الدكتورة جمال عبيد - 26 - 6 - 2022
بناءً على طلب من أخٍ عزيز يريد أن أكتب عن الرجل كما كتبتُ عن المرأة. وكنتُ قد توخَّيتُ الإنصاف والموضوعية في مقالي السابق عن المرأة، وأتمنى أن أكون منصفةً أيضًا في هذا المقال الذي أخصصه للرجل.
الرجل هو ذَكَر الإنسان البالغ والمرأة هي أُنثى الإنسان البالغة، وتُستخدَم الكلمتان للتمييز الحيوي (البيولوجي) بين الجنسين فحسبُ. والحقيقة أنَّ كليهما يُكمِّل الآخر؛ فالرجلُ دون المرأة رأسٌ بلا جَسد، والمرأةُ دون الرجل جَسدٌ بلا رأس.
فيا أيها الرأس اجعل نظرتك الحياتية تدور في إطار الرجولة بكل معانيها ودلالاتها التي لا تحتاج إلى توضيح أو برهان. فالرجولة أفعال وليست أقوال، وكلمة "رجل" لا تُطلَق على شخص قبل أن يُثبِت أنه قادر على تحمُّل تَبِعات المسوؤلية التي تفرضها عليه رجولتُه. فالرجولة تنم عن صفات رائعة وراقية مثل: الشجاعه، والشهامه، والإقدام، والصدق، والنخوه والوفاء؛ لا سيما فى عصر كثرت فيه التحديات والصعاب التي تواجه الإنسان.
فالذين يتَّصفون بهذه الصفات الحميدة نستطيع أن نُطلِق عليهم (رجال)؛ لأننا نعتمد عليهم في كل وقت ونوكل إليهم المهام الصعبة والمسؤوليات الجسيمة. فهؤلاء هم الرجال القادرون على التحلي بالصبر والجلَد؛ لِما في الرجولة من قدرة على احتواء واستيعاب المواقف المختلفة بكل حزم وعزم.
للرجولة أصولُها وقواعدُها وللمروءة والشهامة دلالاتٌ لا تُغنِي عنها قوة العضل أو الصوت الجهوري. فالرجل بثقافتة لا بوسامته، وإن شئتَ فقلْ برجولته وذكائه، لا بنسبه وأمجاد سلفه.. قيمته تنبع من ذاته، كما قال الشاعر:
كُنِ ابْنَ مَن شِئتَ واتَّخِذْ أَدَبًا … يُغنيكَ مأثورُه عن النَّسَبِ
إنَّ الفتى مَن يقول هَا أَنَا ذا … ليس الفتى مَن يقول كانَ أبي
فهذه الفتوَّة هي الرجولة المكتسَبة بالأفعال المجيدة، ولكن لا وجود لرجل عظيم دون امرأة عظيمة، ولا امرأة عظيمة دون رجل عظيم، أو كما قال جبران خليل جبران: "إن الرجل يشتري المجد والعظمة والشهرة ولكن هي المرأة التي تدفع الثمن".
فألف تحيةٍ لمن كانت هذه صفاته من الرجال، ووا أَسَفًا للمنتسبين للرجولة بغير حق. فيا ترى!، هل كلُّ مَن ركِب الخيلَ صار خيَّالًا؟