الأستاذ الشيخ مكرم المصري - 17 - 1 - 2022
فناء الريحان الكبير
تتقدمه ساحة البركة أو "فناء الريحان" الكبير المستطيل الشكل، تتوسطه بركة المياه وتظللها أشجار الريحان، ونقشت في زوايا فناء الريحان عبارة (النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا أبي عبد الله أمير المؤمنين…) والآية الكريمة (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم)، وفي النهاية الجنوبية لهذا البهو باب عربي ضخم، هدمت المباني التي كانت وراءه، ولم يبق منها سوى أطلال. وتوجد في هذه الأطلال بعض النقوش مثل "لاغالب إلا الله" "عزّ لمولانا السلطان أبي عبد الله الغني بالله". ويؤدي باب فناء الريحان الشمالي إلى بهو صغير اسمه "بهو البركة".
بهو السفراء
يؤدي البهو الذي يلي فناء الريحان من الجهة الشمالية إلى بهو السفراء (أو بهو قمارش) الذي يعد أضخم أبهاء الحمراء سعةً، ويبلغ ارتفاع قبته 23م. ولهذا البهو شكل مستطيل أبعاده (18 × 11م) وفيه كان يعقد "مجلس العرش"، ويعلوه "برج قمارش" المستطيل.
فناء السّرو
يؤدي بهو البركة من جهة اليمين إلى (باحة السرو). وإلى جانبها الحمامات الملكية، وأول ما يلفت النظر غرفة فسيحة زخارفها متعددة الألوان مع بروز اللون الذهبي ثم الأزرق والأخضر والأحمر وفي وسطها نافورة ماء صغيرة، وتعرف باسم غرفة الانتظار. أما الحمامات فتغمرها الأنوار الداخلة عبر كوات بشكل ثريات وأرضها مرصوفة بالرخام الأبيض، ومن الحمام يتم الدخول إلى غرفة الامتشاط والاستراحة التي تكثر فيها الرسوم الغريبة عن الفن الإسلامي، ويتخلل الحمامات أبهاء صغيرة.
قاعة الأختين
تقع في شرق بهو البركة. عُرفت هذه القاعة بهذا الاسم لأن أرضها تحتوي على قطعتين من الرخام متساويتين وضخمتين.
بهو السباع
تؤدي قاعة الأختين من بابها الجنوبي إلى بهو السباع أشهر أجنحة قصر الحمراء. قام بإنشاء هذا الجناح السلطان محمد الغني بالله 755 هـ / 1354م ـ 793 هـ /1391م. وهو بهو مستطيل الشكل أبعاده (35م × 20م) تحيط به من الجهات الأربع أروقة ذات عقود يحملها /124/ عموداً من الرخام الأبيض صغيرة الحجم وعليها أربع قباب مضلّعة. في وسط البهو (نافورة الأسود)، على حوضها المرمري المستدير اثنا عشر أسداً من الرخام، تخرج المياه من أفواهها بحسب ساعات النهار والليل.
تعطلت مخارج المياه في هذه البركة حين حاول الأسبان التعرف على سر انتظام تدفق المياه بالشكل الزمني الذي كانت عليه. من الجدير بالذكر أن الحضارة الإسلامية استخدمت الفوارات في زخرفة الحدائق العامة والخاصة، وقد وصلت براعة المهندسين المسلمين في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي حداً كبيراً في صنع أشكال مختلفة من الفوارات يفور منها الماء كهيئة السوسنة، ويتم تغييرها حسب الحاجة ليفور الماء كهيئة الترس وفي أوقات زمنية محددة، وتمثل فوارات قصر الحمراء وجنة العريف نموذجاً متطوراً لما وصلت إليه إبداعات المسلمين في ذلك الوقت.
قاعة بني سراج
منتصف الناحية الجنوبية من بهو السباع مدخل قاعة بني سراج Sala de Los) (Abencerrajes الغرناطيين. ولهذه القاعة شكل مستطيل أبعاده (12م × 8م). فرشت أرضها بالرخام. وتعلوها قبة عالية في جوانبها نوافذ يدخل منها النور. وفي وسط القاعة حوض نافورة مستديرة من الرخام.
قاعة الملوك
في جهة شرق بهو السباع مدخل قاعة الملوك Sala de Los Reyes. زين سقف الحنية الوسطى بصور عشرة من ملوك غرناطة تعلوهم العمائم، تعبر ملامحهم عن الوقار والكبرياء. أولهم محمد الغني بالله. وآخرهم السلطان أبو الحسن والد أبي عبد الله. وهناك صور فرسان ومشاهد صيد.
منظرة اللندراخا
في جهة شمال بهو السباع وقاعة الأختين بهو منظرة اللندراخا Mirador de Lindarata. وذهب بعضهم في تفسير هذا اللفظ بأنه محّرف لثلاث كلمات عربية (عين دار عائشة). والجدير بالذكر أن عائشة كانت إحدى ملكات غرناطة في القرن الرابع عشر الميلادي. وإن لفظ (عين) يفيد (نافذة). وتتألف هذه القاعة من بهو صغير مضلّع.
