الشيخ مكرم المصري - 1- 7- 2022
الست ام الجدوخ الست رحمي
بسبب عدم توفر المصادر الكافية عن سيرة سيدات معروفيات عبر التاريخ سوف أستند في هذا البحث على مرجعين أساسيين الأول مقامات بني معروف وكتاب أشعار إسلامية تذكر هذه القصة بالإضافة الى روايات سمعناها وتناقلناه من الأجداد.
الست ام جدوخ هي امرأة سيدنا النبي أيوب اسمها رحمي. وإم جدوخ لقب لثيابها الرثة.
رحمي حفيدة النبي يوسف بن يعقوب عليه السلام وزوجة النبي أيوب عليه السلام. كان النبي أيوب أحد أغنى الأنبياء إلّا أنه قد ابتلى في ماله وعياله وصحته ومسه الضر وطال بلائه ومرض أياماً وأعواماً وهو في ذلك كله صابراً محتسباً ذاكر الله في ليله ونهاره حتى ضُرب به المثل فى الصبر الجميل، وقُوَّة الإرادة، واللجوء إلى الله، والارتكان إلى جنابه.
كانت الست ام الجدوخ "رحمي" تعيش مع أيوب النبي فى نعيم حتى ابتلاه الله. وصبرت حين أحرقت النار زرع أيوب وقضت على ممتلكاته. ثم حين مات أولاده وأصابته الأمراض وحين تخلى عنه أهله وأقربائه، إضطرت علر العمل فى الأعمال الشاقة لتوفر الرزق الحلال لزوجها المريض وقدّ ذكرت هذه الواقعة في شعر:
هالقبي ما اشرفهـــــا ولي زارها بيعرفهــا
ورحمي يرحم سلفها سبحان ربي العطاها
عطاها صبر وعفي لخدمة أيوب مشتفي
سبع سنينين نقل القفي حتى الرب كفاهـــا.
وعندما ضاقت بها الحال ولم تعد تجدّ عملاً تقوم به قصت شعرها لتبيعه وتشترى بثمنه طعاماً لزوجها وقدّ قال لها أيوب النبي:
يا رحمي شو ساويتي شو عملتي لنطغيتي
كيف لشعرك قصيتي مصيبي وما حملناها
وبعد أن قصت شعرها وباعته كي تأتي بالطعام لأيوب النبي غضب منها وطلب أن تذهب وأن ترد المال وتعود بشعرها التي باعته، وفي هذا الوقت قررّ النبي أيوب ترك مكان إقامته كي لا يسبب لها إحراج وعند عودتها لم تراه فأخذت بالبكاء ظناً منها أن الوحوش البرية قدّ أكلته. فقابلها رجل فضيل رأها تبكي فسألها عن سبب بكائها فقالت له أنها فقدت جوهرة ثمينة والمقصود بالجوهرة أنها فقدت النبي أيوب، فقال لها الرجل الفضيل:
قلها وين مدشرتي وان شفتي بتعرفــــــــي
يوم الكان ربي شافي شخصيتك كناياهـــــــــا
قلها ها انا أيوب محلا الصبر عالمكتوب
بأمر علام الغيوب أيام مضيناهـــــــــــــــا
كانت رحمي سيدة جميلة فتعرضت لمضايقات الكثيرين وإغرائهم لها بالمال والهدايا الثمينة ولكنها كانت عفيفة شريفة وكانت تسعى للحصول على الرزق الحلال بكفاحها وعملها وعرق جبينها وكدّ يمينها.
تعتبر رحمي من النساء التي خلدها التاريخ فى صبرها مع زوجها، وأيضاً هي من اللواتي تركن أنصع الآثار فى دنيا النساء الفاضلات زوجة صابرة أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جواره فى محنته حين نزل به البلاء، واشتد به المرض الذى طال سنين عديدة، ولم تُظْهِر تأفّفاً أو ضجراً بل كانت متماسكة طائعة.