الأستاذة جمال عبيد-30 - 7- 2022
أبي… يا أبي
هرعت خلفه تناديه، مسرعة الخطوات لاهثة الأنفاس يكاد الدم يتقطر من وجنتيها، سحنتها جميلة المحيّا، لطيفة الطلب…
إنها في العاشرة من العمر، والدها نبراس حياتها…
إنها لا تحب مفارقته فهي معه كيفما تحرك…
يا أبي… تعاود النداء وبأعلى صوتها؛ أما زلت تنوي الرحيل ؟! …
أمس وصلنا هنا … ومن وقت سابق كنا هناك… ملابسنا ما زالت مخبأة بین ثنايا الحقيبة السوداء، وما زال ثوبي الأبيض مطوي بداخلها…
متى يا ترى أرتديه؟!!
وأرقص فيه كالفراشات بين أصدقائي وأحبابي وفي المناسبات؟!
تمهل يا أبي
نريد أن نستريح… وأريدُ أن ألهو
وألعب كبقية الصديقات فقد سئمت السفر!
لقد تمزقت نعالي، وضاق صدري من غبار الطرق، وفي كل يوم وجه جديد وبيت جديد ألمحه سريعاً و حالاً يغيب فتذوب الذكريات ويظل ظلال الطريق…
آه… يا أبي … أصبحت حقائبنا قديمة
لم تعد تقوى على التنقل، ولم تعد تتحمل رياح السفر وكم من يدٍ عبثت بها وكم من رقيب حدق بأعيننا طالباً أن يجوس هذه الحقائب ودون تردد ندعه يحقق فضوله وربما يؤدي واجبه، إنه عبد مأمور ومأجور.
آه…يا أبي وبغصة مؤلمة…
أما آن لنا أن نحطَّ الرّحال ونفترش الأرض بأحسن حال؟!!
يا أبي كلما ابتعدنا عن أرض الوطن زاد حنيننا وشوقنا وارتباطنا فيه، حيث أهلنا وأحبابنا – وأصدقاؤنا هناك، نريد يا أبي أن نخلد بوطن دمه يسري في عروقنا فوالدتي :
كم سمعتها تقول :
((الوطن مَرتع الأَوفياء))
فنحن يا أبي أشبه بنبتة إن غيَّرت تربتها، ذبلت وسقطت أوراقها..