السّويداء.. متحفٌ مفتوح في الهواء الطّلق ومدينةٌ سُكنت منذ القرن الثّاني قبل الميلاد

سهيل حاطوم

ما إن يدخل الزائر إلى أزقّة مدينة السويداء وحاراتها حتى يجد نفسه في متحف مفتوح في الهواء الطلق يثير لديه الكثير من الخيال كيف لا وهذه المدينة مرت عليها العديد من الحضارات والتي يعود أقدمها إلى الألف الثانية قبل الميلاد.

وتحافظ المدينة على أوابد متنوعة من المباني ذات الطراز النبطي و الروماني و البيزنطي وفق الباحث في آثار المنطقة حسن حاطوم من أبرزها الكنيسة الكبرى التي تطل واجهتها على الشارع المحوري وسط المدينة مباشرة ويعود تاريخ بنائها إلى القرن السادس الميلادي وسور المدينة وقلعتها وقصر الحاكم وعناصر سكنية كنعانية وآرامية تم الكشف عنها خلال السنوات الماضية ضمن الحي الشمالي الغربي من المدينة القديمة. 

ويشير حاطوم إلى أن المدينة التي يعود تاريخ السكن فيها إلى القرن الثاني قبل الميلاد تتميز بمعبدها النبطي وبركة الحج ضمن الحي الشرقي الذي يعود إلى نهاية العصر الهلنستي وقبل الروماني والمسرح الكبير والمسرح الصغير الأوديون وطرق وكاتدرائية ومعبد آلهة المياه والكنيسة الصغرى ضمن الحي الجنوبي الذي يعود للفترة البيزنطية.

 وتتكون المدينة القديمة معمارياً كما يقول حاطوم من الأحياء الثلاثة المذكورة التي تم إنشاؤها خلال عصور مختلفة حيث تقع في الجهة الشمالية الغربية المدينة الأولى (سؤادا) التي يعود تاريخ بنائها إلى عصور البرونز والحديد (العصور الكنعانية والآرامية) وتمثلت على شكل هضبة مرتفعة وتل مجهز بأسوار وقلعة وقصر وبركة مياه خلال الألفين الأولى والثانية قبل الميلاد والجهة الشرقية يوجد فيها حي يعود إلى عصر ما قبل الرومان من نهاية العصر الهلنستي إضافة إلى الجهة الجنوبية وفيها الحي العائد للعصر البيزنطي بدأ من القرن الثاني الميلادي حتى القرن السادس الميلادي.

 ويلفت حاطوم إلى أن شارع النجمة الأثري يعد أحد أهم وأقدم الشوارع والمعالم الأثرية والسياحية في المدينة القديمة في السويداء حيث تضم المنطقة الممتدة من شارع النجمة إلى قوس الكنيسة الصغرى الأثرية في مدينة السويداء عدداً من المواقع الأثرية المهمة أبرزها ميدان الخيل والحمامات وكنيسة مربعة الشكل. 

ووفق الباحث في آثار المنطقة فإنه تم خلال السنوات الماضية الكشف عن الجزء الجنوبي لبوابة السويداء الغربية الأثرية غربي منطقة دوار النجمة والتي تعود إلى الفترة النبطية الرومانية في نهاية القرن الأول الميلادي وتعد صلة الوصل بين مدينة السويداء في تلك الفترة ومنطقة قوس النصر شرقاً وشارع النجمة إضافة إلى الكشف عن الجزء اليساري السفلي للبوابة الأثرية لمدينة السويداء والتي يعود تاريخها أيضاً إلى نهاية القرن الأول الميلادي وتقع شمال شارع النجمة. 

هذه المكتشفات الأثرية تؤكد أن مدينة السويداء القديمة هي مدينة متكاملة تشابه إلى حد ما مدينة بصرى لجهة وجود البوابات والأسوار وأبنية الخدمات العامة والمسارح والحمامات الأثرية وتدل أيضاً على أن زائر المدينة كان يدخلها من بوابة رئيسة في نهاية شارع النجمة الذي يمتد إلى قوس النصر.

 ومدينة السويداء زارها العديد من الرحالة القدامى والآثاريين خلال القرن الثامن عشر وحتى بدايات القرن العشرين بدءاً من بعثة جامعة برنستون الأمريكية والعالمين الألمانيين برونوف ودوماشزيفشكي والإنكليزي بانكس والسويسري بركهاردت والفرنسيين دوسو ودونان وماسكل وصولاً إلى البعثة الأثرية الفرنسية السورية المشتركة في محافظة السويداء جنوب سورية.