم من ربيع العمر خوفاً من عواصف شتاءه