جميل حاتم - 20-8-2023
عام 1948 كانت الدولار يعادل 2.2 ليرة السورية وفي عام 1976 كان كل دولار يعادل 3.65 ل.، وبعد احداث الثمانينات والصراع الداخلي الذي كان بداية النهاية لليرة السورية قفز سعر الدولار ليصبح 50 ليرة سورية. ومنذ مطلع عام 2000 عاد ليستقر على سعر46 ليرة سورية حتى بداية عام 2011 وانطلاقة الحرب الكارثة.
لابد من التوضيح بأن بداية طباعة الليرة السورية المستقلة عام 1948 أي بعد انفصالها عن الليرة اللبنانية السورية كان هناك تغطية لكل اصدار او طباعة وكل ليرة لها مايعادلها 40٪. ذهب مودع في البنك المركزي والباقي عبارة عن إنتاج زراعي وصناعي وثروة حيوانية وحافظت على هذه المعادلة لسنين عديدة رغم سنوات الجفاف التي اجتاحت المنطقة ايام الوحدة مع مصر وما قبلها.
وفي الستينات وبعد الانفصال عن مصر حافظت الليرة السورية على قوتها وزهوها، ونشطت البرجوازية الوطنية لتجعل من سوريا دولة مصدرة للحبوب والاقطان والاجواخ السورية والصناعات الزجاجية التي نالت شهرة عالمية حينها. وبقيت الليرة في حالة من الثبات النسبي حتى أواسط الثمانينات كما ذكرنا ولا ضرورة للخوض بكل التفاصيل.
ولابد من الاعتراف بأن انهيارالليرة بدأ فعلا مع بداية الحرب التي اشتعلت في آذار 2011 ولست معنيا بمن بدأ الحرب ولكن الذي يعنيني كاقتصادي سوري تجرع المأساة كل يوم هو قصة شعب وقع بين أطراف لا ترحم، وقصة ليرة بدأت تفقد الغطاء الاقتصادي والذهبي بشكل تدريجي حتى وصلنا الى ال14000 ليرة سورية لكل دولار واحد والحبل على الجرار في حين بات راتب الموظف والعسكري والمتقاعد لا يتجاوز ال 150 الف ليرة اي بحدود 10 دولار شهريا، وباتت الفجوة تتسع بين طبقة ممسكة بزمام الاقتصاد من مسؤولين وتجار، وتجار أزمات ومهربين لاتتجاوز نسبتهم 15٪من عدد السكان وبين أعداد هائلة من الناس التي فقدت ثروتها وفقدت القدرة على التحكم بمصيرها ومصير اولادها وعائلاتها.
الليرة الان تطبع بلا غطاء ذهبي او اقتصادي والدولار يتحكم به مجموعة من الكومبرادور الداخلي صعودا وهبوطا وتهريب للخارج في ظل غياب إدارة سليمة للاقتصاد الوطني وغياب الإرادة في الإصلاح وتقديم المصلحة الخاصة على مصلحة وطن بما فيه من بشر وثروات ذهبت أدراج الرياح .............
لم تنقطع نداءات الوطنيين الشرفاء بالدعوة إلى الإصلاح منذ بدء الأزمة وحتى هذه اللحظة بل لازالت الحكومة السورية واصحاب القرار على إصرارهم وبنفس الطريقة والأدوات دون أي تفكير بعبارة ماهو. الحل. ؟؟؟
كل من بالداخل يعرف الحل حتى راعي العجال يعرف الحل ولازال المسؤولون عن الحل غير معنيين اطلاقا بما يعانيه الملايين من الناس ، والمواطن العادي غير معني بالسياسة انما يتحسس بقوة واقعه الكارثي وما آلت إليه معيشته ومعيشة أطفاله ومستقبلهم المزري. أجيال هجرت وأجيال تفكر بالهجرة، ولكن هل أمورهم ميسرة وجميعهم بخير لااعتقد ذلك وللهجرة ضريبتها..
فيا ايها. المسؤول أن كنت فردا او عشرة أفراد أو الف او خمسمئة الف نتمنى من الصميم التفكير بمصير هذا الشعب المنكوب الغارق في مستنقعكم.