متزين الملكة
جناح علوي صغير في نهاية الطرف الشمالي للحمراء. تحت (برج المتزين) Torre de Peinador الذي يعود إلى عهد السلطان يوسف أبي الحجاج. الجدير بالذكر أن الجناح المجاور لساحة الإمبراطور شارلكان من جهة الجنوب يحمل لوحة رخامية تذكارية تذكر أنه كان مقاماً للكاتب الأمريكي واشنطن إيرفينج عام 1829 الذي اشتهر بكتابته فتح غرناطة وقصر الحمراء.
الزاوية والروضة
وهناك منطقة مهجورة من القصر في جهة الغرب كانت زاوية أو مصلّى فيها ميضأة وقاعدة مأذنة. وكانت خرائب الروضة مدفناً لملوك بني نصر ملوك غرناطة في جهة جنوب باحة السباع. وعثر في الروضة على شواهد عدة لقبور تعود لملوك غرناطة.
مملكة الفن
وتنسب الغالبية العظمى من الإنشاءات التي أقيمت في الحمراء وما تزال قائمة إلى يومنا هذا إلى يوسف الأول(1333-1353) محمد الخامس (1353-1391). بدءًا من إصلاح القصبة، والقصور، ومرورا بالتوسع الذي تم فى السور المحيط بالقصر، وباب العدل، والتوسع في زخرفة الأبراج وإنشاء الحمامات وبهو قمارش وقاعة البركة، وانتهاء بباحة الأسود وملحقاتها. أما عمن تلاهم من الملوك النصريين فلم يبق فعليا ما يمكن نسبته إلى أحد منهم.
منذ عهد الملوك الكاثوليك وحتى وقتنا هذا يمكننا ملاحظة هدم جزء من المبان المعمارية بواسطة كارلوس الخامس وذلك لبناء القصر الذي يحمل اسمه، وتشييد غرف الإمبراطور ومتزين الملكة ، كذلك نلاحظ ما عاناه قصر الحمراء من إهمال ابتداءً من القرن الثامن عشر. كما تم إزالة جزء من القلعة أثناء الحكم الفرنسي، وحتى القرن التاسع عشر لم يتم البدء في إصلاح هذا الجزء ولا ترميمه وما زال على حاله.
يمثل الفن المعمارى لدولة بني الأحمر مرحلة التمام لعهد الازدهار الذي بدأه الأمويون فى قرطبة فى القرن الثامن. وعلى الرغم من أن هذا الفن المعمارى لا يعكس أي تأثر بالفن المعمارى القرطبى المتمثل في مسجد قرطبة والذي سبق عهد الحمراء بتاريخ طويل، إلا أنه استطاع أن يقدم لمسات خاصة في الفن المعماري الأندلسي كالأقواس الحدوية ذات الطُّنف (وهو إطار واسع مثلث تلتف فيه الأقواس)، والركنيات (وهى عروة مثلثية من الأقواس).
اهتمامات المعماريين
انصب الاهتمام الأكبر للمعماريين في إنشاء قصرالحمراء على تغطية جميع المساحات مهما كانت صغيرة بالزخارف. فصارت كل عناصر الزينة تبدو ضئيلة. فتجد أن أغلبية الأقواس الداخلية ماهي إلا أشكال للزينة ولا تساهم في دعم أي شيء من البناء، كما أن الحوائط مغطاة بالخزف والجص، والزخرفة بديعة المنظر. كانت النقوش التي تغطي هذه الحوائط عبارة عن إطارات من الخشب المشغول بأشكال بديعة، إلخ. على الرغم من أن تجسيد الصور يعد من الأمور المحرمة في الفن الإسلامي، إلا أن عوامل الزينة تتنوع كثيرا فى الحمراء. فتُستخدم الخطوط العربية القديمة وتبدو في كتابات مائلة بخط النسخ، والخط الكوفى؛ وبالإضافة إلى كلمات زاوى بن زيري (مؤسس سلالة بني الأحمر) فيمكننا قراءة ما يلي عليها: "ولا غالب إلا الله"، قصائد للعديد من شعراء البلاط الملكي.
إن العنصر الزخرفي الأكثر استعمالا من قبل معماريي غرناطة هو فن الزخارف النباتية، بينما تظهر الزخارف المتشابكة وشباك المٌعيَّن بشكل أقل. كما يستخدم في الحمراء نوع خاص من الأعمدة التي لا توجد في أي مبن آخر. فهو عمود ذو ساق أسطوانية دقيقة جدا، وقاعدة ضخمة تتصدرها حلية معمارية كبيرة مجوفة، ومزينة بحلقات في الجزء العلوي منها. وينقسم تاج هذا العمود إلى جزئين، أولهما على شكل أسطواني تغطيه زخارف بسيطة، وفوقه منشور بزوايا دائرية ومزين بالزخارف النباتية.
أحد العناصر الزخرفية المثيرة للإعجاب في قصر الحمراء هو القبة ذات المقرنص، التي تتكون من فتحات متراكبة، ويتميز بها كل من قاعة بني سراج و قاعة الأختين.