يعتبر الابتزاز الإلكتروني أحد أخطر أنواع الابتزاز التي تقوم على تهديد شخص على الإنترنت بتسريب المعلومات الخاصة إلى الأصدقاء أو العائلة أو العلن إذا لم تفعل الضحية ما يريده المبتز.
ويمثل الابتزاز الإلكتروني أحد أكثر المشاكل التي تواجه المستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، والإنترنت عموماً في ظل الاستخدام الكبير لها، ما يجعلها مشكلة تؤرق المستخدمين كثيراً، سواء أكانوا ضحايا أم آمنين.
وفي ظل توسّع مواقع التواصل الاجتماعي وازدياد روّداها, ظهرَت قضايا الابتزاز الإلكتروني في المُجتمعات خلال السنوات الأخيرة، والتي يمكن تعريفها على أنّها عمليّة تهديد بغية كشف معلومات مُعيّنة عن الضحيّة للإضرار به معنويًّاً أو ماديًّاً أو جسديًّاً، إن لم يقم الشخص المُهدّد بالاستجابة إلى بعض الطلبات, وهذه المعلومات تكون عادةً مُحرجة أو ذات طبيعة مُدمرة اجتماعيًاً.
ولتوضيح مفهوم الابتزاز في القانون اللبناني, تشير المحاميّة أنديرا الزهيري عضو مؤسّس وأمينة سرّ سابقة للمركز الدولي للملكيّة الفكريّة والدراسات القانونيّة ICIP إلى أن قانون العقوبات اللبناني يعتبر أن الابتزاز جريمة بموجب المادة 650 منه التي تعاقب كل من هدد شخصاً بفضح أمره أو إفشائه أو الإخبار عنه، وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو شرفه، أو من قدر أحد أقاربه، لكي يحمله على جلب منفعة غير مشروعة له أو لغيره, مبينةً أن عقوبة الابتزاز هي السجن من شهر إلى سنتين، ودفع غرامة مالية , حيث يدخل ضمن تطبيق هذه المادة الابتزاز بالكومبيوتر أو باستعمال معلومات تم الحصول عليها بواسطة الكومبيوتر والأنظمة المعلوماتية.
وفيما يتعلّق بالابتزاز الإلكتروني، توضح الزهيري أن المقصود هنا هو الابتزاز والتهديد الجنسي عبر شبكات التواصل الاجتماعي الذي لم يستثن منه أي من الفئات العمرية والجندرية (الرجال والنساء والقصار الفتيات والفتية والأطفال) بهدف الحصول منفعة جنسية أو مكاسب مادية أو معنوية.
وأضافت .. "حسب مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية بلغ عدد القضايا 1229 خلال عام 2018 وشهد 166 متهماً, وبالرغم من محاولة الحد من هذه الجريمة إلا أنها في تزايد مستمر بلغت مرحلة خطيرة ومدمرة خصوصاً للقصّار, حيث أصبحنا نسمع بانتحار لضحايا الابتزاز , إذ إن هذه الظاهرة ذات التدمير الاجتماعي والنفسي تستهدف النسبة الأكبر من الشباب والقصّار.. وزرع الخوف والارتباك والانعزال وعوامل عدة تؤدي إلى الانتحار", وهذه الأرقام تضاعفت وازدادت لعوامل عدة ذكرنا منها على سبيل المثال وليس الحصر.
وحول أسباب ازدياد هذه الظاهرة، بيّنت المحامية الزهيري أن :"الاستخدام الخاطئ لشبكات التواصل الاجتماعي وغياب دور التوجيه والتوعية والرقابة بالإضافة إلى تسرّع المستخدم بنشره بياناته الشخصية من خلال إعطاء الثقة التي تتخطى المحادثة الخطية والسمعية لتصل إلى التواصل بواسطة الكاميرا".
كما أوضحت أن جائحة كورونا والحجر الذي فاجأ الناس ساهم في ارتفاع نسبة استخدام الشبكة العنكبوتية وخصوصاً أن هناك فئة كبيرة غبر ملمذة بمخاطر هذه الشبكة بقدر إفادتها, بالإضافة إلى غياب رقابة الأهل عن أبنائهم وعدم معرفتهم بخفايا هذا العالم الافتراضي الذي هو فضفاض بقدر ما هو مفيد ويسهل نيل المعرفة منه بقدر ما يحمل من مخاطر مؤثرة على تفكك العائلات والابتزاز والتهديد وترويج الممنوعات.
وشدّدت الزهيري على أهميّة تفعيل دور المدارس والجامعات من أجل التصدي للابتزاز الإلكتروني، وذلك من خلال تنظيم محاضرات وندوات توعوية للطلبة للتبصير بجرائم تقنية المعلومات، مُشيرةً إلى أنّه لا يمكن تجاهل أهمية دور الإعلام الفاعل في توعية الشباب والفتيات حول هذه القضية التي أصبحت تقلق الكثيرين وخاصة شريحة النساء والفتيات، كما أنّ هناك أهمية للدور الأمني الممثل عبر مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في الرقابة وتنظيم حملات توعية أمنية تحذر من خطورة الجرائم الإلكترونية.