الأحمر القاني...والمجنونة !!!

سناء شجاع - 12-8-2021


هذهِ المجنونةُ
الراكنةُ جلبةً
استثمرَت كرمَ نبيذ
قالَت :لي حاجةٌ بهِ وللضّرورة
فاستهجنَ أهلُ الحيّ مطلبَها
وأخذُوا يعقدونَ حلقاتٍ
بينَ فجرٍ وقيلولة
ترى ما غايتُها من تلكَ الدّوالي،
وهيَ الصّائمةُ عن كلّ المرتشفاتِ المثيرة؟

هذهِ المجنونة
الرّاكنة بصخبِها
انتظرَت حلولَ الصّيف
راحَت تزورُ عناقيدَ الكرمى
كلّما استفاقَ ضوء
كلّما هبّت رياح
كلّما غرّدَ عصفورٌ ليأخذَها نحوَ طَيف
وعندَ القطافِ حلَا القطاف
وخاطَت من قشِّ يديْها سلالا
ذي كبيرةُ للعنبيّ
ذي الصّغيرةُ لحباتٍ ..
لبسَت من شمسٍ الشّالَ الذّهبي
ذي السّلةُ سأبقِيها قربَ جنبي
أُثمِلُ بها ثغري وبسُكّرِه أُحَلّيها

هذهِ المجنونةُ..
لا تُضيّعُ الوقت
ناداهَا حبٌّ، أحدهما قديم  العهد،
آخرهُما كثيفُ الوِدّ
نادَاها أشيبُ اسمرُ شاعر
قالَت :باللهِ عليكَ، أجِّلْ نداءَك
إنِّي في النّظمِ أنافسُكَ نظما
نادَاها التّرابُ في لحظةِ شتاء
قالَ لها: آ مجنونةً ، أنا مثلُكِ، تعالي
نصادقُ الصّخورَ وننجبَ العشبَا
فقهقهَت والعنبُ يُذاق: ما أعذبَ النّشوةَ ثمرا

هذهِ المجنونةُ
وبينمَا الكلُّ حائرٌ في أمرِها
تدخلُ ركنًا بِخفَّة
بالكادِ ملمسُ قدمَيها يتركُ وَقْعا
تدنُو نحوَ ، وبِرفقٍ
تعصرُ العناقيدَ رويدًا رويدا
في اليُمنى عنقودٌ ،اثنينِ في اليُسرى
تدلِّلُ بها الكتفَ المهجور
تليِّنُ بخلاصتِهِ الخصرا
تسكبُ القطراتُ منهُ على جيدٍ
ينهالُ رذاذًا ...على العنقِ رَجسا
تحاولُ لفَّ ذراعَيها
من مَسندِ العنقِ حتّى ملقَى  الأنامل
انسيابات جَذلا

هذهِ المجنونةُ ..
اعتزلَت مسامرةَ الكؤوس
قالَت : أعيشُ والعنقودَ عزلَتي
اصابعِي الخمسُ تحضنُهُ
شفتايَ الخمريّتانِ بعقيقِهِ تختمرُ
مذاقُ أنفاسِي عندَ مضغِهِ فَتِنُ
ذاكَ النَّفقُ داخلَ عنقٍ
يثملُ بهِ إذ ترشّفَهُ
نادمَني القمرُ بُعدًا
على مقربةٍ أُحيلُ العنبَ خمرًا وألبسُهُ
أصبغُ بهِ أثوابِي
وأقول ..الأحمرُالقانِي أفضلُهُ

هذهِ المجنونة...